فى الوقت الذى تبدى بعض العائلات مرونة فى التخلى عن الشبكة غالية الثمن والاكتفاء بالدبلتين أو استبدالها بالفضة نجد عائلات أخرى تحرص على أن تكون شبكة البنت كبنات عمها أو خالاتها دون مراعاة القدرة المادية للشاب الراغب فى الزواج كنوع من التباهى والتفاخر بالشبكة وقيمتها أو رغبة فى تأمين مستقبل الفتاة.
«حواء » تدعوك عزيزتى الفتاة للتنازل عن الشبكة التى قد تكون سببا فى نهاية الزواج والاكتفاء بالدبلة وارفعى شعار «حبيب يصون ولا دهب مركون .»
البداية مع حسين الذى تقدم لخطبة ابنة قريته بإحدى محافظات الدلتا فطلب منه الأب شبكة لا تقل عن 50 ألف جنيه ورفض كل محاولات عائلة العريس خفض المبلغ فهو موظف ولم يدخر أية مبالغ للمساهمة فى عملية الزواج، لكن والد العروس رفض طلبهم بخفض المبلغ فاستجابت الأسرة وبالفعل تم شراء الشبكة بهذا المبلغ ثم بعدها صارت إجراءات الزواج فى مسارها الطبيعى حتى الزفاف وصارت الحياة طبيعية لمدة 4 أعوام، وفجأة اكتشف الزوج اختفاء الشبكة من منزل الزوجية وعندما سأل عنها قالت الزوجة إن والدها طلب إيداعها لديه منعا من السرقة أو الضياع ولكنه اكتشف أن والد زوجته قام بالتصرف فيها مما هدد استمرار الحياة الزوجية بينهما.
وتحكى نورا محمد مشكلتها مع الشبكة والتى كانت سببا فى تطليقها، قائلة: تزوجت بطريقة تقليدية واتفق والدى وخطيبى على شبكة ب60 ألف جنيه كبنات عمى، وكان كل شيء يسير بشكل هادئ حتى تم الزفاف، وفى الشهور الأولى بدأت تلميحات زوجى بحاجته إلى أموال لشراء سيارة جديدة بالتقسيط حتى طلب بشكل صريح الشبكة لبيعها لهذا الغرض وهو ما رفضته تماما حتى هددنى بالطلاق وبالفعل وأثناء وجودى فى بيت أهلى اتصل بوالدتى وأبلغها قرار انفصاله عنى.
عادات وخلافات
عن أهمية الشبكة فى بعض قرى صعيد مصر أكدت هدى إبراهيم، ربة منزل وأم لثلاث بنات أنها أحد العادات والتقاليد التى لا يمكن إهمالها وكل العائلات تعرف ذلك ويتراوح وزن ذهب الشبكة الذى يتم اشتراطه على العريس من 80 جراما إلى 120 جراما، فالذهب هو أمان للعروسة والشيء الوحيد الذى تحصل عليه.
وعن الخلافات التى تنشأ أحيانا فى محلات الصاغة وقت شراء الشبكة تحكى ولاء أحمد تجربتها قائلة: "أثناء شراء الشبكة حاولت والدة خطيبى فرض ذوقها فى اختيار المشغولات الذهبية وهو ما رفضته والدتى ونشبت "خناقة" بينهما أسفرت عن إنهاء الخطوبة وفشل مشروع الزواج قبل أن يبدأ والسبب "توينز وأسورة".!.
أما منة محمود فقد عانت من فشل خطوبتها بعد قصة حب طويلة بسبب والدتها وشبكتها، فبعد موافقة خطيبها على شراء شبكة ذهبية تعدت المائة ألف جنيه اكتشف عصبية والدتها ورغبتها فى فرض رأيها عليه وبعد عدة محاولات للصلح قرر إنهاء الخطوبة واسترداد الشبكة وهذا ما رفضته والدتها تماما وهو ما وصل إلى تبادل محاضر فى قسم الشرطة فالأم ترى أن الشبكة حق ابنتها بينما يتهمها خطيبها بالنصب عليه.
بدائل
أما عن بدائل الشبكة والتى تلجأ إليها بعض العائلات فى محاولات للتخفيف عن كاهل الشباب خاصة وأنهم فى بداية حياتهم، تقول يارا ياسين إنها طلبت من خطيبها بالاتفاق مع والدها توفير ثمن الشبكة لشراء الأثاث الذى تريده فى عش الزوجية، وهو ما لاقى استحسان العريس وأهله، واكتفت هى بشبكة من الفضة الإيطالى الرقيقة التى تحبها وهو ما فعلته صديقتها التى قامت بشراء طقم من الذهب الصينى لكى ترتديه فى حفل الزفاف وأمام جيرانها بينما فلوس الذهب تم توفيرها لبقية مستلزمات الزواج.
كما تلجأ بعض العائلات لكتابة مبلغ معين فى "قايمة العروس" بدلا من الشبكة كنوع من التأمين ورفع قيمة القائمة بالتوافق مع أهل العروس وأحيانا يتم الاتفاق على شراء شهادات استثمار باسم العروس كهدية من الخاطب لعروسه بدلا من شراء الذهب.
مرونة مجتمعية
تعلق د. هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع ورئيس قسم الدراسات الاجتماعية بمركز بحوث الصحراء، على تمسك الأسر بالشبكة قائلة: يعد المجتمع المصرى من المجتمعات التى تتسم بالمرونة خاصة مع التغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التى يمر بها المجتمع وهو ما ينعكس على العادات والتقاليد ومنها المتعلق بالزواج مثل الشبكة التى تعد من العناصر المتغيرة داخل المجتمع الواحد وبين فئاته المتنوعة فهناك بعض الأسر التى لا تجد غضاضة فى الموافقة على طلبات الزواج من شباب فى مقتبل حياتهم العملية وبدون شبكة ويكون الاتفاق على دبلتين فقط، وهناك عائلات تشترك مع العريس فى شراء الشبكة مناصفة كنوع من إبداء المرونة والمساعدة لإتمام الزواج بتكاليف وأعباء مالية أقل، وبدون إرهاق مادى يقع على عاتق الشباب وذلك بعد سنوات طويلة من التمسك بالمغالاة فى المهور وشراء ذهب الخطوبة أو تحديد مبلغ مالى كبير لها.
وتضيف: المرونة التى يبديها أهل البنات بالتخلى عن شرط شراء شبكة ذهبية غالية الثمن يجب أن يقابلها حسن تقدير من الطرف الثانى فالبعض يفهم تلك المرونة بشكل خاطئ كالخوف من فوات قطار الزواج، وللأسف هناك بعض الشباب غير الجاد الذى ينهى أحيانا مشروع الزواج سريعا لأنه لم يدفع أموالا كبيرة وهذا يعبر عن شخصيات غير مسئولة، لذلك فالتقدير شرط مهم جدا يشجع أهل العروس على التغاضى عن الشبكة أو الإصرار عليها، وفى نفس الإطار ترى بعض العائلات أن الشبكة هدية العريس لعروسه ولا دخل لهما بتحديد قيمتها ولكنه يقدم هديته وفقا لظروفه المادية، ولذلك أشجع دائما الزواج المتكافئ اجتماعيا وماديا، وأحيانا تفكر بعض الأسر أن الشبكة لها دلالة قوية فى التعبير عن مدى شعور الخاطب بالمسئولية ومؤشر على قدرته المادية على فتح بيت جديد، وأحيانا تكون مؤشرا للبخل أو الكرم وذلك تبعا للحالة المادية لهذا الخاطب التى توضع فى الحسبان عند الاتفاق كما ينظر أيضا للشبكة على أنها نوع من الأمان المادى للعروس وإتماما لشعورها بالفرحة وهى ترتدى شبكة قيمة ولذلك المرونة هنا مطلوبة تبعا لظروف العريس ومدى تقبل أهل العروس لعدم وجود الشبكة أو ضرورة شرائها، خاصة مع إصرار بعض العائلات على أن تكون شبكة العروس مثل شبكة بنات أعمامها أو خالاتها وهو ما يعرض الكثير من مشروعات الزواج للفشل قبل أن تبدأ.
رأى الشرع
أما عن رأى الدين فى الشبكة ومدى أهميتها وأحقية أى طرف فى الحصول عليها أكد د. عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن الشبكة هى رمز للمحبة والرغبة فى التواصل بالزواج، وهو عرف اجتماعى يصاحب الاتفاق على مشروعات الزواج وهو يدخل فى إطار التوسعة على العروس والهبة التى لا ترد وفى حالة فسخ الخطبة تكون من حق الفتاة كنوع من التعويض عن الضرر المعنوى والنفسى المترتب على فسخ الخطبة، وليس من حق الخاطب المطالبة به.
ساحة النقاش