إشراف : إيمان عبدالرحمن - سمر عيد- نهى عبدالعزيز - هدى إسماعيل - أمانى ربيع
يعتقد البعض أن للحب فصول ومواسم تنمو فيها براعمه، وتصبح أكثر قابلية للتحول إلى علاقة رومانسية حقيقية، فيأتي الصيف بانطلاقه وحيويته نحتفي فيه بالإجازة والحرية على الشواطئ وفي المنتزهات نكون أكثر انفتاحا على الحياة نهرب من حرارة الجو إلى دفء الحب، فهل حقا للحب حسابات وأوقات معينة؟، وكيف نعرف أننا نعيش قصة حب حقيقية؟،ومتى ندرك أننا يجب أن ننهي علاقة ما أو نستمر فيها؟، هل للإخلاص علامات؟، وكيف نصلح علاقة آيلة للسقوط؟، وكيف نتعافى من قصة حب فاشلة؟.. حملنا كل هذه الأسئلة وأكثر، إلى الدكتور عمرو منتصر الكاتب واستشاري العلاقات والصحة النفسية، ليجيبنا بمنطق الخبير في هذا الحوار .
بداية هل ترى أن مفهوم الحب مختلف عند الرجل عن المرأة؟
العلاقات عموما تجارب إنسانية لا يمكن إخضاعها لمعايير معينة، التعميم هنا غير مقبول، السائد أن النساء أكثر عاطفية عكس الرجال، لكن أحيانا كثيرة نجد نساء عمليات ورجال يبحثون عن عاطفة حقيقة، والرجل والمرأة كلاهما لديهما قابلية للخداع على حسب شخصية كل منهما، وكذلك شخصية الأطراف الذين يتعاملون معهم، وأسلوبهم في التعامل مع العلاقات هو نتاج للتنشئة والبيئة التي يتواجدون فيها، في رجال كانت حياتهم خالية من العاطفة بمنزل الأهل فيبحثون عن الحب لتعويض ذلك، وهناك فتيات تعرض للخذلان أكثر من مرةيبحثون عن علاقة يديرها العقل لا القلب، وهكذا.
هل توجد علامات تدل على العلاقة العابرة وأخرى على العلاقة طويلة الأمد؟
علامات الاستمرار أو الفشل لا تظهر منذ البداية، فالبدايات عادة جميلة، الكل يُظهرأفضل ما لديه في تلك المرحلة، لكن هناك بعض الأمور التي يجب أن نأخذها في الحسبان عند دخول علاقة، أولها الإدراك، فكلما زاد إعجابنا بشخص، كلما انبهرنا به أكثر وبالتالي قل الإدراك، المثل الشعبي يقول "مرآة الحب عمياء"، وهكذا مع غياب الإدراك لا نرى من أمامنا على حقيقته، وكأننا نراه بعدسة تكبر مزاياه وتقلل عيوبه.
في هذه المرحلة لا نستمع لكلام من حولنا عندما يقولون إن هذا الشخص غير مناسب، وعلينا نسير دوما بمبدأ، دع الأفعال، وليس الكلمات والوعود البراقة تتحدث، وعموما اكتشاف شخص ما أو معرفة مسار العلاقة بحاجة إلى وقت وصبر، ويأتي هذا بكثرة الاحتكاك الذي تولده المواقف التي يتعرضان لها سويا، وحده ذلك يظهر حقيقة الشخص الذي تتعامل معه، لذا فترة التعارف مهمة جدا، حتى لا تتعرض للمفاجآت بعد ذلك.
كيف نفرق بين العلاقة العابرة والقوية التي قد تؤدي إلى ارتباط حقيقي؟
الإنسان السوي لا يميل إلى العلاقات العابرة بل يريد الدخول لعلاقة مستمرة وطبيعية ولا تكفيه فترة مؤقتة، كما أن العلاقات غير الدائمة قد تعرضه للخذلان.
اتفق مع حضرتك، ولكن بمعنى آخر متى نقرر أن نكمل الطريق في علاقة ما أو ننفصل؟
أولا علينا أن نعي المطلوب من العلاقة وهو أن تجعلك سعيدا وليس متوترا ومرهقا، العلاقة الجيدة تجعلك أفضل، لكن العلاقة التي تؤدي إلى الضغط واستنزاف المشاعر هي علاقة مؤذية، قارن أو قارني نفسك قبل وبعد العلاقة، إذا كانت تريحك وتجعلك أفضل، وأكثر إقبالا على الحياة، هنا يكون السعيللاستمرار، ولو كان العكس فعليك الهروب والنجاة بقلبك فورا.
هل هناك علاقات فاشلة لا يمكن إصلاحها وأخرى يمكن ترميمها وإنجاحها؟
طبيعي أن ندرك أنه لا يوجد إنسان كامل دون عيوب، يجب أن أسأل نفسي هل بإمكاني التعامل مع هذه العيوب واحتمالها ليس الآن فحسب، لكن للأبد، خاصة إذا كانت هذه العيوب جزءا من الطباع لا يمكن تغييرها، إذا كنت قادرا على التعامل معها، والطرف الآخر يساعدك بالتفهم ومحاولة التغيير إذا فهذه العلاقة يمكن إصلاحها، ولو العكس يكون الانفصال هو الحل الأمثل.
كيف يمكننا ترميم علاقة حب؟
لترميم أي علاقة لابد من وجود إرادة لدى الطرفين، العلاقة قائمة على شخصين لابد أن يكون كلاهما يسعى لحل المشكلة وليس طرفا واحدا فقط، ويخطئ من يظن أن العلاقات تنتهي بسبب حجم المشاكل لأنه مهما كان حجم المشكلات، طالما أن الطرفين يريدان استكمال العلاقة ستصبح أفضل وسينجحان في ذلك معا، ولا توجد علاقة مثالية دون مشاكل، المشاكل قائمة لكن علينا أن نتعلم كيف نحافظ على بعض، وأن يكون الطرفان مستعدين من وقت لآخر للتسامح والتنازل والتضحية.
هل الحب وحده كاف لإنجاح علاقة ما وإكمالها؟
كثيرا ما نرى علاقات مليئة بالمشاعر والحب، لكنها لا تكتمل، لأنها خالية من الراحة، الحب وحده لا يكفي، يجب أن تكون العلاقة مصدر راحة وليس قلق، لابد من وجود الحب وأشياء أخرى، فالحب لا يستمر في وجود إهانة أو غيرة مرضية تصل إلى الشك، أو دون احترام، هنا يتحول الحب إلى علاقة مؤذية وسامة، احتياج الإنسان للحب شيء أساسي، لكن لا بد من وجود أشياء تدعمه، بعض الناس تضحي باحترامها لنفسها من أجل الحب، تتحمل وتهين نفسها، الإنسان السوي لا يقبل هذا، الحب من الطرفين يجب إظهاره بالأفعال والمواقف.
كيف نتعافى من علاقة فاشلة؟
بأن تجد نفسك، وتجدد ثقتك بذاتك، فالبعض عندما يدخل علاقة يبني حياته ومستقبله على وجود طرف ثان عندما يبتعد ينهار فالأساس الذي بنيت عليه لم يعد موجودا، لذا يجب أن تبني أساس حياتك على نفسك لأنها ستكون موجودة دائما من أجلك، لا تعتمد على أحد لإسعادك، رتب أولوياتك من جديد، لا تكره الحب أو تمنعه، لكن استعد لكل الاحتمالات، لا تدخل في علاقة جديدة مباشرة، وعند دخول علاقة جديدة كن أكثر حذرا لكن دون مبالغة، فالعلاقات الجميلة والناجحة موجودة.
كيف نساعد أصدقاءنا على التعافي من قصة حب فاشلة؟
بأن أخرج صديقي أو صديقتي من دائرة الحزن، وأن أشير له على مناطق الثقة في نفسه، ومزاياه كي يشعر بقيمته من جديد، بعد علاقة فاشلة نعاني من أزمة ثقة، ونحتاج لمن يسمعنا، لذا يجب أن نستمع لأصدقائنا جيدا، ودون تأنيب أو نقد، خصوصا في المرحلة الأولى لأنه لن يستمع إليك، ولا يريد من يلومه، هو بحاجة لدعم، أعرفه ما وقع فيه من خطأ عندما يصبح أقوى.
اعطِ صديقك أو صديقتك مساحة ليفرغ طاقة الحزن بداخله، بعد ذلك نحاول ألا نذكر اسم الشخص أو نشير لهذه العلاقة خلال أحاديثنا، وأن أخبره أن كل شيء مرهون بالوقت،والحياة ستستمر.
علاقات الحب في سن المراهقة هل هي علاقات حقيقية؟، وهل يمكن أن تكتمل؟
في المراهقة يكون الإدراك أقل، لذا العلاقات في هذه المرحلة معرضة لأن تكون غير حقيقية لأن الانفعالات لدى المراهقين زائدة والعاطفة زائدة تطغي على الإدراك والعقل، والإنسان يتغير من مرحلة عمرية لأخرى، كلما نكبر نفهم أكثر احتياجاتنا وما نريده من الطرف الآخر.
لا يمكن القول إن كل العلاقات في هذه المرحلة فاشلة، فهناك علاقات تنجح، هناك أشخاص ناضجين في هذه السن، بإمكانهم "فرملة" مشاعرهم عند اللزوم، ويعرفون الحكم على الشخصهلهومناسبأم لا.
تخلق السوشيال ميديا لدى الناس حالة من التحيز والتحفز خصوصا في مجال الحب والعلاقات، كيف نتعامل مع ذلك؟
التعرض للسوشيال ميديا بحاجة لقدر كبير من الوعي، هي بديل لجلسات الأصحاب والتجمعات التي تنتشر فيها الحكايات والتجارب التي قد لا تكون حقيقية بالضرورة، علينا أن نتعلم كيف نرى ونسمع دون أن نتأثر، وأن نستخدم عقولنا في الحكم على ما نسمعه، هناك من يكتبون على مواقع التواصل من أجل "التريند" لا يهتمون كثيرا بتأثير ما يقولون، وكيف "يشحن" متابعيهم ويتم التحيز من طرق ضد الآخر، ودفع الناس للأنانية في العلاقات ما يؤدي للخراب.
العلاقات جوهرها الرحمة والمودة، ليست حسابات من ضحى أكثر فأفعل بالمثل، كل علاقة تحكمها ظروفها، الطلاق زاد بنسبة 30% بعد السوشيال ميديا، ونشر الناس مشاكلهم على جروبات وصفحات عامة وتكون كل التعليقات محبذة للانفصال والطلاق بسبب كلام أشخاص ليس لديهم علم أو فهم.
هل هناك علاقة بين الحب وفصول السنة؟،أو يوجد فصل تكون فيه الرومانسية والرغبة في الحب أقوى؟
كل شخص يميل لفصل معين، هناكمنيحب الشتاء ومن تحب الربيع، هذا التفضيل هو ما يؤثر فينا عاطفيا، ومن ثم نشعر بقابلية أكثر للحب في هذا الفصل عن غيره، لكن لا يوجد أساس لفكرة وجود فصل معين للحب، لا وقت للحب ولا حسابات، قد يزيد ميل البعض في الصيف أحيانا للحب بسبب كثرة الخروجات والمصايف حيث البحر يفتح الشهية للرومانسية.
ساحة النقاش