أصواتهم مزامير من الجنة، تشدوا بآيات الذكر الحكيم فتبكي لها الأعين وتخشع القلوب وتقشعر الأبدان، حباهم الله بالموهبة فأسرت أصواتهم أرواح المستمعين لآيات كتابه، عددهم في العالم العربي ليس بالقليل، لكن اخترنا لكم أربعة قراء تزينت حناجرهم بالقرآن فأبهروا العالم بحسن الصوت وإتقان التلاوة لنتعرف على سيرهم ومشوارهم مع القرآن..

أحد رواد التلاوة المرتلة والمجودة وواحد من أشهر قارئي القرآن في العالم الإسلامي رغم وفاته عن عمر ناهز الـ 49 عاما إلا أنه استطاع أن يحجز لصوته مكانا بين كبار القراء الذين ما زلنا نستمع لأصواتهم حتى الآن، ولأن صوته أقرب لقلوب المستمعين لخشوعه وكأنه يقرأ بقلبه لا بلسانه لقب بـ "الصوت الباكي"..

ولد محمد صديق المنشاوي عام 1919 في قرية "البواريك" التابعة لمركز المنشأة بمحافظة سوهاج، ورث عن أسرته ذات الباع العريق في قراءة كتاب الله حب القرآن وخشوع التلاوة، وتميز منذ نعومة أظفاره بإتقانه لمقامات التلاوة، ومزج ببراعة بين إجادة المقامات وربطها بمعاني وألفاظ الآيات القرآنية.

تأثر القارئ الصغير بوالده الشيخ صديق المنشاوي الذي علمه التلاوة، ثم رحل إلى القاهرة مع عمه القارئ الشيخ أحمد السيد فحفظ هناك ربع القرآن عام 1927، بعدها عاد إلى بلدته المنشأة وأتم حفظ ودراسة القرآن على مشايخ مثل محمد النمكي ومحمد أبو العلا ورشوان أبو مسلم.

 

بدأت رحلته مع التلاوة بتجواله مع أبيه وعمه بين السهرات المختلفة، حتى واتته الفرصة كي يقرأ منفردا في إحدى ليالي عام 1952 بمحافظة سوهاج فذاع صيته، ولاقى قبولا واسعا بين مستمعي القرآن لعذوبة صوته وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.

ومن المواقف اللافتة في مسيرته أنه كان أول قارئ تنتقل إليه الإذاعة وتعتمده في محله الخاص لا في ستوديوهاتها بعد رفضه خوض اختبار الإذاعة المصرية لاعتماده قارئا كغيره ممن خاضوا الاختبار، وقال عنه والده: "يكفي الإذاعة المصرية من عائلة المنشاوي ولدي محمد".

سجل القرآن الكريم كاملا مرتلا برواية حفص عن عاصم، وسجل للإذاعة أيضا ختمة مجودة لكنها لم تكن كاملة، وله كذلك قراءة مشتركة برواية "الدوري" مع القارئين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي، ويعد من الخمسة الكبار في عالم التلاوة القرآنية ويتصدر قراء مصر العظام في حقبة الخمسينيات.

وبعد تسجيله القرآن في الإذاعة المصرية سجل أيضا لإذاعة سوريا ولندن، وكان مواظبا على قراءة القرآن في مسجد الزمالك كقارئ مكلّف من وزارة الأوقاف.

وقد كان الشيخ محمد عاشقا لصوت أم كلثوم الذي وصفه بالقوة والفخامة، وكان محبا أيضا لسماع التواشيح الدينية بصوت الشيخ طه الفشني، أما الصوت الذي كان يفضل الاستماع إليه عندما يختلي بنفسه فهو صوت الشيخ محمد رفعت.

صدح صوته في أكبر مساجد العالم الإسلامي ، المسجد الحرام في مكة المكرمة والنبوي في المدينة المنورة والأقصى في القدس، وزار العديد من الدول العربية والإسلامية كالعراق وإندونيسيا وسوريا والكويت وليبيا وفلسطين والمملكة العربية السعودية.

كان مشواره القصير مكللا بالأوسمة حيث منحته عدة دول أوسمة على تفرده في التلاوة مثل: إندونيسيا وسوريا ولبنان وباكستان.

وظل المنشاوي يشدو بترتيله القرآن رغم تحذيرات الأطباء بعدم إجهاد نفسه بالقراءة لمرضه بدوالي المريء، إلى أن توفي قبل أن يكمل الخمسين متأثرا بمرضه يوم 20 يونيو عام 1969.

قال عنه الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي: "إنه ورفاقه الأربعة، مقرئون آخرون، يركبون مركبا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله – سبحانه وتعالى – الأرض ومن عليها".

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 562 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,698,449

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز