علاقات زوجية حكم القدر عليها بالفشل، وقصص حب لم تكتمل، وما بين هذه وتلك ذكريات تنغص علينا الحاضر والمستقبل وتشعرنا بنهاية الحياة، فكيف نودع أو نتناسى قصة حب ولت بكل تفاصيلها ونجنب قلوبنا آلامها، ونفتح صفحة جديدة نسطر خلالها أحداث علاقة جديدة نتفادى خلالها أخطاء الماضي؟
في البداية تقول هناء محمد، مدرسة: بعد انفصالي عن خطيبي قبل فترة قليلة من الزفاف استسلمت للاكتئاب خاصة أنني كنت استعددت لزفافي، لم أستطع أن أنسي ما حدث وظللت أسيرة البكاء لفترة، وأسرتي حاولت كثيرا معي حتى نجحت فى نسيان هذه التجربة، وقد ساعدنى فى ذلك تركيزى على عملي ودعم أسرتى.
أما نادين مصطفى لم تقتصر معاناتها على هجر حبيبها بل تركت العمل لأنه كان زميلا لها وتقول: لم أستطع الاستمرار في العمل ورؤيته يوميا بعدما كسر قلبي فتركت العمل غير نادمة، وقررت أن أبدأ من جديد وساعدني أصدقائي على الخروج من هذه الحالة فشجعوني أن أبدأ بمشروعي الخاص وتطوير هوايتي في الأعمال اليدوية الأمر الذى ساعدنى كثيرا فى الخروج من الحالة التى انتابتنى بعد تلك التجربة.
أما رؤى خالد، محاسبة فتقول: ارتبطت بشخص جعلني أضحي بطموحي العملي وتركت وظيفتي من أجله لأنه رفض عملى، وبعد فشل قصة حبي بدأت من جديد ولم أستسلم لأي أحزان أو معوقات أخرى بالعكس وضعت كل طاقتي في عملي الجديد، وجعلت منه مخرجا من أحزاني حتى حققت كل ما أحلم به.
وتحكي رضوى صلاح تجربتها قائلة: عشت فترة من أسوأ فترات حياتي بعد انفصالى عن زوجى خاصة أنه تزوج بعد فترة قليلة من انفصالنا، حيث أهملت عملي واستسلمت للبكاء والحزن حتى قرر أبي أن نذهب لأداء العمرة وكانت بداية الطريق لتحسن حالتي، بعدها قررت أن أستكمل دراساتي العليا وبالفعل شغلت نفسي فى الدراسة ونست حبيبي السابق وها أنا على أعتاب قصة حب جديدة.
إعطاء القلب فرصة
تعلق الكاتبة الشابة دينا أبو حلوة على التجارب السابقة وتقول: بعد أي قصة حب فاشلة يجب أن تؤمن الفتاة بنفسها وأن الطرف الآخر هو الخاسر حتى ولو كانت صاحبة قرار الانفصال، ففي كل الأحوال يجب أن تؤمن بأنها الأفضل، وتقول لنفسها إنها تستحق الأفضل، وأن الأيام كفيلة بأن تنسيها ذكريات الماضي لكن عليها ألا تستسلم لها بل تبدأ بملء أوقاتها بعمل مفيد.
ويري الكاتب والسيناريست مجدي صابر، أن الحب الأول لا ينسي ولا يداويه أي شيء لأنه أول دفقة للمشاعر، لذلك يكون من الصعب نسيانه خاصة أن هذه العلاقة غالبا تكون فاشلة ولا يكتب لها النجاح، ويحذر من الدخول في أي علاقة عاطفية أعقاب فشل الأولى لأن النتيجة ستكون قاسية بل يجب أن يترك الشخص وقتا كافيا لنفسه حتى يتخلص من هذه المشاعر والحب القديم ويحاول أن يخرج إلى العالم الخارجي ولا يتقوقع على نفسه ويعطي الفرصة لقلبه مرة أخري للحياة والحب.
جوانب الحياة
تقول د. سمر سعودي، خبيرة التنمية البشرية: يجب على الإنسان بعد أي أزمة أن ينظر إلى كل الجوانب الحياتية المحيطة به ويركز عليها ويحاول معرفة أوجه النقص فيها لتنميتها مع مراعاة التوازن، ومن أهم تلك الجوانب النسق الديني فعلاقة الشخص بربه من أهم الأمور التي يجب النظر إليها وإحسانها والوقوف على أسباب التقصير ومعالجتها، أما الشق الاجتماعي فعلى الشخص أن يحسن علاقاته الاجتماعية من خلال زيارة أقربائه وأصدقائه، إلى جانب السعى إلى تطوير عمله وتحسين دخله وتنمية مهاراته.
أما د. منار عزب، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري، فترى أن للخروج من شبح علاقة فاشلة عدة خطوات منها الإيمان القوي وأن القدر هو السبب في فشلها وعدم لوم النفس أو تحميلها أي ذنب مع تجنب التفكير في الشخص واسترجاع الذكريات والدخول في حالة حزن، لافتة إلى أهمية الابتعاد عن الأشخاص السلبيين ومصاحبة أصحاب الطاقة الإيجابية الذين يدعون إلى التفاؤل والبدء من جديد، مع ضرورة الإيمان بأنه يستحق علاقة أفضل، والتركيز على العلاقات الاجتماعية وملء الوقت بهواية أو عمل تطوعي مفيد، إلى جانب تجنب البدء في أي علاقة عاطفية جديدة حتى التخلص من كل تراكمات العلاقة السابقة.
العلاج التخيلي
بعد التعرف على خطوات التخلص من ذكريات الماضى وعدم التأثر بسلبياته هل يوجد علاج نفسي أو خطوات تساعدنا على نسيان شخص ما أو علاقة فاشلة؟
تقول د. إيمان عبدالله، استشاري العلاقات الأسرية: يوجد استراتيجيات للعلاج يمكن بها نسيان الماضي والبدء من جديد أولها "العلاج بالتنفير" وفيه يركز الشخص على سلبيات الطرف الآخر ويتذكر كل مساوئه حتى ينفر منه تماما، ثم الانتقال إلى المرحلة التالية وتسمى " قطع الحبل اللاواعي" أو العلاج التخيلي وهو من أقوى العلاجات الناجحة والتي تؤثر إيجابيا على الإنسان حيث يتخيل الإنسان أنه يقف على مسرح وأمامه كل الأشخاص القريبين منه وفي آخر القاعة الشخص الذي يريد نسيانه ويربط بينهما حبل طويل عليه قص هذا الحبل وهذه الاستراتيجية ناجحة لأن فكرة المسرح يكون فيه الشخص كاشف لكل الناس وتحت الضوء ويسانده كل الأهل والمعارف وقد استجمع كل المشاعر القوية من التمرين الذي سبق وعند قطع الحبل يتم قطع كل الذكريات ثم يقوم العقل بنسيانه.
وتضيف: بعد تمرين التخيل يجب أن يخاطب الشخص نفسه دائما أنه أفضل وأنه يستحق شخص أفضل منه ويجب بذل الجهد من أجل المستقبل، والتفكير في الحاضر والتخطيط للغد، ويتم التركيز على الوقت الحاضر والنظر للمستقبل بشرط أن يحرص على مصاحبة الأشخاص المساندين له والبعد عن الأشخاص المصدرين للطاقة السلبية ودائمي اللوم والعتاب.
ساحة النقاش