إن الشعوب هى التى تصنع الدساتير وفق احتياجاتها وظروفها ومحيطها الإقليمى والدولى، ومما لا شك فيه أن مصر من الدول التى لها تاريخ فى تطور الدساتير كعملية سياسية من محاولات لتضمين حقوق أو ترسيخ شكل نظام الحكم، وقد ظهر هذا جليا منذ دستور 1923، وكان ارتباط تطور دساتير مصر بمشاركة المواطنين والمواطنات فى المجال العام، ومن ثم المشاركة أو الضغط لضمان حقوق الكافة رجالا ونساء، وكان لنساء مصر دور كبير فيما مرت به مصر من تغييرات، وانعكس هذا الدور على تطور دساتير مصر، فمنذ توثيق خروج النساء المصريات فى مظاهرات 1919 أصبحت حقوق النساء قضية تطرح فى المجال العام وبرزت المطالبات بتضمين بعض الحقوق لهن فى دساتير مصر، لذلك طالب مجلس النواب المصرى فى جلسته العامة يوم 14 فبراير الماضى بإحالة مقترح تعديل عدد من مواد دستور مصر لعام 2014 إلى اللجنة الدستورية والتشريعية فى محاولة للمساواة بين المواطنين والمواطنات فى كافة مناحى الحياة، ومن المواد المطلوب تعديلها فى الدستور العمل على التمثيل المناسب للنساء فى جميع الهيئات التشريعية والبرلمانية والتنفيذية والقضائية, ولأول مرة يضمن الدستور المصرى مساواة كاملة للنساء والرجال، ويشمل تجريما واضحا للعنف ضد النساء وأحقية النساء فى تولى جميع المناصب منها القضائية، ونظام انتخابى واضح يضمن للنساء المشاركة بأطر تمييز إيجابية فى المحليات بنسبة 25%, وإقرار مفوضية لمناهضة التمييز، ويستهدف اقتراح تعديل الفقرتين الأولى والثالثة من المادة "102" ترسيخ تمثيل المرأة فى مقاعد البرلمان، وأن تكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع، هذا التعديل قد يساعد على تمكين حقيقى للنساء فيما بعد، وفتح آفاق لمشاركة النساء فى المجال السياسى، والدليل على ذلك أن المرأة المصرية استطاعت تقلد 25% من الحقائب الوزارية، وأول منصب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومى، ورغم أن هناك بعض الاعتراضات على هذا التعديل من بعض الأحزاب التى تأبى تمكين المرأة سياسيا - بصفة خاصة - إلا أن المؤيدين - وهم غالبية - يؤكدون أن التمييز الإيجابى هو من صميم الديمقراطية، ولا يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص، ومعمول به فى معظم دول العالم، لكى يكون هناك توازن بين فئات المجتمع، خاصة وأن المرأة قد أثبتت تواجدها فى مجلس النواب الحالى وأصبحت تستحق أن يكون لها نصيب أكبر من عدد المقاعد، وأن يكون هذا النصيب تحت حماية الدستور، فالمرأة المصرية هى نصف المجتمع.. وتحيا مصر.