إشراف: منار السيد - أميرة إسماعيل - هايدى زكى
تصوير : جلال المسرى
تجول الأسواق والمعارض العالمية تجذب الأنظار إليها ويدفع من أجلها المستثمرون الأموال لاقتنائها، إنها منتجاتنا التراثية التي تعلن عن هويتنا وعراقتها بين الأسواق العالمية، ولأن صناعة الحرف اليدوية التراثية المصرية تعنى الحفاظ على تراثنا وهويتنا كان لها جانب كبير من اهتمام القيادة السياسية ومؤسسات الدولة، حيث عنيت العديد من المؤسسات بدعم هذه الصناعات على شتى المحافل وبخاصة من خلال المعارض والمبادرات القومية التى تعمل على دعم هذه الحرف.
البداية مع مبادرة "مصر بتتكلم حرفي" التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي وحرصها كل عام على إطلاق معرض "ديارنا " الذي يعتبر فرصة ينتظرها العارضون لتسويق منتجاتهم الحرفية والتراثية من الأسرة المنتجة، وعن نسخته الـ61 يحدثنا عادل البكساوى، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي للتسويق والمعارض قائلا: تعد سلسلة معارض "ديارنا" للأسر المنتجة التى تنظمها وزارة التضامن الاجتماعى برئاسة الوزيرة نيفين القباج بالتنسيق مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أهم المعارض التسويقية لتلك المنتجات والتى تساهم فى تسويقها وإحياء العديد منها، فمبادرة "مصر بتتكلم حرفي" تضم معرضين أحدهما لـ150 عارضا في منطقة القاهرة الجديدة على مساحة 3 آلاف متر، والآخر بعده بأسبوعين تقريبا من انتهاء المعرض الأول لـ200 عارض آخرين في منطقة السادس من أكتوبر، ويهدفان إلى المساهمة في فتح أسواق جديدة لأصحاب الحرف اليدوية والتراثية من جمعيات الأسر المنتجة والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ويضم المعرض منتجات تراثية يدوية من الخزف والمفروشات والسجاد والكليم والنحاس والصدف والخيامية والمفروشات والإكسسوارات الحريمي والمنزلي وكروشيه ولوحات فنية ومنتجات الألباستر ومنتجات جلدية وخوص ومنتجات غذائية ومنتجات تجميل وعناية بالبشرة والزي السيناوي.
قرية حرفية متكاملة
أما عن دور المجلس القومى للمرأة في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة للمرأة فهناك تعاون كبير مع جهاز تنمية المشروعات بهدف تمكين المرأة المصرية فى جميع المجالات، وعن ذلك تقول مى محمود، المدير العام لإدارة تنمية مهارات المرأة بالمجلس: تم توقيع مذكرة التفاهم بين المجلس وجهاز تنمية المشروعات والتى جاءت فى إطار اختصاصات المجلس باقتراح السياسات العامة للمجتمع فى مجال تنمية المرأة وتمكينها من أداء دورها الاقتصادى والاجتماعى ودمج جهودها فى برامج التنمية الشاملة، حيث تم الاتفاق على التعاون لاستكمال برنامج تطوير الحرف بسيوة بمحافظة مرسى مطروح والذى يتضمن إدخال خامة الجلد على التطريز السيوى والتدريب على فنيات الباترون والقص للخروج بمنتج متكامل ومتميز قابل للتسويق محلياً وعالمياً، والاتفاق على التعاون لتنظيم ورش عمل بمركز الموضة بتخفيض 50% للراغبات فى الالتحاق بها.
وتقول عزة شلبى، مدير وحدة النوع الاجتماعي بجهاز تنمية المشروعات: تقوم سياسة جهاز تنمية المشروعات على تأكيد مبدأ المساواة فى النوع الاجتماعى وتمكين المرأة المصرية اقتصاديا واجتماعيا ومن هنا تأتى أهمية التنسيق من خلال اللجنة للتمكن من الوصول إلى الأهداف المطلوبة من مذكرة التفاهم، وطرحت فكرة العمل على تنفيذ نموذج لقرية حرفية متكاملة، لافتة إلى أن الجهاز بعمل نموذج لقرية حرفية متكاملة بثلاث قري بمحافظة الفيوم.
قوتي في حرفتي
يستكمل المجلس القومي للمرأة دوره في دعم الحرف اليدوية والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للمرأة وذلك عن طريق "قوتى فى حرفتى"، وعن هذه المبادرة تقول زينب عبد الكريم، مسئول التسويق بمركز تنمية المهارات بالمجلس: تأتى "قوتي في حرفتي" فى صورة منصة تلتقي فيها رائدات الأعمال مع السيدات صاحبات المهارات والحرف اللاتى لديهن قدرة على تقديم منتج أو خدمة بهدف تسليط الضوء عليهن وتشبيكهن بسوق العمل، وتسعى لضم كل المهتمين بالتمكين الاقتصادى للمرأة وإدماجها فى قطاع المشروعات الصغيرة وسوق العمل حيث تشجع المنصة أعضاءها لتقييم الخدمات والمنتجات المقدمة من قبل صاحبات المهارات والحرف سواء كانت تقييمات إيجابية أو سلبية بغرض الارتقاء بالجودة بشرط الموضوعية وبناء على التعامل الفعلي والمباشر.
وتضيف: المنصة غير مخصصة لبيع المنتجات ولكن الغرض منها الربط بين أصحاب الأعمال وصاحبات الحرف، ولكنها وسيلة ليتم الإعلان عن مهارات السيدات من خلال منشورات تضمن تعريف بالسيدة ومهاراتها وصور لمنتجاتها إن وجدت وإمكانية العمل من المنزل أو من خارج المنزل، بجانب توفير المنصة أيضا منشورات لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع موضح فيها فرص العمل المتاحة للسيدات ومكان العمل ومواعيده ووسائل الاتصال.
تراثنا
ومن ديارنا لقوتي في حرفتي نصل إلى "تراثنا" وهو المعرض التابع لجهاز تنمية المشروعات بوزارة التجارة والصناعة، وفي هذا الإطار أوضحت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة والرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات أنه وفقا لتوجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية بالعمل على النهوض بالمشروعات التنموية وخاصة مشروعات المرأة، فقد اهتم الجهاز بمكون التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة وبالدور التنموى فى دعم وتمكين ومساندة المرأة وتنمية قدراتها وحصولها على المهارات اللازمة لتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وزيادة المردود الاقتصادى لتلك المشروعات، خاصة فيما يخص الصناعات الحرفية واليدوية فقد قام الجهاز بتنظيم معرض "تراثنا" بواقع دورتين متتاليتين خلال عامي 2019 و 2020، حيث إن المعرض يهدف إلى إتاحة فرص تسويقية متميزة لأصحاب المشروعات الصغيرة والحرفية والتراثية وتسويق منتجاتهم وإتاحة منتجات متميزة للجماهير المهتمة بهذه الفنون العريقة بأسعار مناسبة.
وأشارت إلى أن فعاليات معرض تراثنا لعام 2020 شهدت إطلاق جائزة الأفضل لأصحاب الحرف اليدوية في مجال المشروعات متناهية الصغر للنهوض بالصناعات الحرفية واليدوية، حيث تفضلت السيدة الفاضلة حرم فخامة السيد رئيس الجمهورية خلال تشريفها للمعرض بتوزيع الجوائز على الفائزين، وأوضحت أن دولة السودان الشقيقة شاركت في الدورة الثانية للمعرض في 2020 كضيف شرف وتم تخصيص أجنحة متميزة للمنتجات السودانية تعبر عن الموروث الثقافى والحضارى السودانى.
وأوضحت أن الدورة الثانية من المعرض ضمت أكثر من 630 عارضا من أصحاب الحرف اليدوية والتراثية المتميزة من جميع محافظات الجمهورية، منهم 400 سيدة، كما تضمن المعرض 28 منتجا من منتجات المشغولات اليدوية والسجاد اليدوي والملابس التراثية والمنتجات الخشبية والصدف والنحاس والمفروشات وبلغ إجمالي عدد الزائرين 75 ألف زائر، وشاركت في المعرض عدد من الجهات منها المجلس القومى للمرأة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الثقافة ووزارة التضامن الاجتماعى بالإضافة إلى 38 جمعية أهلية من منتجى الحرف اليدوية و7 جمعيات من ذوى الاحتياجات الخاصة.
تراثنا والاقتصاد القومي
وعن الدور الاقتصادي الذي تلعبه الصناعات التراثية وأهميتها لدعم الاقتصاد القومي تقول د. هالة محمد، الخبير الاقتصادي: تعد الصناعات الحرفية التراثية ثروة داعمة للاقتصاد العالمي حيث تبلغ حجم التجارة العالمية للصناعات التراثية لأكثر من 100 مليار دولار ولكن نصيب مصر منها ضئيل جدا مقارنة بأننا الدولة الوحيدة عالميا التي تمتلك عددا هائلا من الحرف التراثية اليدوية المتنوعة، بل ووصل الأمر أن هذه الدول تشتري منا المواد الخام لتقوم بتصنيعها حسب الأذواق العالمية وتصدرها بأرباح هائلة، لذلك يجب علينا تخصيص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى والاستفادة من الخامات المحلية وخاصة المتوفرة بكميات اقتصادية، وأيضا يجب أن نراعي المرونة في الانتشار في مختلف محافظات ومناطق الجمهورية التي يتوفر بها خامات أولية بما يؤدي إلى تحقيق التنمية المتوازنة، ومراعاة المرونة في الإنتاج والقدرة على تقديم منتجات وفق احتياجات وطلب المستهلك، كما أن الدولة ساهمت في ذلك بعد إعطاء قروض ميسرة للشباب بفائدة لا تتجاوز 5% لتوفير فرص عمل ولدعم اقتصاد البلاد مما يحقق الاستفادة من الخامات المحلية، فنحن نحتاج لدعم صناعة الحرف اليدوية بالحفاظ على التراث المصرى الحضارى من حرف تقليدية، وذلك من خلال دعم وتطوير الصناعات الحرفية المصرية، ودعم ورعاية المبدعين الحرفيين فى كافة القطاعات الحرفية من خلال توفير بيئة صحية صالحة للعمل، وتذليل كل العقبات والمشاكل التى تواجههم بالتعاون مع كل الجهات والهيئات.
***
قراموص المصرية
قرية "قراموص" هي الأولى والوحيدة في العالم التي تخصص حتى اليوم أراضيها كاملة لزراعة نبات البردي، فهي تزرعه وتصنعه وترسمه وتلونه، ثم تبيعه إلى أنحاء العالم، وهناك الكثير من الأفواج السياحية تأتي لزيارة القرية لمشاهدة نبات البردي أثناء زراعته، أو التعرف على مراحل تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية، فالقرية تعتبر متحفا فرعونيا مفتوحا يتجسد فيه تواصل الماضي مع الحاضر.
***
"التُلي" موضة عالمية بهوية مصرية
نوع من التطريز المصري الذي يستخدم الخيوط المعدنية الفضية أو الذهبية اللامعة التي اعتادت النساء في صعيد مصر التطريز به منذ القرن الـ 18، حيث كان يتم استخدام هذا النوع من التطريز في تزيين جلاليب النساء وطرحة العروس عند الزفاف وفقًا للتقاليد التي كانت سائدة هناك، كان خيط التُلي يصنع بالفعل من شرائح الذهب والفضة الحقيقيين، ولكنه يصنع الآن من خيوط النحاس المطلية بالذهب والفضة، وقد خرج فن التُلي إلى العالمية في نماذج لخطوط إنتاج من عمل مصممين فرنسيين بالإضافة إلى مجموعة ماري لويس المصرية الشهيرة في عرض أزياء أقيم بـ "كاروسيل دو لوفر" في باريس وحظيت التجربة باهتمام وتقدير مصممي الأثاث أيضًا في معرض "ميزون أوبجي" في باريس الذي أقيم في يناير 2009، ومن بين ما طلبه أحد المصممين تنفيذ غطاء لحوائط أحد القصور القديمة في إنجلترا بدلاً من ورق الحائط ، وتطلب هذا العمل دقة متناهية في التنفيذ قامت به مجموعة من فتيات إحدى القرى المصرية.
ساحة النقاش