فكرت كثيرا قبل أن أقرر الكتابة عن هذه المشكلة الشائكة، هل أتناول معدلات الإدمان أم أنواعه وتأثيراته السلبية المختلفة أم أتطرق للجهود الوطنية الحثيثة التى تبذل لمواجهته، أم أن علينا جميعا كآباء وأمهات واجب حقيقي لمواجهة هذه الأزمة الطاحنة التي تصل فيما يتعلق بتأثيراتها السلبية على حياتنا إلى حد تأثيرات الإرهاب وما يمثله من هدم لجهودنا في بناء المستقبل بمشروعاته القومية العملاقة التي تشيد بالدرجة الأولى لدعم شبابنا، فوجدت أن مواجهة هذا الشبح القاتل ألا وهو الإدمان لابد وأن يبدأ منا، فإذا كانت كافة الجهات المعنية تحت راية قيادتنا السياسية الحكيمة تبذل جهودا ملموسة لحماية أبنائنا منه بل ومساعدتهم في العودة إلى الطريق السليم إذا ما أصبحوا فريسة له، فإن البداية لابد وأن تكون منا، ودعونا نعود إلى أسباب الإدمان والتعاطي حتى ندرك حقيقة هذا، فالابن أو الابنة التي تلقى الرعاية الكافية من أبوين لا هم لهماسوى تقديم كافة سبل الدعم  والمساندة له، وأقصد هنا بالدعم ليس الدعم المادي أو اللهث ليل نهار وراء توفير متطلبات الحياة وهو أمر ضروري بالطبع، ولكني أقصد الدعم المعنوي والنفسي والشعور بمشكلاته ومشاركته الهوايات والرؤى المختلفة، وتبادل الأحاديث معه، بل ومعرفة أصدقائه بالدرجة الأولى ومد جسور الصداقة بينهم وبين هؤلاء الأصدقاء حتى يعرفوا من هم وما هي توجهاتهم وما هو مدى تأثيرهم سواء سلبا أو إيجايا على حياة الابن أو الابنة، كذلك نجد أن هؤلاء الأبناء إذا وجدوا ومنذ البداية الإعداد السليم أخلاقيا ودينيا سيتواجد لديهم الوازع الديني الذي يحميهم من الوقوع كفريسة لهذا الوحش المدمر"الإدمان"، وهناك أيضا التربية المعتدلة والتي تقوم على أسس تربوية سليمة تراعي عدم الإسراف في التدليل ومنح الطفل أو المراهق كل ما يطلبهعلى أساس عدم تعرضه للشعور بالحرمان، فهنا أكون لا أحميه من هذا الشعور ولكنى أعده كشخص غير مسئول يشعر أن كل شيء متوافر وملك يديه ويمكنه الوصول إليه، وبالتالي فلماذا لا يصل أيضا إلى المخدر ويجربه فربما أصبح أكثر سعادة كما يوهمه البعض!

القصة إذا تتلخص ببساطة في رعايتنا لأولادنا والوقوف بجوارهم في أي من المشكلات الحياتية التي قد تعرض مسيرتهم وبخاصة الاجتماعي والعاطفي منها، فلا يخفى علينا أن المشكلات العاطفية أيضا قد تكون السبب وراء لجوء البعض للهروب منها عن طريق المخدر، وبالتالي فدورنا في حياة أبنائنا لا يتوقف عند حد توفير المتطلبات المادية وكل ما يتمنون فقط ولكن ينصب في الأساس على مشاركتهم الحياة بكل تفاصيلها، الحياة بما تحويه من أحلامهم وطموحاتهم وهمومهم وأصدقائهم وحتى عثراتهم، فكونوا سندا لأولادكم قبل أن يصبحوا فريسة لوحش لن يتكرر لهم أي أمل في مستقبل.

المصدر: بقلم : سمر الدسوقى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 627 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,860,860

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز