كان الراديو يؤثر حتى على مستوى الحوارات فى الجلسات العائلية بعد الاستماع إلى محتوى البرامج الإذاعية التى ساهمت - فى فترات سابقة - فى بناء ثقافة الأجيال من المحتوى الكلاسيكى إلى الترفيهى، ولكن شهد الراديو منذ حوالى خمس أو ست سنوات نقلة نوعية بالنسبة للمحتوى، حيث انتقل من البرامج بمحتوى كلاسيكى جاد إلى برامج ترفيهية، وكان هذا التحول مطلوبا فى فترة معينة فى بعض البرامج الإذاعية، وأنا لست ضد هذا ولكن أن تتحول البرامج الثقافية الجادة كلها إلى برامج ترفيهية، ونجاح بعض البرامج والمذيعين فى مثل هذا النوع من البرامج جعل بعضهم يعتقد أنها الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المستمع، وأصبحت ظاهرة غير صحية بالمرة، وقد تكون الضغوطات الاجتماعية لها دور فى إنتاج وظهور مستمع يفضل هذه النوعية من البرامج، ولكن لا يمكن تعميم هذه النوعية من هذه البرامج غير الجادة ونقول إن المستمع هو من يريد هذه البرامج، وما دفعنى لكتابة هذا المقال ما سمعته فى إحدى المحطات الإذاعية الخاصة - والتى لها عدد كبير من المستمعين والمشاركين معهم عبر التليفون - وكنت فى سيارتى وفوجئت بالمذيع يطلب من مستمعيه أن يتفاعلوا معه فى موضوع الكذب ويطالبهم بالاعتراف بكذبة نتج عنها «مصيبة كبيرة » ثم يتلقى مكالمة من رجل أو شاب ويخبره بأنه يكذب يوميا على زوجته، مما أثار سعادة وانتعاش الإعلامى المذيع، وهو ما أثار دهشتى من الهدف الذى ينشده من وراء هذا الموضوع، وهذا لا يعنى رفضى لمواكبة العصر الذى نعيش فيه، وإنما لابد من مراعاة الاتجاهين، وأن تحرص الإذاعات على تقديم البرامج الثقافية التوعوية فى فتراتها، لأنه مطلب أساسى لتثقيف المستمع الإذاعى بحراك إيجابى، خاصة وأنه لابد من توافر أربع أسس فى مضمون الرسالة الموجهة للمتلقى «الجمهور »، وهى الأخبار، والتثقيف، والتعليم، والترفيه، لكى تؤدى الرسالة دورها فى التأثير على المتلقى، ولكن - وللأسف – ما نلاحظه الآن عملية تسطيح للرسالة الإعلامية ضمن محتوى البرامج، فالمعلومة قليلة المصداقية وتعتمد على الشائعات، واللغة فى بعض الأحيان متدنية المستوى لا تراعى آداب التخاطب الذى يرقى بالمستمع - إلا فى عدد قليل جدا من البرامج -، فالوسيلة الإعلامية تعتبر قدوة إذا كنا لا نريد لها أن تخاطب المتلقى من برج عاجى، فإننا أيضاً لا نود لها أن تتدنى وراء مصطلحات متداولة لدى بعض الفئات من الناس، وبرغم كل ما سبق، فالإذاعة ما زالت تحتفظ بوجودها بشكل واضح رغم المنافسة الشرسة والضارية مع شاشات التليفزيون الأرضى والفضائى، وبعد أن انضمت إلى المنافسة أيضا شبكات التواصل الاجتماعى، ولكن هذا لا يمنع من توجيه نصيحة لكل من يهمه الأمر، وهى أن النجاح بالإعلانات على حساب الأداء الإعلامى الجيد «وهم » ومع مرور الوقت سيكتشف المستمعون حقيقة هذه البرامج ويحجمون عن متابعتها..

وتحيا مصر.

 

المصدر: بقلم : كريمة سويدان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 319 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,703,550

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز