سلوى رفاعي
مع قرب نهاية عام أتلمس أوراق النتيجة المخصص لها ركن مميز فى منزلي، أنتزع منها بشكل يومى منتظم ورقة تلو الأخرى، ترقباً ليوم معلوم، يوم أهتف فيه مع آخر ورقة متساقطة من أوراق النتيجة التى كانت ضخمة منتفخة فى أول العام.
فى مثل هذه الأيام وقبل نهاية العام، أهرول لشراء نتيجة العام الجديد إن لم يبادر أحد أفراد الأسرة بشرائها أو قدومها على سبيل الهدية، أتفاءل بالورقة الأولى، الشهر الأول، العام الجديد، المدون عليها بحروف كبيرة «1ـ يناير»، أحرص على أن تكون قريبة منى ألقى عليها نظرة فى المساء وأعاود مطالعتها فى الصباح.
لا أسمح لأحد - غيرى - بالاقتراب منها أو قطف أوراقها ولو ليوم واحد، أنا فقط من أستقبل الأيام، أنا فقط من أودعها، وأشهد أن الجميع قد تفهموا رغبتى هذه من كثرة النتائج والأعوام التى مضت، تركوا لى صاغرين هذه المهمة التى تريح أعصابى المرهقة، وفى أحيان أخرى أكون فى حاجة لأن أنتظر مرور أيام وربما أسابيع حتى أتخلص من مجموعة الأوراق دفعة واحدة، يريحنى مرور الأيام وأكون شغوفة بمجيء ديسمبر، ليس لكونى من أولئك الذين يفضلون فصل الشتاء، بل لأننى مغرمة بالبدايات، هذا يشعرنى بأنى فى سباق مع الزمن، الذى دائما ما أنتصر عليه، بدليل مروره وقدوم أيام جديدة، قد تكون أكثر سعادة، أن تأتي حبلى بالأحداث الجديدة، بزمن جديد، وكأنى أنتظر شيئا ما سوف يتحقق فى زمن لم يأت بعد، ولم أفلح فى معرفة المزيد عن تلك الهواية الغريبة، وتلك العادة التى لازمتنى سنوات عمرى، دون أن أعلم متى بدأت، وإن كنت على يقين بأنها بدأت فى إحدى مراحل الطفولة، شىء ما سوف يأتى مع بدايات الأعوام، بعضه تحقق، والبعض الآخر انتظره، تماما كما تنتظره معى أوارق النتيجة المتلهفة معي على البدايات.
حاولت أن أتساءل ذات مساء.. ما الذى أنتظره.. خاصة أن غالبية أحلامي قد تحققت؟
جاءت الإجابة: لعل حدث جديد.. سوف يجعلنى أكثر سعادة وهناء..
فى الطفولة - طفولتى - كان هذا الحدث هو أن أكبر «وأطول النخل العالى»، لأصبح أكثر فهما، أكثر ندية مع الشخصيات التى التقيها، ذات يوم حلمت مع أوراق العام الجديد أن انتهى من المرحلة الأساسية فى التعليم، ومضت، ثم تلهفت على نهاية المرحلة الجامعية بتفوق.. وحدث، ثم بيت وزوج وأبناء.. إلى أن انتهت الأحلام الملموسة، وجاءت هواجس الأحلام التى لا أعرفها، فما كان منى إلا أن استمريت فى تلك العادة المحببة، عادة قطع الأوراق وإغماض الجفون انتظارا للعام الجديد وتوقع شيء، أشعر أن ما انتظره يقترب، يكاد يصبح حقيقة ملموسة مع حركة سريعة فى دوران الأيام وتتابع أوراقها، سوف تتغير الأيام للأفضل، وسوف تعطينا ما نستحقه، وليس ما يروق لها، تعلمت أن هذا الشغف وهذا الترقب هو نفسه سر الحياة، متعتها، بريقها، هو اللغز الذى نبحث عن فك شفراته، ولا يكتشفه إلا القليل منا، سنظل نحلم، ننتظر، نوشوش الودع، نقلب فى أوراق النتيجة بشغف حتى تمنحنا الأمل فى عام جديد مليء بالإنجازات.
كم أتمنى أن يكون العام الجديد كله خير ورخاء وتحقق للأمنيات
ساحة النقاش