إشراف : أميرة إسماعيل - هايدى زكى- أسماء صقر - جلال الغندور - أمانى ربيع - هدى اسماعيل
بالعزيمة والإصرار بدأت سوزان طلعت مشوارهامع ابنتها سما رامىوالتى لقبتبأيقونةمتلازمة داون، حيث أطلقت مبادرة حذف مصطلح "البله المغولى" من مناهج التعليم،ورغم محاولات من حولها للتخلى عن ابنتها والتفرغ لحياتها إلا أنها لم تيأس، واجهت عقبات عديدة منها الاجتماعيةوالمادية، كافحت العادات والموروثات القديمةوحاربت لاستكمال ابنتها مراحلها التعليميةفى ظل قوانين كانت ظالمةلأصحاب الهمم، نجحت أحيانا وفشلت كثيرالكنها لم تستسلم للقيود بل كسرتها وحطمتها وابتعدت عن عيون الناس وألسنتهم المحبطةلتعبر بابنتها إلى بر الأمان حتى أصبحت سما من أهم 50 شخصية نسائية مؤثرة فى المجتمع،وأول سفيرة للنوايا الحسنةبالولايات المتحدة.
فىالبداية هل كنت تتوقعين ماوصلت إليه سما الآن؟
كنت أحلم بالاندماج وسعيت لذلك منذ ولادتها، وكنت حريصة على بث روح الحب فى قلوب إخوتها لها، ومنذ 20 عاما لم تتوفر الإمكانيات المتاحة الآن من وسائل التكنولوجيا فكنت أبحث بنفسىعن أي معلومة تفيدنىفى تربيتها، فالمشوار لم يكن سهلا لكن بمساندة ودعم زوجى استطعت وسما مواجهة الأهل والمجتمع بقوة وعزيمة وإرادة، لم نستسلم للإحباط واليأس أو كلام الناس المحبط الذى يفتقد الإنسانية، فعند ولادة سما كانت لديها مشاكل فى القلب حتى اعترض الكثير من المقربين على اهتماميووالدها بها وعلاجها المكلف للغاية.
وما الأمور التي كانت تشعرك بالإحباط وتقلل من عزيمتك؟
تعرضت للخذلان منذ ولادة سما، وعانيت التنمر حتى من الأقارب وبدأ البعض فى البعد عنها، حتى وصل التنمر من بعض الأطباءونصحونى بعدم المعاناة معها حتى قال لى أحد الأطباء "بنتك منغولية هاتي غيرها"، فأخذت عهدا على نفسى أن أتحدى الجميع وأساعد على تغيير نظرتهم لأصحاب متلازمة دوان وعدم الاهتمام لما يقولون ورفضهم الاندماج معهم فى المناسبات وغيرها على اعتبارأنهم مختلفين لكن ذلك كان من الدوافع لى لاستكمال مسيرتى مع ابنتى.
وما أبرز المواقف التى لا تنسى فى مشوارك مع سما؟
وقت دخول المدرسة، حينما تنتظر الأسرة ست سنوات كاملة وتذهب مع طفلتها لتقديم أوراق الالتحاق بالمدرسة ومن قبل الدخول لباب المدرسة تجد الكل مترقبك ما بين نظرات شفقة وعطف واستهجان والأسوأ الكلمة المتفق عليها "بنتك ليس لها مكان عندنا عشان إعاقتها والأولاد وأولياء أمورهم مش هيقبلوا بوجود البنت وسطهم"، وفى تلك الحالة كان الاختيار بين مدارس تأهيل مهنى أو مدارس دولية أو خاصة وهم لا يعلمون أننا كأمهات وآباء أصحاب الهمم ننحت فى الصخر منذ ولادة أبنائنا حتى نجعلهم مؤهلين للالتحاق بالمدارس.
وكيف استطعت التغلب على هذه العقبات؟
رغم التحديات والصعاب التىواجهتنى إلا أننى لم أعر أيا منها اهتماما وانشغلت ببنتي ذات الوجه الملائكىوالعيون المليئة بالحب والأمل والتفاؤل.
وماذا عن شعورك الآن بعد نجاح سما محليا وعالميا؟
أشعر بالتقصير تجاه سما رغم ما أفعله معها، فمازال لدي الكثير لها، وأنا فخورة بابنتى وأحاول أن أزرع الحب بين أولادي وأعلمهم الاختلاف وحب الآخر مهما كانت طبيعته، ومع كل يوم تكبر فيه سما وتتعلم تثبت لكل الدنيا أنها "مش ناقصها أي حاجة"،الحمد لله يارب المحنة بالرضا تحولتإلى منحة.. والقدرات بالصبر أصبحتتطورا وأنا أفتخر بسماوأتشرف بها في كل مكان.
بعد 20 عاماعلى ولادة سما ما الخبرات والنصائح التىيمكن أن تقدمينهالأمهاتأصحاب الهمم؟
دائما أقول لكل أم لديها طفلمتلازمة داون:"افرحوا بشكل أولادكم وإياكم وإخفائهم وعدم إظهار ملامحهم للناس، علينا الفخر بهدية ربنا لينا مهما كانت،وعليكم تربية أطفالكم على التكيف مع إعاقتهم، وألا تدعوهم يستنكروها، ولا تجعلوهمإتكاليين فينفر منهم المجتمع"، أما أبنائى من ذوى الهمم فأقول لهم: "في مشوارك لا تهتم لأي كلام ، دائما أطرد الكلام السيئ من عقلك، نعم تحتاج لبعض المساعدة في بعض الأحيان لكن لا تكن إتكاليا".
وما رسالتك للمجتمع؟
هناك اختلاف خلال السنوات الأخيرةلأصحاب الهمم وذلك بسبب قيادتنا السياسيةالمتمثلةفى الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو أكبر داعم قوى لذوى الهمم، وهناك فرص أكثر أصبحت متاحه لهم سواء على المستوى الاجتماعىأوالتعليمىوالمهني، وعلى كل فرد فى المجتمع تقبل الآخر حتى ولو مختلف وعلى الأهل ومؤسسات التربية دور كبير فى توصيل هذه الرسالة وأعتبر تربية الأولاد محتاجة لتربية النفس فأرجوكم ربوا أنفسكم ودربوها على تقبل الآخر عشان تقدروا تنقلوا ده لولادكم.. اتعاملوا مع ولادنا عادي عشان ولادكم يتعودوا على وجودهم وسطكم ومعاكم.. إحنا موجودين وربنا أعطى لنا حق الحياة.. ماحدشبيختارحياتوا أرجوكم اقبلونا وخلوا ولادنا يعيشوا حياة طبيعية.
ساحة النقاش