كتبت : سمر عيد
تبذل العديد من الجهات الحكومية والأهلية مجهودات كبيرة لمناهضة العنف الممارس ضد بنات حواء بدعم وتوجيه من القيادة السياسية، حتي لو كان هذا العنف مجرد حوادث فردية كالتى تحدث فى العديد من البلدان.
من هنا كان إنشاء وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع النساء المعنفات بالقصر العينى بتعاون بين المجلس القومى للمرأة وعدد من الجامعات المصرية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، فماذا عن دور هذه الوحدة وكيف يمكنك الاستفادة من خدماتها .
يأتى إنشاء هذه الوحدة ضمن حملة ال16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة والتي يطلقها المجلس القومي للمرأة كل عام، حيث أوضحت د. مايا مرسي خلال افتتاح الوحدة أن المجلس وقع بروتوكول تعاون مع 6 جامعات مصرية هي (القاهرة، عين شمس، أسيوط، المنصورة) وبصدد اعتماد طب بنها والمنيا لإنشاء وتفعيل وحدة استجابة طبية للتعامل مع المعنفات، وأنه تم تدريب مقدمي الخدمة من الأطباء وهيئة التمريض على التعامل مع النساء المعنفات.
فى البداية يقول د. إيهاب سليمان، رئيس قسم النساء والتوليد بالقصر العيني ومدير الوحدة: بدأت فكرة إنشاء الوحدة فى إطار استهداف المجلس القومى للمرأة تدشين وحدات طبية مختلفة بالتعاون مع أكثر من جامعة لمساعدة النساء المعنفات على العلاج الفوري نتيجة العنف الذي تعرضن له، وتضم الوحدة تخصصات مختلفة فنحن نساعد النساء على العلاج الجسدي والنفسي من خلال أطباء متخصصين في أمراض النساء والتوليد، وأطباء نفسيين، والاستعانة أيضا بالطب الشرعي، وتقع الوحدة في مبنى العيادات الخارجية للقصر العيني وتستقبل النساء المعنفات والمصابات من الساعة 9 صباحا وحتى الثالثة عصرا، لكن إذا كانت المريضة المعنفة في حالة خطيرة أو تعاني كسورا أو جروحا أو نزيف من أي نوع يتم إدخالها فورا إلى قسم الطوارئ لتقديم كافة الخدمات الطبية اللازمة لها، ثم تحول إلينا فيما بعد لمتابعة حالتها الصحية والنفسية، كما تضم الوحدة قسم الطب الشرعي الذي يمكنه منح المصابة تقرير طب شرعي كي تتوجه به إلى قسم الشرطة لتحرير محضر.
جامعة القاهرة
من جانبه يقول د. محمود علم الدين، المسئول الإعلامي بجامعة القاهرة: كان للجماعة السبق فى التصدى للعنف الممارس ضد المرأة حيث تم افتتاح وحدة مناهضة العنف ضد المرأة منذ 3 سنوات فى استجابة لنتائج الإحصائيات الصادمة والتى أشارت إلى أن 7.88 مليون سيدة يعانين العنف سنويا.
أما د. هالة صلاح الدين، عميدة كلية طب القصر العيني فترى أن أهم ما يميز الوحدة هي السرية التامة لبيانات النساء، وتقول: بعد تقديم الرعاية الطبية للمعنفات يتولى المجلس القومي للمرأة تقديم المساندة القانونية والاجتماعية لها، وتختلف درجة العنف الذي تتعرض له المرأة فهناك حالات صعبة كإحداث عاهات أو كسور مضاعفة أو اغتصاب أو إجهاض وتتدرج إلى أن تصل إلى جروح سطحية أو كدمات، لكن المهم هو التأكد من سلامة المعنفة نفسيا ومتابعتها مع طبيب نفسي.
ذوى الاحتياجات الخاصة
تشيد د. هبة هجرس، عضوة البرلمان ومقررة لجنة المرأة ذات الإعاقة بالمجلس القومي للمرأة بإنشاء مثل هذه الوحدات التي تساعد النساء على تخطي آلامهن وجروحهن الجسدية والنفسية جراء ممارسة العنف عليهن وتقول: يأتي هذا الاهتمام من قبل د. مايا مرسي بقضية العنف ضد المرأة بما يتفق مع إطلاق مبادرة الرئيس 100 مليون صحة وما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية الأمم المتحدة بمناسبة مرور 25 عاما على إعلان برنامج عمل بكين حول المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، حيث صرح سيادته أنه لا يمكن أن يتم تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشكل كامل دون صيانة حقوق المرأة وتمكينها.
وتنوه د. هبة إلى أن العنف الواقع على النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة يكون أكبر بكثير من الممارس ضد أى سيدة، حيث لا تستطيع ذوات الاحتياجات الخاصة في كثير من الأحيان التعرف على من مارس ضدهن العنف كما لا يستطعن الدفاع عن أنفسهن، وعلى الرغم من تغليظ العقوبة على كل من تسول له نفسه التعدي على امرأة إلا أن التجاوزات لا تزال مستمرة نظرا لأن المعتدي يرى أن ذات الاحتياجات الخاصة فريسة سهلة، ولقد أطلق المجلس القومي للمرأة مبادرة "حمايتك في قانونك" لذوات الإعاقة.
الكسر النفسي أهم بكثير من الجسدي
دكتور السيد عبد القادر زيدان، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس يرى أن مثل هذه الوحدات ستكون فعالة بالتأكيد من ناحية إعادة المرأة للحياة بعد تعرضها للعنف، حيث تعتبر النساء والفتيات أنفسهن معزولات عن المجتمع وأنهن أقل أهمية إذا ما تعرضن للضرب أو الاعتداءات الجسدية، وهذا أمر خطير من شأنه أن يثني فتيات كثيرات عن الذهاب للمدرسة أو الجامعة أو حتى نساء يشغلن مناصب هامة عن الذهاب إلى أشغالهن، أيضا هو يؤدي إلى شعورها بالدونية وكأنها جسد فقط بلا عقل أو روح أو قلب، وأنها لا قيمة لها في الحياة إلا إثارة غرائز الرجال، لذا كان من المهم جدا إيجاد وحدات لعلاج النساء ضحايا العنف نفسيا قبل العلاج الجسدي لأن الكسر العضوي يمكن أن يجبر ولكن الكسر النفسي من الصعب علاجه.
وتقول دكتورة نورا رشدي، وكيلة معهد الخدمة الاجتماعية السابقة وأستاذة علم الاجتماع: إن المرأة المصرية هي ضحية بعض فئات المجتمع من خلال بعض العادات والتقاليد غير الصحيحة، هذا بجانب بعض الرسائل التى توجهها بعض الجهات كبعض المؤسسات الدينية وغيرها مما يكرس لفكرة العنف ضد المرأة، فى حين أننا نحتاج من هذه الجهات كالجهات الإعلامية جميعها والمؤسسات التربوية والتعليمية والدينية إلى التكاتف وإكمال الدور الذى تقوم به الدولة فيما يتعلق بمواجهة بعض صور العنف الممارس ضد النساء من خلال ما توجهه من رسائل، لذا فنحن فى حاجة إلى دعم المعنفات من خلال العديد من المشروعات كهذه الوحدات التى تقدم الدعم النفسي والصحي للنساء المعنفات، وهو ما يكمل الدور الذى يبذل فى إطار إصدار العديد من القوانين أو تغليظ بعضها لمواجهة بعض صور العنف، كقانون حرمان المرأة من الميراث، وتغليظ العقوبات على التحرش والختان والزواج المبكر، فهذه الوحدات تتكامل فى أدائها لدورها مع هذه القوانين بما يحقق صالح المرأة.
ساحة النقاش