كتبت : سكينة السادات
يا بنت بلدي حكت لى قريبتى السيدة هناء, 38 سنة, أن زوجها الذى يعمل مرشداً سياحياً فى شركة إنجليزية فى القاهرة جلس فى البيت لا يخرج امتثالا للأوامر الطبية للدولة التى تقضى بعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة القصوى, وقالت إن شركته قد أغلقت أبوابها وأن أصحابها قد لحقوا بآخر طائرة غادرت مطار القاهرة الدولى قبل الحظر الجوي ومنع الطيران وعادوا إلى بلادهم حتى يجلسوا مع أسرهم فى وطنهم, وهناء تعمل فى شركة من شركات المحمول وأم لبنتين وولد فى سن الطفولة والمراهقة.. وقالت إنها تقدر جيدا أن زوجها كان يخرج من البيت فى السادسة والنصف صباحا حتى يرافق السائحين طول النهار ويطلعهم على المعالم السياحية فى مصر وأحيانا يسافر معهم يومين أو ثلاثة إلى الغردقة أو شرم الشيخ أو الأقصر وأسوان وأنه كان لا يعود إلى بيته إلا إذا اطمأن على مجموعته السياحية سواء كانوا قد عادوا بأمان وسلام إلى فنادقهم أم استقلوا الطائرات عائدين إلى بلادهم محملين بأجمل الذكريات والصور السياحية وذكرياتهم عن مصر وإقامتهم السعيدة وآثارها الرائعة.
وقالت هناء: أنا أقدر تماما حالة زوجى النفسية وشعوره وهو جالس فى غرفة المكتب لا حول له ولا قوة طوال 24 ساعة لا يرافقه فى وحدته سوى جهاز الكمبيوتر والمحمول واللاب توب!
>
واستطردت السيدة هناء.. أما أنا فقد اتفقنا نحن الموظفات الأمهات فى الشركة على تبادل العمل على أن تحصل كل واحدة منا على يومين إجازة فى الأسبوع لرعاية الأسرة وخاصة أن أولادى فى سن الطفولة والمراهقة والكبير فى الخامسة عشر من عمره, والبنت الوسطى فى العاشرة, والصغيرة فى الثامنة من العمر, والثلاثة فى مدارس لغات وكلهم فى إجازة إجبارية كما طلب وزير التربية والتعليم, وقد طلبت منى أن أعطيك صورة عن حال البيت بعد جلوس الزوج والأولاد والأم فى البيت .
فأقول لك أنه وضع حلو ومر فى نفس الوقت! زوجى لا يعرف متى تعود السياحة وما موقفه من الشركة التى يعمل بها والتى أغلقت أبوابها فى (سوثر هامتون) بإنجلترا, وهو مقر الشركة الأصلى, وكما تعرفين الفيروس منتشر فى إنجلترا بشكل مفزع وتعتبر بريطانيا الآن ثانى أوثالث دولة موبوءة بفيروس كورونا, لذلك فهو يجلس معظم الوقت فى غرفة المكتب يتصل بزملائه ورؤسائه والكل لا يعرف أين المصير, فالسياحة ملغاة فى كل بلاد العالم وأولادنا الثلاثة مع المحمول والآى باد يراجعون الدروس التى يتقلونها من خلال التعليم عن بعد, وأنا فى حالة لا ترضى عدواً ولا حبيباً, فإننى أعانى وحدى فى إتمام كل أمور البيت بعد أن قررت الشغالة التى كانت تأتينى ثلاثة أيام فى الأسبوع ألا تخرج من بيتها فى إجازة مدفوعة الأجر أدفعها لها بعد أن تنتهى أيام الحبس فى المنازل! من هنا فإننى المسئولة وحدى عن نظافة البيت والطهى ومراعاة الأولاد ولا أنكر زوجى يحاول أن يساعدنى فى تلك الأمور لكنه بصراحة لا يعرف شيئا من أمور الطهى لكنه يجلس مع أولاده ويراجع معهم بعض الدروس (أون لاين), ولكن المشتروات أقوم بها بنفسي لأنه ليعرف كيف يختار الخضراوات والفاكهة, وطبعا العبء شديد علي وحدى, وأولادى أيضا يحاولون مساعدتى لذا فإن كورونا لعنها الله فى كل كتاب خربت بيتى من حيث وظيفة زوجى المتوقفة على السياحة العالمية وغياب الشغالة التى كانت تقوم بأمور النظافة ومساعدتى فى المطبخ, وقبل كل شىء الخوف على نفسى وعلى زوجى وأبنائى من الخروج أو مقابلة أى أحد أو لمس أى شىء, ولكن الأمر المحزن هو قيام بعض التجار الجشعين بانتهاز الفرصة وزيادة أسعار البضائع, وهذا بلاغ منى للحكومة بضرورة مراقبة الأسواق والأسعار, والأمر لله من قبل ومن بعد وهو قادر على محو هذه الغمة عن مصر وأهلها.
ساحة النقاش