كتب: محمد الشريف

لم يكن حصول المرأة المصرية على نسبة 25% فى التعديلات الدستورية الأخيرة حلما سهل المنال، بل كانت تلك النسبة نتيجة كفاح دام لعقود ونضال حمل مشعله الرائدات الأوائل وسارت على دربهن المرأة المعاصرة التى كان لها النصيب الأوفر من التمثيل النيابى لتردد عن جدارة واستحقاق "من له مثل أولياتى ومجدى".

محطات عدة شهدتها مسيرة المرأة البرلمانية نستعرضها فى التقرير التالى بالتزامن مع الاستعداد لانتخابات برلمان 2020

بدأت مسيرة المرأة بنضالها من أجل الحصول على حقها فى الترشح والانتخاب وذلك بعد مشاركتها فى ثورة ١٩١٩، ومع تشكيل لجنة الثلاثين لوضع دستور 1923 تصدت الرائدات أمثال هدى شعراوى ومنيرة ثابت لتجاهل وجود سيدات داخل اللجنة ليكون خلو الدستور من أى إشارة لحق المرأة فى الترشح والانتخاب بمثابة صدمة للجميع، إلا أن ذلك لم ينل من عزائمهن بل كان دافعا لاستكمال نضالهن الذى أثمر عن تكوين الاتحاد النسائى المصرى ١٩٢٤ الذى نادى بحق المرأة فى الترشح والتصويت وعضوية جميع المجالس والهيئات النيابية والمساواة مع الرجل خاصة فى العمل.

من بعد شعراوى حملت شعلة النضال السيدة درية شفيق أحد رموز رائدات حركة تحرير المرأة فى النصف الأول من القرن العشرين، حيث كان لها مسيرة مضيئة من الكفاح، ففى شهر فبراير عام ١٩٥١ تحركت على رأس مظاهرة كبيرة ضمت ١٥٠٠ امرأة ودخلت إلى مجلس النواب واستمرت التظاهرة ٤ ساعات لتجبر نائب رئيس المجلس على استقبالها مع وفد نسائى لتطالب بإصلاح قانون الأحوال الشخصية، وعند تشكيل اللجنة التأسيسية عام ١٩٥٤ لوضع دستور جديد للبلاد أضربت شفيق عن الطعام لخلو اللجنة من أى سيدة، لتقتنص على إثر هذا الإضراب وعدا بأن يشمل الدستور الجديد الحقوق السياسية للمرأة والذى تحقق فى دستور ١٩٥٦ الذى أقر حق التصويت للمرأة والترشح للمجالس والهيئات النيابية.

البداية

بدأت الحياة البرلمانية للمرأة عام 1957 وسجل التاريخ دخول راوية عطية وأمينة شكرى إلى البرلمان كأول سيدتين تعتليان مقاعد النواب التى طالما رفعت شعار "للرجال فقط" لدورات عديدة، وقد شهد عهد الرئيس الراحل عبد الناصر صعودا وهبوطا لمؤشر تمثيل المرأة النيابى، ففى برلمان 1960 زاد عدد النائبات إلى 6 برلمانيات، ثم إلى 8 نائبات خلال انتخابات 1964 ليسجل هبوطا ملحوظا فى انتخابات 1969 التى أثمرت عن وصول 3 نائبات إلى البرلمان.

كوتة السادات

في فترة الرئيس الراحل السادات "1971 : 1976" ارتفعت نسبة تمثيل المرأة حيث وصل عدد النائبات إلى 8  من أبرزهن د. آمال عثمان التى تم اختيارها بعد ذلك وزيرة للشئون خلفا للدكتورة عائشة راتب فى وزارة ممدوح سالم لتتولى تلك الحقيبة الوزارية 20 عاما و5 أشهر "فبراير 1977 : 8 يوليو 1997"، ومع التمثيل الضعيف للمرأة حيث انخفض عدد مقاعدها إلى 6 مقاعد عام 1976 تم تعديل قانون الانتخابات لسنة 1979 ليخصص 30 مقعدا للنساء كحد أدنى وبواقع مقعد على الأقل لكل محافظة، ليشهد برلمان 1979 طفرة فى عدد النائبات حيث بلغ عددهن 35 نائبة.

نظام القوائم

فى برلمان 1984 وصل عدد التمثيل النسائي إلى 36 نائبة بتخصيص 30 مقعدا للسيدات إضافة إلى 6 نائبات نجحن فى دوائرهن، وبعد إصدار المحكمة الدستورية حكمها بعدم دستورية قانون الانتخابات لعام1979 انخفض تمثيل المرأة ببرلمان1987 حيث حصلت على 18 مقعدا، ومع عودة نظام الانتخاب الفردى تراجع تواجدها تحت القبة حيث سجل برلمان 1990 عشرة مقاعد فقط للمرأة، ومع تراجع عدد النائبات ببرلمان 1995 الذى ضم 4 سيدات فقط استشعرت الدولة ضرورة التدخل التشريعى لضمان تمثيل المرأة النيابى فكان قانون رقم 149 لسنة 2009 الذى خصص 46 مقعدا للمرأة ليصبح عددها ببرلمان 2010 "64" نائبة.

تهميش إخوانى

مع تولى جماعة الإخوان الحكم عانت المرأة التهميش وتدنى مستوى تمثيلها، حيث حصلت ببرلمان 2012 على 11 مقعدا فقط لتحتل مصر المركز الأول فى تراجع مكانة المرأة السياسية آنذاك، لكن سرعان ما انتفض الشعب وثارت المرأة معلنة رفضها تهميش تاريخها وتقليص دورها والنيل من مكتسباتها التى حققتها خلال مسيرة نضالها الطويلة لتتصدر المظاهرات التى احتشدت بالملايين فى الميادين مطالبة الإخوان بالرحيل.

انتصار بعد انكسار

لم يكن دور المرأة خلال ثورتى 2011 و30 يونيو خفيا على أحد بل نال إشادة مصرية وعالمية ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى التعهد فى خطابه الأول بعد فوزه بالانتخابات بالعمل الجاد على أن يكون للمرأة دور في الحياة السياسية، ونصيب عادل فى مجلس النواب، وتذليل العقبات أمامها في الوظائف النيابية والمناصب القيادية، وجاء ذلك الوعد كدافع قوي لها للاستمرار في صراعها مع قضية التمكين حيث كان الوعد بمثابة الباعث لآمالها.

90  نائبة

شهدت الانتخابات البرلمانية الأولى بعد ثورة 30 يونيو زيادة ملحوظة في نسبة النساء اللائي خضن المعركة الانتخابية حيث بلغ عددهن 949 مرشحة لتسفر الانتخابات عن فوز 76 مرشحة، بالإضافة إلى تعيين الرئيس 14 سيدة ليصل عدد النائبات إلى 90، كما نصت التعديلات الدستورية الأخيرة والتى تم الاستفتاء عليها خلال العام الماضى على تخصيص ربع مقاعد البرلمان للمرأة لتسجل المصريات أكبر نسبة فى حياتهن النيابية وهى 25% من عدد المقاعد.

المصدر: كتب: محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 212 مشاهدة
نشرت فى 1 أكتوبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,700,398

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز