المسحراتى والفانوس ومدفع الإفطار وموائد الرحمن كلها مكونات ارتبطت فى أذهان المصريين بشهر رمضان، فالأكلات التى تحرص الأمهات على إعدادها والمشروبات التى لا تكتمل مائدة الإفطار إلا بها، والفوانيس فى أيادى الأطفال تضيء الشوارع، وموائد الرحمن وما تحمله من معانى التكافل والتراحم بينهم، والياميش الذى ينذر ظهوره أمام محال العطارة والبقالين بقرب قدوم هذا الضيف العزيز، وغيرها من الطقوس التى يحرص الشعب المصرى على التمسك بها والتى تضفى روحانيات على أيام هذا الشهر ولياليه، كلها لها ذكرى وقصة، لذا دعونا نتعرف على حكاية كل منها عبر صفحات هذا الباب على مدار شهر رمضان..

الليالي الفاطمية

"زينة رمضان" تلك العادة التي تتوارثها الأجيال، ويلتف حولها الأطفال والشباب وينتظرون تلك اللحظة كل عام من أجل تجميل وتهيئة منطقتهم بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك.

تزيين الشوارع والمساجد يأتى بتعليق سلاسل من اللمبات المضيئة بألوان وحركات ضوئية مختلفة لإضاءة المسجد من الخارج وتعليق بعض الزينة وأفرع النور فى الشوارع والميادين، بحسب كتاب "دليل الأوائل" للكاتب إبراهيم مرزوق، فإن أول من أضاء المساجد فى الإسلام  كان الصحابى الجليل تميم بن أوس الدارى، وقد أضاء المساجد بقناديل يوضغ فيها الزيت وكان ذلك كل يوم جمعة.

وكشف دارسة تاريخية لعضو اتحاد المؤرخين العرب "إبراهيم عناني" عن أن زينة رمضان وجدت طريقها إلى الاحتفالات الدينية في مصر منذ بداية الدولة الفاطمية، حيث كان يطلق عليها "ليالي الوقود" حيث يرفع الناس خلالها القناديل والفوانيس فوق المآذن ساعة الإفطار ويتم إنزالها يوميا عند الإمساك.

ويشير عنانى إلى أنه رغم مرور أكثر من ألف عام على العصر الفاطمي فإن معظم وسائل الزينة تركزت على الإضاءة مثل الجامع المجسم والفانوس الكبير وغيرها من الأشكال المضيئة التى تزين الشوارع والأحياء والمناطق الأثرية، لافتا إلى أنه زاد تألق زينة رمضان فى العصر المملوكى من خلال إشعال القناديل والشموع والمشكاوات والمسارج والتنانير فوق المآذن، وحاليا يتم ذلك سواء كانت مساجد أو مآذن أو بيوت.

وذكرت العديد من الدراسات أن الزينة تطورت في العصر الحديث بعد دخول الكهرباء في نهاية القرن التاسع عشر.

ويرجع الاحتفال في مصر بشهر رمضان مع بداية الدولة الفاطمية فقد كانوا يحتفلون به من خلال فتح أبواب الأزقة والشوارع والمدينة كلها حتى الصباح، ويتم تزيين الشوارع بلافتات عليها شعارات الدولة واسم الحاكم مع إنارة المساجد بالمسارج ثم اتخذت شكلا جديدا مع الفانوس الذي تم اختراعه لاستقبال المعز على أبواب القاهرة أثناء قدومه من تونس عام 262 هجرية.

ويذكر زياد سامى عيتانى، فى مقال له بعنوان "عادات رمضانية: زينة رمضان" أن أول من بدأ فكرة الاحتفال بقدوم شهر رمضان الخليفة عمر بن الخطاب، عندما قام بتزيين المساجد وإنارتها من اليوم الأول لرمضان حتى يتمكن المسلمون من إقامة صلاة التراويح وإحياء شعائرهم الدينية، وأول من استخدم إنارة المساجد احتفالاً برمضان فى الأستانة خلال العهد العثمانى كان السلطان أحمد سنة 1617 ميلادية، فأضاء أنوار المصابيح والمشاعل التى غطت مختلف مساجد اسطنبول حتى بدت كالنجوم النيّرات.

الطبق الداير

"يوم عندي ويوم عندك" طبق واحد يتنقل بين الجيران، لكن لم يكن ينقل "المحشي والحلويات" فقط بل كان ينقل معاني الترابط والود والتسامح والعشرة بين الجيران، كان كل جار يعرف حال من يسكن بجواره وليس فقط من تجمعهم عمارة سكنية واحدة بل في شارع واحد، حالة من الحب والدفء كانت موجودة في الشارع المصري قبل أن تصبح البنايات عبارة عن عشرين دورا لا يعرف من يقطن بها حالة جاره في الباب الملاصق له ليضيع الطبق بين الجيران وتتوه معه حلاوة اللمة فلا يوجد طبق الحلويات ولا الترابط والعشرة بين الجيران.

حلة الزبادي

ظلت حلة الزبادى المصنوعة من الألومنيوم ذات الغطاء الموصل به مصباح كهربائى الوسيلة الوحيدة التى يصنع بها ربات البيوت أكواب الزبادى التى يتناولها أفراد العائلة أثناء وجبة السحور، ومع تسارع وتيرة الحياة السريعة وتعدد الشركات المصنعة لمنتجات الألبان اختفت "حلة الزبادي".

يلا نلعب استغماية

"خلاويص" فيرد الأطفال "لسه" فيصمت لثواني ثم ينادي "أجيب البوليس"، فيكون وقتها استطاع عدد من المجموعة الاختباء وعدد آخر ما زال يبحث عن مكان ليختبئ به، فيرد غير المختبئ "لسه"، فيصمت مجددًا لثواني ويكرر "خلاويص؟"، وعندما لا يتلقى ردا يترك الحائط ويبدأ في البحث محاولًا إيجاد أحد اللاعبين وإمساكه.

لعبة "استغماية" تمارسها مجموعة مكونة من 3 أطفال أو أكثر، وكلما زاد العدد تصبح اللعبة أكثر متعة، وتختار المجموعة واحدًا منها ليصبح مساكا، فيوجه وجهه لأي حائط ويغمض عينيه وأحيانًا يغطي وجهه بكفيه لضمان عدم الرؤية أو مراقبة أحد اللاعبين أثناء تفرقهم واختبائهم.

النحلة أو الدبّور

لعبة يابانية الأصل عرفها العرب ونقلوها للمصريين، وهى عبارة عن نحلة خشبية مخروطية الشكل يثبت فيها سن من الحديد، وتلف بخيط وترمى على الأرض وقبل وصولها للأرض يسحب اللاعب خيط الدوبارة بسرعة لتنزل النحلة على الأرض وهى تدور بسرعة، ويفوز المتسابق صاحب أطول زمن لدوران الدبور على الأرض، لكن مع ظهور وسائل التواصل والألعاب الإليكترونية اختفت هذه اللعبة كغيرها من العادات ولكن التاريخ سيظل يذكر أنها من أكثر الألعاب الرمضانية التى كان يعشقها الأطفال.

المصدر: كتبت : هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 519 مشاهدة
نشرت فى 8 مايو 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,836,901

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز