بقلم : سكينة السادات
يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرف من حكاية الابنة نرمين, 24 سنة, خريجة كلية التجارة جامعة القاهرة التى حكت أنها الأخت الوحيدة لثلاثة أشقاء ذكور, ووالدها كان موظفاً بالحكومة ثم استقال من الوظيفة واستبدل معاشه بمبلغ كبير من المال بدده على العلاقات الحرام التى كان يمارسها فى شقة إيجار جديد استأجرها لنفسه بعد أن هجر البيت والأولاد دون أن يعطيهم مليماً واحداً, وأن أمها اضطرت إلى العمل خادمة فى البيوت حتى تستطيع أن تنفق على أولادها فى المدارس والجامعات, وأنها كانت تغادر البيت فى الفجر كى تلحق بالعمل فى بيوت الخدمة وتعود آخر النهار تحمل الخضار واللحم والفاكهة لأولادها فتطهو لهم الطعام ثم تأكل أو لا تأكل وتنام من شدة الإرهاق حتى تستطيع أن تستيقظ فى الفجر للحاق بالعمل! وطبعا.. كانت عملية رفع قضية نفقة غير مجدية فلم يكن لديه أى مبالغ بعد أن استبدل راتبه وأنفق كل ما حصل عليه من مال على النساء المشبوهات اللائى كن يترددن عليه فى الشقة الإيجار الجديد الباهظ التى أبى أن يتركها ويعود إلى بيته وأولاده, ومرت السنوات على ذلك الحال حتى كدنا أن ننسى أن لنا أبا حيا على وجه الأرض حتى فوجئنا ذات يوم أسود بما لم نكن نتوقعه!
*******************
واستطردت نرمين.. فوجئنا يا سيدتى بطرق شديد على باب بيتنا, وعندما فتحنا الباب وجدت البوليس والمحضر هما اللذان بالباب! ولم تكن أمى موجودة بل كانت فى عملها وكنت أنا فقط قد عدت من الجامعة مبكرة لصداع ألم برأسى وصعقت.. البوليس؟ لماذا؟ والمحضر أيضا لكى يحجز على أثاث بمنزلنا؟ وطلبت من الشرطى وكان رجلا طيباً أن يتريث قليلا حتى تعود أمى, وطلبت رقم السيدة التى تعمل عندها وطلبت منها أن ترسل أمى على وجه السرعة للأهمية, وجاءت أمى واستفسرت عن سبب زيارة المحضر والبوليس لبيتنا فقال الرجل إنه أبى قد تعثر فى دفع أحد الشيكات التى كتبها على نفسه لإحدى النساء اللائى كن يزرنه فى شقته وأنها رفعت عليه قضية شيك بدون رصيد بعد أن اكتشفت أنه قد أفلس وليس لديه منفعة لها وأن أمواله قد راحت على ملذاته, فسألوه عما يمكن أن يحجز عليه فأدلى لهم بعنوان الشقة التى أقيم فيها أنا وأمى وإخوتى إذ كانت لا تزال باسمه, وكان رجل البوليس والمحضر حقيقة فى غاية الأسف عندما عرفوا حقيقة ما جرى, واستنجدت أمى بإخوته فامتنعوا عن الرد عليها, واستنجدت بالسيدة الطيبة التى تعمل عندها خادمة بالأجر وحكت لها الحكاية وطلبت منها أن تعطيها جزءاً من المبلغ المطلوب لفك الحجز كمقدم لعملها لمدة عام أو أكثر نظير إيصال أمانة, ووافقت السيدة الطيبة وذهبت وعادت بجزء من المبلغ المطلوب وصاحبة المحضر والبوليس إلى قسم الشرطة وتعهدت بأن تدفع باقى المبلغ وكان فى وسعها أن تمتنع وأن يسجن أبى ثلاثة سنوات عقاباً على جريمة الشيك الذى بدون رصيد لكن أمى تفاهمت وأنقذت (عفش) بيتنا من البيع والحجز وعادت مرهقة منهكة لا تعرف كيف ستدفع تلك المبالغ التى أنفقها أبى على الساقطات, ثم كانت المفاجأة أن وجدنا أبى جالساً على الباب فى حالة مزرية يبكى ويطلب منى أن أفتح الباب حتى يدخل ويستريح بعد أن حجز البوليس وصاحب المنزل على الشقة والأثاث وأيضاً السيدة التى كتب لها الشيك, وتبين أنه أفلس وله علاقة بأخرى, فأقسمت أن تخرب بيته وخربته فعلاً, ودخل أبى البيت لكنه دخل والكل يكرهه ولا يعطف عليه رداً على فعله معنا.. أما زلت يا سيدتى تطلبين منى العطف عليه وقد أساء لسمعتنا بعلاقاته المشبوهة وورط أمى فى ورطة لا تعلم كيف ستخرج منها؟!!
*******************
معك حق يا نرمين إنه أب غريب وشاذ, اشترى ملذاته ونزواته بأولاده وزوجته وأسرته وكانت أمك كريمة جداً معه, فبعد كل شىء آوته وهى التى تعمل ويأكل من كدها وعملها فى البيوت لكننى يا ابنتى أقول لك حاولى أن تسامحيه فهو أبوك وأعدك بأن أعرض مشكلتك ربما يعطف عليكم ذوى القلوب الرحيمة ويساعدونكم فى دفع الديون والله المستعان.
ساحة النقاش