حوار: إيمان عبدالرحمن
من الثانوية للكلية، حياة جديدة بكل تفاصيلها، انتقال من مرحلة إلى أخرى بها حرية أكبر وانطلاق وتكوين صداقات وعلاقات، فكيف يحافظ الطلبة على تفوقهم الدراسي، وما روشتة التفوق الجامعي، وكيف نتعامل مع محيطنا من زملاء دراسة وأصدقاء ونضع حدودا بيننا؟، وما دور الأهل في تأهيل الطالب لتلك المرحلة؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير تجيب عنها د. أميمة السيد، استشاري العلاقات الأسرية وخبيرة التنمية الذاتية فى هذا الحوار..
- بداية تختلف الحياة الجامعية عن الثانوية في كل التفاصيل من الدراسة وحتى طرق المذاكرة، فهل هناك روشتة تنصحين بها الطلبة للحفاظ على تفوقهم بعد الثانوية؟
بالطبع تختلف الحياة الجامعية اختلافا كليا عن المدرسة فالإحساس بالحرية وتكوين الصداقات والتعاملات الجديدة وكذلك الأماكن التي يذهب إليها الطالب وحرية حضور المحاضرات من عدمه ومواعيدها أيضا وكذلك طبيعة الدراسة على عكس المدرسة والتى قد تجعل الطالب يفهم الحرية بشكل خاطئ فيقصر من حضور محاضراته أو يتكاسل بحجة أننا "لم نعد تلاميذ"، وهو ما نلحظه في أول عام دراسي جامعي ونجد انخفاض نسب النجاح والتي من الممكن أن تعكس انجذاب الطلبة للحياة الجديدة فيتناسون المذاكرة بجد واجتهاد، لذلك يجب أن يستوعب الطالب أنه بالفعل كبر وانتقل إلى مرحلة أعلى، لذلك يجب أن يكون قدر المسئولية، ولا يقصر في واجباته تجاه دراسته وأن يحدد أهدافه التي يتمنى الوصول إليها بعد التخرج، ليكون حافزا قويا له للتفوق ومواصلة النجاح الذي حققه في الثانوية.
- مع ارتفاع درجات التنسيق لم يوفق الكثير في الالتحاق بالكليات التي حلموا بها منذ الصغر بسبب فارق قليل من الدرجات والذي قد يسبب للبعض سوء حالة نفسية من ضياع أحلامهم، بماذا تنصحيهم؟
يحدث هذا الأمر كل عام وللأسف من الممكن أن يؤدي إلى اكتئاب ورسوب دراسي وعدم الرغبة في إكمال الدراسة، وتقع المسئولية على عاتق الآباء والأمهات حيث ترسيخ الجانب الديني لدى الأبناء والرضا بما قسمه الله ما يساعدهم على تلقي كل ما يحدث بنفس راضية والإيمان بأن ما حدث هو الأفضل لهم، وهو ما سيفيدهم في كل مواقف حياتهم المستقبلية، لكن إذا كان الطالب يشعر أنه ظلم فأنصح بأن يتخذ كافة الإجراءات لإعادة الكشف على درجاته فربما حدث خطأ وهو ما عايشته بنفسي مع ابني، لكن في كل الأحوال لابد أن نتقبل المجموع والكلية التي كتبت لنا بكل الرضا والأخذ بالأسباب.
من أكثر المفاهيم المغلوطة أن يعتقد الطلبة أن الجامعة مكان للارتباط العاطفي وتكوين علاقات خاصة أن الكثير منهم لا يزالون في فترة المراهقة ويرسمون صورة خاطئة عن هذه المرحلة، فكيف يمكن تصحيح ذلك؟
بالفعل يعتقد الكثير بأن الجامعة مكان للارتباط ربما يساعد الأهل على هذه الصورة وأن الابنة لابد أن ترتبط في الجامعة كما صور في فيلم "الثلاثة يشتغلونها "، لذا أرى أن حل المشكلة لدى الأبوين الذين يقع على عاتقهما مهمة توعية الأبناء بأن الجامعة مكان للدراسة، وأن ينقلا خبراتهم لأبنائهم وأن يصادقوهم ويتحدثون معهم ويتعرفون على أصدقائهم ويتابعونهم في كل خطوة مع التأكيد على الهدف الأساسي من الدراسة الجامعية وهو التخرج بتفوق وترسيخ هذا المفهوم لديهم، وأن العلاقات لا تتعدى الزمالة فقط وأن يكون التعامل بحدود.
إذا المتابعة من الأهل مهمة حتى في المرحلة الجامعية، لكن يمكن تحقيق ذلك مع شعور الأبناء بتحررهم من ذلك بمجرد انتقالهم للجامعة؟
أكيد! ليس فقط للتوعية بالعلاقات أو الارتباط العاطفي بل وعند اختيار الأصدقاء، فالمجتمع الجامعي مفتوح من كافة البيئات والمستويات، لذا يجب الحرص على اختيار الأصدقاء من نفس المستوى الاجتماعي، وأنصح الآباء بألا يضغطوا على أنفسهم ماديا من أجل إلحاق أبنائهم بجامعات خاصة بها مستويات مادية أعلى لأنه يؤثر بالسلب على الأبناء، ويتم ذلك من خلال تقديم النصح ولا ضرر من تنظيم أوقاتهم لكن دون ضغط عليهم أو إشعارهم أنهم ما زالوا صغارا، نعطي لهم هامشا من الحرية لكن مع المسئولية، ومع الحذر ألا يشعروا أنهم مراقبين أو أنهم يقعون تحت ضغط، في نفس الوقت الذي أتابعهم وأتابع مستواهم الدراسي وعلاقاتهم كما أشرت سابقا.
أشرت إلى تجربتك مع ابنك الجامعي، حدثينا عنها كأم، وكيف تعاملت معه؟
بداية وهو في الثانوية كان شغوفا بمجال دراسة علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي واتفق معي أنه حتى لو حصل على مجموع كبير فإنه يريد أن يلتحق به، وقد شجعته على ذلك ودعمته، وبعد ظهور النتيجة اكتشفنا أن مجموعه لا يؤهله لذلك التخصص إلا أنه أكد ظلمه فى تصحيح الاختبار وبالفعل تقدمت بتظلم للإدارة التعليمية وأثبتنا الخطأ وتم تعديل مجموعه إلا أن والده أراد إلحاقه بكلية الهندسة لكنني دعمت رغبته وأقنعت والده بدراسة ما يرغب به وبالفعل تفوق ابني في كليته وحصل على ترتيب في قائمة أوائل الكلية لأنه شغوف ويحب ما يدرس، لذلك أنصح الآباء والأمهات ألا يرغموا الأبناء على دراسة مجال لا يحبونه ويقدمون لهم الدعم والنصح والإرشاد حتى يحققوا آمالهم ويتفوقون طالما مجال العمل بعد التخرج جيد وبه فرص عمل جيدة.
وبماذا تنصحين الآباء والأمهات؟
أنصح الآباء والأمهات بألا يضغطوا على أبنائهم في هذه الفترة ربما يشعرون بتشتيت في اختيار الكلية، لذلك يجب أن ندعمهم ونقدم لهم النصح، ونأخذ بأيديهم، ونتحدث معهم عن رغباتهم وأحلامهم والمتاح لتحقيقه، وأحذر من الوقوع في خطأ شبح كليات القمة وإرغام الأبناء على الدراسة في كلية بعينها، فكثير من الطلبة يفشلون إذا أرغموا، ويعاودون دراسة ما يحبون ولكن بعد ضياع سنوات من عمرهم بلا فائدة
ساحة النقاش