سيارات تجوب الشوارع مجهزة بكافة الخدمات اللازمة لمد يد العون لمفترشى الأرصفة، ودور تشمل مختلف الاحتياجات الأساسية لحياة آدمية تفتح أبوابها لمن لا مأوى لهم من كبار السن، وفرق مدربة لاستقبالهم والتعامل معهم على مختلف أعمارهم وحالاتهم الصحية، كل ذلك ضمن حملة «إحنا معاك » لرعاية المشردين من كبار السن والأطفال لتكون بمثابة اليد الحانية عليهم من قسوة الشوارع وظلم الحياة، كل هذا من أجلتوفير حياة كريمة لكافة الفئات، كما تكشف جولتنا التالية..
البداية من التقرير الأخير الذى أصدرته وزارة التضامن الاجتماعى التى انبثقت الحملة منها لتعلن عن إنقاذ نحو 1725 من الحالات المشردة عن طريق فرق التدخل السريع وإنقاذ الأطفال بلا مأوى، وتقدم هذه الفرق خدمات عديدة للمواطنين ما بين الإيداع بأحد دور الرعاية التابعة للوزارة للحصول على الرعاية اللازمة بالإضافة إلى توزيع وجبات ساخنة وبطاطين للحالات التي ترفض الاستجابة، وتبدأ مهمتها من تلقى البلاغات عبر الخط الساخن ١٦٤٣٩ و ١٦٥٢٨ كذلك على رقم ٠١٠٩٥٣٦٨١١١ أو من خلال ما يتم رصده عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لتتوجه إلى الحالة وتقدم لها الرعاية اللازمة.
السيارات المتنقلة
وللتعرف على عمل الوحدات المتنقلة يقول محمد رزق، منسق غرب القاهرة للوحدات المتنقلة 2: الحملة بدأت بتقديم الوجبات الساخنة والبطاطين والإسعافات الأولية للمشردين مع رصد ومتابعة أمكان تجمعهم، ويتم ذلك من خلال المرور اليومى عليهم لتقديم المساعدة وإقناعهم بالانتقال إلى دور الرعاية لتلقى خدمة كاملة مع مراعاة أن الأولوية تكون لكبار السن والأطفال وبعض الحالات من الشباب بعد التأكد من صحيفة الحالة الجنائية لهم.
ويتابع: تضم الوحدة مسعف لتقديم الإسعافات الأولية للجروح السطحية والحروق للمشردين وتحديد الحالات التى تحتاج للنقل إلى المستشفيات من خلال الاتصال بوحدة التدخل السريع التى نجحت فى إلحاق 15 حالة من كبار السن بدور رعاية.
بين الاقتناع والرفض
عن دور الأخصائى الاجتماعى فى الوحدات المتنقلة يقول ساهر سراج الدين، الأخصائى الاجتماعى التابع للوحدة المتنقلة: هناك حالات ترفض التعامل مع الوحدة، عند ذلك يتناقش الأخصائى معهم ليتعرف على الأسباب الشخصية التى تمنعهم من ذلك وأسباب تواجده بالشارع والتأكد من عدم وجود أى سجل إجرامى بالنسبة للحالات التى سيتم نقلها.
ويتابع: عند دخول الحالات إلى سيارة الإنقاذ يبدو عليهم علامات الدهشة لعدد من اللحظات حيث تتضارب مشاعرهم، فمنهم من لا يصدق أن معاناته ستنتهى بسرعة وينتقل إلى حياة كريمة بعد قسوة الشارع، وبالرغم من اقتناعهم بالذهاب إلى دور الرعاية يظهر على وجوهم العديد من الأسئلة عن طبيعة الأماكن التى سينقلوا لها وهل يمكنهم بالفعل الاندماج مرة أخرى والعمل أم لا.
ويقول إسلام عبدالمعطى، الأخصائى: تتشكل فرق التدخل السريع من مجموعة من الشباب من خلال رئيس ونائب وعدة أعضاء ومتخصص نفسي واجتماعى يقوما بتشخيص المشكلة ويتم التواصل مع وزارتى الصحة والداخلية، وعند التواصل مع الحالة سواء كانت طفلا أو شابا أو مسنا يحاول بطريقة بسيطة إعطائه الأمان أولا بأنه لن يؤذيه خاصة الأطفال الذين يخشون أن تكون السيارة تابعة لدور الأحداث وليست لإنقاذ المشردين، وإن كانت هناك إمكانية للصلح بينه وأسرته تتولى هذه المسئولية وزارة التضامن، أما في حال صعوبة ذلك يتم الانتقال إلى دار رعاية، وفي حال رفض الطفل أو المسن الانتقال يتم المرور عليه يوميا بالوجبات الساخنة.
ويشير إسلام إلى أن السيارات بها العديد من لعب الأطفال لجذب انتباههم أثناء الحديث معهم وسرعة تجاوبهم مع فريق البحث، بجانب الإسعافات الأولية الكاملة التى يستخدمها المسعف فى حالة وجود بعض الحالات التى تستدعى ذلك، والبطاطين والوجبات الساخنة والعصائر والبسكويت والكيك المحبب للأطفال.
دور الرعاية
عن تواصل دور الرعاية مع الحملة ووزارة التضامن أكدت شيماء وحيد، المشرف العام على دور رعاية إحدى المؤسسات المعنية بإنقاذ كبار السن أن تلك المبادرة جاءت فى توقيت يحتاج له الكثير من المشردين فوق سن الــ 18 عام بسبب قلة دور الرعاية التى تهتم بذلك السن على مستوى الجمهورية والتى يبلغ عددها6 فقط، لكن بعد المبادرة من المنتظر أن يبدأ المجتمع الأهلى والمؤسسات المدنية فى التعاون مع وزارة التضامن لتكثيف الجهود.
وعن طرق التعاون مع الحملة قالت شيماء: إن الدار لديها فريق عمل بحثى بسيارات يتعاون مع فرق التدخل السريع بالوزارة وسيارة أطفال بلا مأوى وبمجرد تلقى إخطار بوجد حالة يبدأ الاستعداد لاستقبالها داخل الدار عن طريق الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والأطباء المقيمين إقامة كاملة مع النزلاء.
وعن كيفية استقبال الحالات تقول نهلة أبوالسعود أخصائية اجتماعية ومدير إحدى الدور التابعة للمؤسسة: يبدأ فحص الحالة عند استقبالها والتعرف على هويتها من خلال متعلقاتها الشخصية وأرقام التليفونات، ثم نحرص على تقديم كافة الخدمات من كشف طبى وتحاليل كاملة للدم والفيروسات ويتم متابعة الحالات التى تحتاج إلى رعاية من قبل الطبيب ويصرف لها الأدوية اللازمة.
وأوضحت نهلة أنها دائما تبدأ بجلسات فردية مع النزيل لمدة أسبوع للتأكد من قدرته على الاندماج مع غيره من النزلاء أما الرافضين فيبدأ الأخصائى النفسي بمتابعتهم تحت إشراف أطباء من مستشفى الخانكة وفى بعض الأحيان يتم تحويل الحالة إلى المستشفى إن كانت يصعب اندماجها.
الدمج
تقوم دار الرعاية باتخاذ بعض الخطوات القانونية بمجرد استقبال الحالة وعنها يقول محمد محمود أخصائى اجتماعى: بعد تقديم الخدمات الصحية للحالة يتولى المستشار القانونى للمؤسسة مهمة استخراج بطاقة شخصية للنزيل إذا لم يكن يملكها، مع العلم أن معظم الحالات لا تملك أى إثبات شخصية ما يصعب إيداعهم المستشفيات العامة فتقوم الدار بنقلهم لمستشفيات خاصة أعلى تكلفة.
وعن كيفية إدماجهم داخل الدار أكد محمود أن تلك المرحلة تأتى بعد أسبوعين أو أكثر حسب الحالة واستجابتها وتكون من خلال تعرف المسن على باقى النزلاء بشكل كامل والبدء فى تكوين صداقات بخلاف تأهيل بعضهم للعمل كل حسب إمكانياته منهم من يعمل بأجر داخل الدار وبالبعض الآخر له المقدرة على الخروج والاندماج فى الحياة مرة أخرى عن طريق العمل والذى نساعده فى الحصول عليه بجانب مسكن جديد يكون مناسب، مشيرا إلى أنه يتم التواصل مع أهل المسن لإعادته إليهم إذا كان يواجه صعوبة فى الذاكرة.
المسنين
يقول رضا مهدى 45 عاما: كنت أقيم بأحد شوارع منطقة عباس العقاد إلى أن وجدت سيارة تحمل شعار "تحيا مصر" فتحدث معى فريق الإنقاذ عن إمكانية التحاقى بدار رعاية، وقد تجاوبت معهم منذ اليوم الأول حيث أعطونى وجبة ساخنة وبطانية ومروا علي لمدة ثلاثة أيام بالوجبات، تحدثوا معى خلالها عن المميزات والحياة الكريمة والرعاية التى سأجدها عند انتقالى إلى دار الرعاية، وبمجرد وصولى إلى الدار تم الكشف علي وإعطائى ملابس جديدة، والآن ألقى معاملة طيبة من قبل جميع المشرفين بالدار وأنتظر أن أحصل على فرصة عمل كما وعدتنى الحملة والمشرفين على الدار.
وأكد فتحى توفيق 60 عاما أنه كان مقيم بالشارع بمنطقة مصر الجديدة إلى أن اتصل أحد المواطنين بالخط بفريق البحث التابع لوزارة التضامن فاستجاب لطلبه على الفور، بعد التحدث معه عن أسباب تواجده فى الشارع وهو عدم وجود منزل أو أحد من الأقرباء بجواره وبالفعل تم اصطحابه إلى دار الرعاية بالهرم التى لقى فيها ترحيب كامل ووجبات متميزة بخلاف أصدقاء جدد دائما ما يطمئنون على حالاته الصحية فى حالة وجود أى شكوى له .
أما جمعة عبدالبر 77 عاما يقول كنت أعمل بواب فى غمرة ثم تركت العمل بسبب السن والمرض وبدأت بالجلوس فى الشارع إلى أن تواصل معى فريق وزارة التضامن لمدة أسبوع لأننى كنت رافضا نقلى لدار رعاية مؤكدا أنه بعد ما تلقى من الفريق على مدار أسبوع من معاملة كريم وكشف طبى بخلاف الوجبات تأكد أنه سيكون فى أمان بعد نقله مشيرا أنه اضطر إلى الجلوس بالشارع بعد موت ابنه وعدم قدرته على العمل.
ساحة النقاش