ما أجمل أن يجتهد الإنسان فى العبادة خلال رمضان الذى هو فرصة لتجديد العلاقة بينه وربه، وكما يحرص الصائم على فتح صفحة جديد مع خالقه خلال الأيام المباركة باعتباره شهر العبادة، فإن رمضان يدعونا للتسامح وصلة الأرحام وتنحية الخلافات لنبدأ من جديد مع من نحب بدافع التحلى بجميل الأخلاق التى يحث عليه الشهر الكريم..
رمضان دعوة للتسامح والصفح وفرصة لإعادة وصل الروابط الصلات المقطعة..
فى البداية تقول فاطمة أحمد، طبيبة: أتمنى أن يعتبر الناس جميعا أن شهر رمضان ممتد طوال العام وألا يقتصر عمل الخير عليه فقط, فمثلا صلة الرحم والتسامح مع من أخطأوا فى حقنا صفات أتمنى أن يتحلى بها الجميع وأن تستمر الصلة بعد انتهاء الشهر الكريم.
وترى شيماء حمدى، ربة منزل أن شهر رمضان يعطى دفعة للناس للتسامح مع الآخرين والتصالح مع المتخاصمين، وهذا من روحانيات الشهر العظيم الذى يمنحنا فرصة جديدة لتجديد علاقتنا بمن حولنا وتبادل الكلمات الطيبة والمعايدات التى تجدد الود بيننا مرة أخرى.
"أحرص على مكالمة أقاربى وأصدقائى لتهنئتهم بشهر رمضان حتى من أكون على خلاف معهم"، هذا ما أشارت إليه سماح السيد وتقول: أعتبر التهنئة برمضان فرصة جديدة للصلح مع من أكون على خلاف معهم، بالإضافة إلى أنه فرصة أيضا لتجديد العلاقات الأسرية والعائلية، لذا أفضل الاتصال بهم تليفونيا عن تبادل الرسائل النصية.
صفاء النفس
ترى كريمان محمد، أن رمضان فرصة ذهبية للتسامح مع الآخرين والتماس الأعذار لهم, وتقول: لابد من مسامحة الآخرين لأن هذا يعطى النفس صفاء ويجعلنا أكثر استمتاعا بشهر رمضان العظيم، ولابد أن يكون التسامح على كافة العلاقات سواء الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو الأزواج أو الجيران.
ويقول محمود على، مهندس: الأهم فى مبدأ التسامح مع الآخرين نسيان الجفاء الذى حدث فى الماضى وبدء صفحة جديدة من خلال هذا الشهر العظيم، وأن يستمر التسامح معنا ليكون صفة دائمة فى كل شخص، ولا داعى للعتاب الذى قد يجدد المشكلات من جديد وبالتالى لن يكون هناك ضغائن أو جفاء فى أى علاقة إنسانية.
ويدعو ياسين عطية، محاسب المتخاصمين إلى انتهاز شهر رمضان للتصالح وعلى رأسهم الأزواج, لافتا إلى أن الكثير من العلاقات الأسرية تعانى مشاحنات وشد وجذب طوال العام, متمنيا أن يكون شهر الخير دعوة للتسامح وإعادة الترابط بين الأسرة والأبناء, على أن يتغاضى كل من الزوجين عن أخطاء الآخر والبدء من جديد.
إيجابيات نفسية
تعلق د. هند فؤاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، على الآراء السابقة قائلة: التسامح والتواصل مع الآخرين أمر طبيعى لأن الأصل فى الأشياء أننا بالفعل متسامحين مع إخواننا وأهالينا وأصدقائنا وكل دائرة معارفنا، لكن شهر رمضان يعد الفرصة العظيمة لتقوية وتدعيم هذه الروابط الاجتماعية وتقبل الآخر, خاصة وأننا نتنافس خلاله فى عمل الخير ونيل الثواب من الله, وبالتالى فإن التسامح يحقق العديد من الإيجابيات فى النفس وشخصية الإنسان, خاصة وأنه يحتاج لقدرة هائلة على نسيان أخطاء الآخرين فى حقنا، وأن تكون المبادرة بالمعايدة هى أولى مراحل التسامح وفتح باب للصلح, يليها تبادل الزيارات أو العزومات التى تعيد أيضا صلة الرحم وترجعنا لقيمنا وذكرياتنا الجميلة فى التجمع مع الأهل والأقارب وكذلك الجيران، مؤكدة على ضرورة اقتناع العقل بأهمية التسامح مع الآخرين خاصة الأهل والأزواج وزملاء العمل، وأن نكون على يقين أن حياتنا ستتحسن كثيرا بعد مسامحة من حولنا وأن نجتمع على خير وبركة هذا الشهر الكريم.
تصالح أسرى
ترى د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية أن قدوم شهر رمضان بروحانياته فرصة للنفس البشرية للتخفيف من هموم الحياة اليومية وغلظة القلب التى تصيب الإنسان, وأن على الإنسان النظر لهذه الفرصة الرائعة التى يعطيها لنا شهر رمضان الكريم حيث تسمو الروح وترتقى جراء صوم وعبادات رمضان.
وتقول: يعد رمضان فرصة لكل شخص يصدق مع نفسه، لذا علينا جميعا أن نردد هذا الدعاء "يا إلهى اللهم أعنا على التسامح والرضا بكل شىء, اللهم اصرف عنا كل ما هو سلبى وسيئ واجذب حياتنا إلى التسامح والرقى بالروح قبل الجسد"، وأتمنى أن ندرك هذا الدعاء ونهيئ أنفسنا لتطبيقه خلال شهر رمضان, كما أتمنى للأسر المصرية أن يشيع بينهم التسامح، وأن يستوعب رب الأسرة هموم المنزل ومشكلات الأبناء ومتاعب الزوجة جراء كل هذا، وأن يحتوى زوجته وأبناءه, فالله أعطاه قدرة قيادة المنزل لقدرته على استيعاب أسرته ومسامحة زوجته على الأخطاء والهفوات التى تحدث بينهما من وقت لآخر, فالرجاء أن يكون هذا الشهر الكريم اقتناصا لكل فرصة لتعين الزوجة على حسن عشرتك وأن تحسن إليها لتكون لك مصباح البيت ونور الحياة.
الصحة العقلية والنفسية
"شهر رمضان فرصة ربانية لصفاء النفوس اتجاه من حولنا"، هذا ما أشارت إليه هاجر مرعى، خبيرة العلاقات الأسرية واستشارى الصحة النفسية, مؤكدة أن الإنسان بطبعه يميل للفرصة الثانية خاصة فى العلاقات التى تتسم بالتوتر والمكابرة للصلح, ما يجعل من رمضان فرصة للتسامح وتجديد العلاقة مع كل المتخاصمين أو من لديهم خلاف مع الآخرين, وتقول: يعد شهر رمضان فرصة خاصة للأزواج لإعادة المودة والمحبة بينهم على مائدة الإفطار أو السحور، وأن يحرص الزوجان على مبدأ "العبادة المشتركة" والذى يعنى مساعدة الزوج لزوجته فى أمور المنزل ما يعطيها الشعور بالحب والمودة، وأن تشجع الزوجة زوجها على صلة الرحم، وأن يرى الأبناء كل هذه السلوكيات الإيجابية فيتربون على القيم والعادات الطيبة خاصة المعايدات والتصالح مع الآخرين, فالتسامح بلا حدود هو قوة النفس والشخصية وليس ضعفا كما يعتقد البعض, كما أن مبدأ التسامح لا يحتاج إلى مبرر، حيث يشير بعض المختصين فى علم الأعصاب الإيجابى إلى أن مفاهيم التسامح والتفاهم والمرونة قادرة على تحسين الصحة العقلية والنفسية للإنسان.
ساحة النقاش