إشراف : منار السيد - سمر عيد - أميرة إسماعيل - محمد عبدالعال - هدى إسماعيل
"اغلبيه بالعيال يغلبك بالمال، قالوا لي ولد اتشد ظهري واتسند،يامخلف البنات ياشايل الهم للممات"،مأثورات شعبية كثيرة نسمعها هنا وهناك بالجلسات العائلية وبين الجيران والأصدقاء، فإذا أنجبت الزوجة "فتاة" فعليها أن تنجب "الولد"وإذا أنجبت الولد فعليها أن تنجب عددا كبيرا من الأبناء لأنهم "عزوة"، فكم من زيجات انتهت بسبب تدخل الأهل والحديث عن العادات والموروثات الخاطئة، وكم من أطفال ضاعت حياتهم ومستقبلهم تحت مسمى"العزوة"، فكيف يمكن مواجهة تلك الموروثات المجتمعية التى تهدد استقرار الأسرة وتتسبب فى تزايد السكان الذى يعوق مخططات التنمية؟
فى البداية يقول علي خليل، حارس بأحد العقارات وأب لـ7 أبناء: تربيت داخل عائلة ومجتمع ريفي يؤمن بأن تنظيم الأسرة حرام شرعا لأن الأطفال عزوة وسند في الحياة، وعن كيفية تربيتهم، يؤكد أن أبناءه الأولاد الأكبر سنا تركوا التعليم بعد الثانوية، والبنات تخلفن عن التعليم بعد المرحلة الإعدادية ليتزوجن، أما الأطفال فهم يساعدونه في أعمال العمارة التي يعمل بها.
وتقول سناء شعبان، ربة منزل، وأم لـ5 بنات:كنت مجبرة على الإنجاب بكثرة لإنجاب الولد مثل باقي سيدات العائلة ودائما كانوا ينادونني بأم البنات وكأنها "وصمة عار"، وكان الأمر يزداد بين سيدات العائلة اللاتي أنجبن الذكور ولم يكتفين بذلك بل كن في سباق لمن ينجب أكثر، لكنني في النهاية كنت الخاسرة وبناتي في هذا السباق،فزوجي بحث عن زوجة أخرى لتنجب له الولد.
أمازكي إبراهيم فيقول: أنا أب لثلاثة بنات هن بالنسبة لي جنة الدنيا لا أشعر بأي نقص بالعكس أغلب من حولي يحسدونني على بناتي وتفوقهن، لكن أمي دائما تردد أنها تريد ولدا من صلبي يحمل اسم أبي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تبحث لي على عروسة لتنجبلى الولد وهو الأمر الذي أرفضه، لكن الموروثات والعادات الخاطئة أصبحت المؤرق الرئيسي لحياتي اليومية بشكل مستمر.
وتقول بهية علي، ربة منزل: أنجبت 9 بنات في أعمار مختلفة، وعندما وضعت البنت الأولى قالوا لي ستنجبين بعدها "الولد" لكننى أنجبت بعدها الثانية والثالثة حتى التاسعةأملا أن يرزقني الله بولد، لكن لم يكن لي نصيب في إنجابه وهذه إرادة الله، وندمت على عدم اتباع إرادته والاستماع لأحاديث الأهل وضغوطهم دون النظر لصحتي وصحة بناتي ومستقبلهن وتأكدت أن كلام الأهل وتقاليدنا هي التي تدمر حياتنا وحياة أبنائنا.
موروثات قديمة
قصص لاتنتهي بطلها الموروثات والجهل لمحاولات إنجاب"الولد" وحول هذا الأمر تقول د. أميرة شاهين،أستاذ الطب النفسي: الجهل ومصطلح العزوة كلاهما موروثانموجودان في المجتمع خاصة في المجتمعات الريفية وصعيد مصر، فالعزوةبالنسبة لأهل الصعيد كثرة الإنجاب خاصة الذكور، وليس ببعيد إذا ذكرنا أن هناك بعض الأسر لاتورث الفتيات حتىلاتذهب الأرض لرجل غريب، لذا لايقف الأمر عند حد كثرة الإنجاب فالقضية أعمق وأكبر وتفاصيلها ممتدة منذ سنوات طويلة حتى يومنا هذا.
وتضيف: إذا شعرت الفتاة أن وجودها غير مرحب به وأن الأسرة جميعها تنتظر الولد سيتولد لديها انعدام الثقة بالنفس، فهي ترى أنه لاقيمة لها لأنها فتاة وهو الأمر الذي ينعكس عليها على المدى البعيد، ويمكن أن يكون سلاحا ذاحدينفإما أن يكون ذلك دافعا لها لتثبت أنها مثل الرجل وتنجح في مجالات كثيرة أو تنكمش وتتحطم، أما الأم التي تتعرض لكل هذه الضغوط من أجل إنجاب الولد فهي وعاء لجميع الاضطرابات النفسية سواء على المدى القصير أو البعيد، حيث تقع المسئولية كلهاعلى عاتقهاسواء كان في تربية البنات أو السعي لإنجاب الولد، وتحمل الضغوط الداخلية والخارجية تكون نتيجتها واحدة الاضطراب النفسي وأسرة غير سوية ومجتمع غير ناضج.
طفلان فقط
أكد علماء الاجتماع أن الموروث الثقافي الخاطئ هو السبب الرئيسي في زيادة معدل الإنجاب في مصر، وأن الزيادة السكانية خطر داهم، ولابد من زيادة التوعية وتفعيل دور الإعلام، كما أكد علماء الدين أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة لبعض الأحاديث النبوية لابد من تصحيحها عن طريق ضبط الخطاب الديني، وعن ذلك تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الزيادة السكانية خطر داهم يهدد الأمن القومي والتنمية والإصلاح الاقتصادي، لذلك لابد من تنظيم حملة قوية وضخمة تستهدف إقناع الأسر بخفض معدلات الإنجاب والاكتفاء بطفلين فقط في جميع الفئات والشرائح خاصة الريف والقرى نظرا لأنها أكثر الأماكن التي يرتفع فيها معدلات الإنجاب.
وتتابع: نحتاج إلى رفع الوعي والثقافة وزيادة إعلانات التوعية لتكون متواجدة بشكل أساسي في جميع قنوات التلفزيون والشوارع، وزيادة إنتاجالأفلام والمسلسلات التي تناقش هذه القضية لتوعية المواطنين بطريقة مشجعة، نظرا لأن الإعلام يصل لكل مواطن فقير أو غني متعلم وغير متعلم، لافتة إلى أن خفض معدلات الإنجاب لن يتم دون أن يكون هناك ضبط في الخطاب الديني والإعلامي والثقافي والقضاء على نسبة الأمية.
وتؤكد د. سامية على ضرورة اختلاف أساليب التوعية وتعددها حتى تؤثر في المواطنين خاصة غير المتعلمين منهم، وأشارت إلىأن نسبة الأمية وصلت إلى 25% وهذه نسبة خطيرة جدا ويعتبر السبب الأساسي لزيادتها هو الزيادة السكانية، نظرا لأن الكثير من الأسر التي يزيد معدل الإنجاب بهاتقوم بتسريب أبنائها من المدارس لكي يعملوا ويصبحوا مصدر رزق للأسرة.
الضغوطات العائلية والاجتماعية
ينصح د.إسلام حسن، خبير التنمية البشرية الزوجان بعدم التأثر بالضغوط العائلية والاجتماعية، والاتجاه قدما نحو إتمام خططهما المستقبلية، ويقول: دائما أنصح الزوجين بالاتفاق بينهما على كل الأمور الخاصة بحياتهما ومستقبلهما خاصة فيما يخص الإنجاب دون تدخل من الأهل، حيث إن هذا الأمر هو شأن خاص،فهما فقط من يحق له اتخاذ القرارت بشأنه لأنهما فقط منسيتحملأمور الرعاية والعناية والإنفاق والمساواة بين الذكر والأنثى، لذلك يجب التركيز والاهتمام بإنجاب أطفال أصحاء، كما يجب أن نؤكد على أن كثرة الإنجاب لا تساعد المرأة في الحفاظ على زوجها مطلقا وهذا مفهوم وموروث خاطئ يدمر حياة أي زوجين، حيث إنه من الأفضل المباعدة بين فترات الحمل والإنجاب لتكون الفترة بين الطفل الأول والثاني ثلاث سنوات على الأقل لكي ينعم الزوجان بحياة هانئة ومريحةليستطيعا معا التغلب على صعاب الحياة، كما يجب على كل زوجين الاتفاق على استخدام وسيلة مناسبة لتنظيم الأسرة وعدم قبول تدخل أي من أهل الطرفين بشأن التوقف عن استخدامها.
***
أفريقيا هي القارة الأسرع نموا
من المتوقع أن يحدث أكثر من نصف النمو السكاني العالمي بين زماننا الحاضر وعام 2050 في أفريقيا، فلأفريقيا أعلى معدل نمو سكاني في المناطق الرئيسية، وي تُوقع أن يتضاعف عدد سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2050 ، كما ي تُوقع زيادة عدد السكان في أفريقيا بسرعة حتى لو انخفضت مستويات الخصوبة في المستقبل القريب بنسبة كبيرة
ساحة النقاش