كتب : محمد الشريف

رغم أن الكثير يقصر دورهن على إعداد الطعام والقيام بشئون المنزل إلا أنهن أظهرن مواقف نبيلة فى مختلف الأحداث السياسية والاجتماعية والصحية التى شهدها الوطن وآخرها جائحة كورونا التى ضربن خلالها أروع الأمثلة فى تولى زمام الأمور والعبور بالأسرة والمجتمع والوطن ككل إلى بر الأمان، فكرسن أنفسهن للإشراف على متطلبات الحياة اليومية واحتضان أفراد الأسرة وحمايتهم من المخاطر، وتابعن دروس أبنائهن بعد تطبيق "التعليم عن بعد" إنهن ربات البيوت شقائق الرجال فى حماية الوطن.

عكست آراء ربات البيوت حول كيفية دعمهن للوطن وحمايته مدى الثقافة التى تتمتع بها المرأة المصرية، فرغم حرمان الكثيرات منهن من استكمال تعليمهن إلا أن حب الوطن كان بمثابة حروف نظمن بها تلك الكلمات ليعبرن من خلالها عن انتمائهن واستماتتهن فى الدفاع عن مصر، فالسيدة نجاة أحمد، أم لشاب فى عقده الرابع وفتاة تصغره ببضع سنوات رغم أنها لم تنل حظها من التعليم إلا أنها أصرت على تعليهما وإلحاقهما بالجامعة حتى لا يمران بالتجربة القاسية التى عايشتها "ماحبتش يعيشوا حياتى الصعبة" وذلك بعد تأكدها أن التعليم مفتاح النجاح وباب الحياة الكريمة.

"علمتهم علشان ينفعوا نفسهم وبلدهم ومايبقوش عالة على حد" بهذه الكلمات لخصت نجاة رسالتها التى حملت على عاتقها أداءها تجاه ابنيها ووطنها، حيث أدركت أن تعليمهما وإعداد نشء نافع متسلح بالعلم أفضل ما تقدمه لوطنها وأقوى سلاح لحمايته.

ميزانية اقتصادية

تؤمن السيدة الخمسينية نعمات السيد أن دورها فى مساندة وطنها لا يقل عن حمل السلاح لحماية الحدود أو الجلوس تحت قبة البرلمان لسن القوانين أو العمل لإعالة أسرة كاملة فإدارتها لمنزلها ووضع ميزانية اقتصادية تخفف العبء عن زوجها وتوفر متطلبات أبنائها أحد وسائل دعم الوطن خاصة خلال مرحلة البناء التى تعيشها مصر، وتقول: ليس معنى أنى ربة منزل غياب دورى فى حماية الوطن، فإدارتى لشئون منزلى وتوفير متطلباته مسئولية لا تقل أهمية عن المرأة العاملة التى توفر دخلا لأسرتها أو الطبيبة التى تجابه الأمراض أو المحامية أو حتى الشرطية التى توفر الأمن للمواطنين، لذا أعتمد فى توفير مستلزمات أسرتى على منافذ البيع الحكومية وبذلك أساهم فى تنمية اقتصاد وطنى ومحاربة الغلاء، كما أحرص على شراء الملابس مصرية الصنع لأشجع صناعة بلدى وأغرس بأولادى حب الوطن من خلال اصطحابهم معى أثناء الشراء.

الهوية الوطنية

رغم حصول منار عبدالله على ليسانس آداب إلا أنها آثرت تربية أبنائها على العمل إيمانا منها بأن رعايتهم وغرس الانتماء بنفوسهم منذ الصغر أقوى وسائل الدفاع عن الوطن ضد قوى الظلام التى تسعى لهدم أركانه والنيل من استقراره، وتقول: "أتاحت لى دراستى الجامعية التعرف على شريحة كبيرة من الشباب الساخط على أوضاعه بلده والذى لا يعرف قيمة الوطن ويتمنى الهروب إلى الخارج أو الحصول على جنسية أجنبية، لذا قررت بعد زواجى وإنجابى طفلين الاهتمام بشئون منزلى واعتباره جبهتى الخاصة فى الدفاع عن الوطن وإعداد أبناء يمثلون حائط صد أمام المخططات التى يكيدها أعداؤه فى الداخل والخارج، وحمايتهم من الرسائل المسمومة التى تبث خلال مواقع التواصل الاجتماعى والتى باتت أشد خطرا من الحروب الصريحة.

المشاركة السياسية

لم يختلف رأى فادية حامد عن جارتها منار حيث آمنت أن لكل امرأة جبهتها الخاصة التى تدافع من خلالها عن وطنها، فلم تكن مشاركتها فى ثورة الثلاثين من يونيو وكافة الاستحقاقات السياسية والانتخابات التى شهدتها مصر سوى ترجمة لحبها الصادق لمصر ودليلا على وطنيتها، وتقول: "أدافع عن وطنى من خلال مشاركتى الإيجابية فى انتخابات البرلمان والشيوخ وأصطحبت أبنائى معى إلى اللجان لأغرس بداخلهم حب الوطن وأعودهم على المشاركة فى كافة الأحداث السياسية، بل أشجع جيرانى وأهلى على ذلك، وأعتقد أنى بذلك أساهم ولو بدور بسيط فى دعم وطنى ومساندته".

أما هويدا السيد، ربة منزل حاصلة على معهد خدمة اجتماعية فأدركت أهمية المشاركة السياسية خاصة فى الانتخابات الرئاسية الأخير والتى حرص أعداء الوطن على التشكيك فى نزاهتها قبل إجرائها ما دفعها إلى الحرص على المشاركة بها وتشجيع أفراد أسرتها ومحيطها الاجتماعى على التصويت "كان لازم نفوت الفرصة على كل من يضمر العداء لمصر، وهذا واجبنا تجاه وطننا، لأن المقاطعة تعد خيانة للوطن حيث ستمنح الدول والمنظمات المتربصة بمصر فرصة التدخل في شئون البلاد كما حدث في العراق وسوريا".

درع حماية

يؤكد خبراء الاجتماع والتربية أن المرأة شريك أساسى فى بناء المجتمعات ولها دورها المحورى باعتبارها أساس بناء الإنسان والمؤهل له ليقوم بدوره كخليفة لله فى الأرض معمرا لها ومحققا للرخاء، وأوضحوا أنه مع تطورات الحياة وتغير الظروف المعيشية لم يعد يقتصر دورها على التأهيل فقط بل تعدى من مسئوليتها التقليدية كربة منزل إلى أنها أضحت شريكا فاعلا فى تحقيق الاستقرار للوطن والدفاع عنه من خلال عدد من الأدوار والمهام التى تتحملها.

وتقول د.هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" انطلاقا من هذه المقولة فإن من ينكر دور المرأة فى المجتمع وأنها شريك فى البناء وحماية الوطن من المخاطر جاحد، كما أن تناول مثل هذه الموضوعات أعتبرها من قبيل رد الاعتبار لهذه الفئة التى يقلل الكثير من دورها بالمجتمع، ولا أدل على عظم دورها من جائحة كورونا والتى لعبت المرأة خلالها دورا محوريا ومثلت خط الدفاع الأول لحماية أسرتها خاصة والوطن ككل عبر تطبيقها للإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة والتى لولا تنفيذها لعانت مصر ويلات وتبعات هذه الأزمة، لذا أرى أن نضال المرأة خلال تلك الأزمة لم يكن من أجل نيل حريات أو حقوق ما بل لمساندة وطن ومجابهة وضع استثنائي فرضه فيروس كورونا، ما ضاعف المسئولية الاجتماعية والمجتمعية والأسرية على عاتقها إذ أن التزامها يضمن نجاح الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمجابهة انتشار الفيروس ما جعلها خط الدفاع الأول وحصن الحماية لأفراد أسرتها ومجتمعها.

عمود الخيمة

تقول إيمان الريس, استشارية تربوية وأسرية: لا يمكن التقليل من دور ربات البيوت والذى لم يعد قاصرا على رعاية أفراد الأسرة والقيام على شئونهم، فمع التطور الذى تشهده مصر وتعاظم الصعوبات والتحديات يتجلى دور تلك الفئة المهمة فى المجتمع والذى بدونها لا يمكن أن يكون لدينا علماء يفيدون الوطن بعلمهم ويسهمون فى نهضته، حيث تعمل المرأة على تنشئة أبنائها على المبادئ الصحيحة والقيم المجتمعية وتغرس بنفوسهم المواطنة والانتماء، بالإضافة إلى أنها تضمن لهم الاستقرار النفسى ما يصنع أشخاصا متزنين أصحاب قيم، إلى جانب دعمها لاقتصاد وطنها من خلال وضع ميزانية اقتصادية تخفف بها الأعباء على زوجها وحكومتها ما يجعلها بحق "عمود الخيمة" وقوام الأسرة، وتشجيع منتج بلدها الأمر الذى يساعد على إنعاش الصناعة المحلية وتوفير فرص عمل عديدة أمام الشباب ما يسهم فى حل مشكلة البطالة التى تهدد الشباب وتجعله فريسة سهلة للمتربصين بالوطن.

المصدر: كتب : محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 471 مشاهدة
نشرت فى 18 ديسمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,846,722

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز