مصرية صميمة مفعمة بالحيوية، لديها حضور طاغ وقدرة على جذب الانتباه، تمتلك ذاكرة فولاذية ما يجعلها تسرد الأحداث وكأنها تعيشها مجددا، لم يفقدها الزمن بريق امرأة تتمتع بجمال هادئ، حبيبة وزوجة وأم ورفيقة درب لبطل الحرب والسلام، لم تنغلق على الماضي بل واكبت تطورات العصر واطلعت على المستجدات، إنها السيدة الفاضلة الراحلة جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فى حوار مفتوح من خلال إحدى صالوناتها الشهرية، واليوم نعيد نشر هذا » حواء « والتى استضافتها الحوار الوطني الأصيل تخليدا لذكراها ومواقفها الوطنية.
البداية كانت من تقييم السيدة الراحلة جيهان السادات للمرحلة الراهنة التى تعيشها مصر والمصريون فقالت: لا شك أن المرحلة الحالية من أصعب المراحل التي تمر بها مصر لأننا نمر بحرب جديدة، ورغم ما تواجهه مصر من حرب ضروس فى مختلف المجالات إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يعمل بإخلاص وتفاني من أجل تحقيق نهضة حقيقة على كافة الأصعدة، إلى جانب استعادة مكانة مصر إقليميا وعالميا من خلال زياراته الخارجية المستمرة لتوطيد علاقات مصر بمختلف دول العالم، كما يعمل على تسليح الجيش المصري بأحدث المعدات الحربية من خلال عقده لعدد من اتفاقيات التسليح مع العديد من الدول، لذا أدعو المصريين بالوقوف خلف قيادتهم الحكيمة من أجل بناء وطنهم.
وعن إبتعادها عن الحياة السياسية بعد رحيل الرئيس
أنور السادات قالت رحمها الله: كنت مؤمنة أن دوري قد انتهى » السادات « بعد رحيل فأنا سيدة واقعية وعلى أن أعود إلى الوراء، ولأننى أكره الجلوس بالمنزل بلا عمل انتقلت إلى أمريكا بعد أن تلقيت دعوة لأُدرس فى جامعاتها، وعندما سافرت إلى الخارج كنت في نهاية كل محاضرة أتحدث عن الرئيس السادات، وما كان يميزه بأنه لم يكن مجرد رئيس يرفض الاحتلال ويندد به، بل أخذ بالأسباب في حربه ضد العدوان واختيار القيادات بناء على الكفاءة ووضعهم في المكان المناسب حتى تمكن من تحقيق حلمه وحلم المصريين فى تحرير سيناء واسترداد العزة والكرامة ،» السادات « لمصر، كما دشنت كرسيا للسلام يحمل اسم وكنت أدعو إليه شخصيات عالمية للمحاضرة عن دور أحد وأهم » السادات « مصر فى نشر السلام الذي كان أسبابه.
ذكريات مؤلمة
وعن ذكرياتها مع معاهدة كامب ديفيد وزيارة الرئيس للكنيست قالت: كنت أعلم أن ثمن ذهابه لإسرائيل سيكون حياته لكن لم أود إحباطه، وكزوجة كنت أتمزق لكنى أيقنت أنه لا مهرب من القدر، فعندما كنت أتحدث معه في ذلك الأمر كان يقول لي لن يستطيع أحد أن يأخذ يوما مني ولا أن يعطيني يوما زائدا، وعندما نال جائزة نوبل للسلام فقلت ،» ميت أبو الكوم « تبرع بقيمتها لبناء منازل بقرية أنا زوجتك ومن حقي أن تأخذ رأيي فلدينا 4 أولاد « : له أنا لن أترك لكم أمولا بل « : فقال لي ،» ولا نملك شيئا ،» سأترك سمعة وصداقة سترونها في كل وقت بعدي وبالفعل بعد استشهاده آمنت أن المال يأتي ويذهب لكن الصداقة والمحبة التي كنت أجدها في كل بلد عربي أو أجنبي أذهب إليه أثبتت لي صدق كلامه.
العودة من أجل مصر
وعن أسباب عودتها إلى العمل العام قالت: قررت العودة إلى مصر لأشارك في الانتخابات الرئاسية، ورغم أننى لم أنتخب الرئيس المعزول محمد مرسى إلا أننى احترمت كلمة الصندوق، وقلت من حق الإخوان الحصول على فرصتهم باعتبار أنهم فصيل سياسى حاز على تأييد عدد ليس بالقليل من الشعب، وقد حاولوا بالفعل فيما بعد وخلال إحيائى لذكرى احتفالات أكتوبر واستشهاد زوجي أن يتركوا بصمة جيدة لدي، لكن بمجرد مشاهدتى لما أقاموه مواكبة لهذه الذكرى من احتفالات أكتوبر والتي أقيمت باستاد القاهرة آنذاك رأيت الرئيس المعزول يستقل سيارة مكشوفة وكأنه بطل الحرب والسلام، وكانت المفأجاة وجوده على المنصة بجانب قيادات الإخوان وقتلة الرئيس السادات، فلم ألم يجد إلا أتمالك دموعى فى هذه اللحظة وتساءلت القتلة ليشاركوا في ذكرى انتصارات أكتوبر
عهد الظلام
أما عن الفرق بين وضع المرأة خلال هذه الحقبة ووضعها الراهن خلال حكم سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى،فقالت: هناك فروق كثيرة بين وضع المرأة في عهد الإخوان ووضعها الآن، فالمرأة في عهد الإخوان كان دورها محدود في العمل داخل المنزل ومن خلال الزواج والإنجاب، فالإخوان كانوا يرونها كعورة لا يجب أن تغادر جدران المنزل، ومن وجهة نظري أنهم لم يظلموا المرأة فقط بل ظلموا الشعب المصري أجمع، فقد كانوا يعملون بكل جهد لإرجاع مصر إلى الوراء، خاصة وأنهم بلا رؤيا أونظرة مستقبلية، أما في عهد الرئيس السيسي فالأمر مختلف، فعلى سبيل المثال لدينا الآن 90 نائبة في مجلس النواب ٢٠١٥ بالإضافة إلى التمثيل المشرف للمرأة على المستوى العالمى، لذلك فعلينا جميعا مع هذا الدعم المستمر سواء للمرأة المصرية أو المواطن المصرى ككل أن نتحمل الصعاب فمصر تستحق الكثير. وأضافت: وهو نفس ما نلمسه فيما يتعلق بوضعنا الراهن على المستوى العالمى فقد استطاعت مصر أن تعود بقوة على هذا المستوى وكذلك المستوى الإقليمي والمحلى، لذا أريد أن أوجه كلمة لجموع الشعب المصري بأن علينا أن نقف بجوار الرئيس ونعمل بجد كل في موقعه غير مبالين بالشائعات المغرضة التى تستهدفنا من قبل الإخوان، فعلى سبيل المثال على الأم أن تعنى بتربية أبناءها حتى نستطيع إعداد جيل يعتمد عليه، خاصة مع استهداف شبابنا بصورة مستمرة حتى نعبر بمصر إلى بر الأمان، كما أن علينا أن نتكاتف سويا ويقوم كل منا بدوره حتى لو كان صغيرا، ففي النهاية سيصب الأمر في المصلحة العامة لذلك أقول استعدادا للمرحلة المقبلة علينا وأن نشارك جميعا في دعم الوطن، ليس فقط كنساء ولكن ككل أفراد الشعب المصري، لذا أدعو المصريين بالوقوف خلف قياداتهم السياسية من أجل بناء وطنهم.
لا للمصالحة
وعن دعوات المصالحة مع الإخوان قالت السيدة الراحلة جيهان السادات:
إذا استطاعت جماعة الإخوان أن تعيد لنا شهداءنا من الجيش والشرطة والمدنيين فستكون هناك مصالحة، فالأمر ليس اختلافا في وجهات النظر فما بيننا وبينهم دم، فهل هناك مصالحة على دماء مصرية سالت من أجل عزة الوطن، لذلك أقول بكل ثقة: الإخوان يستخدمون الكذب في حياتهم كالهواء، فهم دائما يفعلون عكس مايقولون وهذا الأمر عن تجربة.
قصة حب
وعن قصة الحب الأسطورية التى جمعت بينها وبين الرئيس الراحل أنور السادات، قالت: لا شك أن الحب الذي كان بيننا هو الذي جعل الكثير من الأوقات الصعبة التى مرت بنا خلال رحلتنا الحياتية تمر بسلام، فقد عشت فى شبابى أجمل قصة حب، بل وكانت التضحية من أجل هذا الحب السمة الرئيسية في حياتنا الزوجية، فأذكر أننى لم أكن أطلب أى مساعدة من عائلتي، فالرئيس السادات كان من جذور ريفية، لذا كانت عزة نفسه وكرامته قبل أي شيء، من هنا فعندما كان يسألني أي من أفراد عائلتي عن وضعنا المادى كنت أؤكد على استقراره، فالسادات رحمه الله كان زوجا حنونا رائعا، بالإضافة إلى أن حبه لمصر فاق الحدود، وهذا ما دفعنى إلى حبه ثم الارتباط به فيما بعد فقد نشأت في منزل كان حب الوطن هو السمة الرئيسية به، فوالدتي رغم جذورها البريطانية كانت تزرع وبشكل دائم في قلوبنا حب الوطن، ولم تنس أننا مصريين لأب مصري وننتمي لمصر.
قرارات مصيرية
وحول دورها فى العديد من القرارات المصيرية التى اتخذها الرئيس الراحل السادات وبخاصة فيما يتعلق بقرار العبور فى حرب أكتوبر، قالت: لا شك أن دورى طوال مراحل حياتنا معا كان يقتصر على الزوجة التى تساند وتدعم زوجها فى كافة قراراته.
و عن ابتعادها عن العمل بالمجال السياسى بعد رحيل الرئيس السادات، قالت:
لابد وأن أشير إلى أن العمل السياسي ليس بالأمر الهين لذلك كانت وصية الرئيس الراحل أنور السادات لي ولأبنائه هي البعد عن العمل السياسي، فقد أراد ذلك خوفا علينا، بعد أن ذاق الكثير من المتاعب ولم يكن يريد أن يعيش أبناؤه ما عاش فيه.
أيام السادات
الذى جسده » أيام السادات « أما عن تقييمها لفيلم الراحل أحمد زكى ليعكس السيرة الذاتية لحياة الرئيس الراحل أنور السادات فقالت:
أنا راضية كل الرضا عما قدمه الراحل أحمد زكي في ولكن لأن الفيلم كان محدد بوقت ،» أيام السادات « معين فلم يتسنى له توثيق كل شيء عن حياتنا، لذلك كان الفنان الراحل أحمد زكي يؤكد على الحاجة إلى إعداد عدة أجزاء من هذا العمل الفني المميز حتي يتسنى للمشاهد معرفة التفاصيل الكاملة عن مسيرة السادات وحياتنا معا.
وتضيف: أما عن أداء الفنانتين منى زكي وميرفت أمين فقد استطاعتا أن تجسدا شخصيتي ببراعة في فترتى الشباب والنضج.
اعتزال السادات
وعما تردد بخصوص اتخاذ الرئيس الراحل أنور السادات القرار باعتزال الحياة السياسية قبل رحيله بفترة بسيطة، قالت: لا أنكر أن الرئيس السادات كان قد اتخذ بالفعل هذا القرار لإعطاء الفرصة الأكبر للشباب رغم اعتراض الكثيرين فى هذه الفترة على تركه لكرسي الحكم.
ساحة النقاش