إشراف : أميرة إسماعيل - هايدى زكى- أسماء صقر - جلال الغندور - أمانى ربيع - هدى اسماعيل
كل من يعرفها يراها امرأة تفيض بهجة وإشراقا، صورها ترى فيها بريقا وأملا وتفاؤلا وانتظارا لغد أجمل، د. جهاد إبراهيم، أو كما تحب أن يطلق عليها "باعثة الأمل" هكذا تُعرف النائبة البرلمانية.
عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك لم تتحدث عن مناصبها السياسية ولا بطولاتها الرياضية أو ما حققته من مكانة اجتماعية كإحدى بطلات ذوي الهمم، إنما اكتفت بوصف نفسها بباعثة الأمل وصاحبة رسالة الحب والسلام، فهي تملك من الإيمان ما يجعلها تتخطى جميع الصعاب والأزمات حتى تصل إلى مبتغاها.
- في البداية حدثينا عن طفولتك؟
الحكايه بدأت مع بنت ولدت في أعماق الريف المصري، فتاة طبيعية، وعندما أتمت شهرها الثامن حاولت أن تلمس الأرض بقدميها لكن قدميها لم تستجب لها وظلت تحاول جاهدة وكل المحاولات باءت بالفشل فاستسلمت وأصبحت تمشي على يديها وتركت قدميها تلحقها، "شلل الأطفال" هذا المرض اللعين الذي ترك بصمته على بعض البيوت المصرية، ولأن الأمر في الريف مختلف تماماً بسبب طبيعة الحياة والبيئة وأيضاً العقول، فعندما كان يقترب منها حيوان أليف أثناء لعبها مع الأطفال كان الجميع يهرع ويجرى إلا هي كانت تظل في مكانها رغماً عنها، فهي لا تستطيع التحرك ولا الجرى من وجهة نظري، طفولتي يمكن أن نطلق عليها "الطفولة المعذبة".
- وما كان دور والدتك في حياتك؟
أمي ست مصرية ريفية بسيطة جدا، عندما أتممت عامي الـ7 كانت تحملني على كتفها كل يوم للمدرسة في رحلتي الذهاب والعودة، وكان تعب والدتي يؤلمني كثيراً؛ فقد كنت اسمع ضربات قلبها وأشعر بصعوبة تنفسها وكان هذا الإحساس حافزا وصرخة داخلية لأتفوق حتى تستريح أمي، وعندما وصلت للصف الخامس الابتدائي حملت لي الأقدار مفاجأة وبصيص من الأمل حيث أهداني أحد أقاربي كان يقيم بالخارج كرسياً متحركاً شعرت وقتها بأنه جناحا الفراشة الذين سأطير بهما، وقررت أن أكافئ والدتى باجتهادى وتفوقى، وعلى الرغم من السعادة التي سيطرت على قلبي بمجرد أن رأيت الكرسي إلا أن الألم والحزن قد سكن كل خلايا جسدي، فقد أصبحت كبيرة عقلا وقلبي ما زال طفلا يتمنى أن يلعب مع الأطفال.
- وما التحديات التى واجهتك خلال مراحل التعليم المختلفة؟
مع وجود الكرسي بدأت رحلة جديدة من التحدي والإصرار، ولأن الطرق في الريف آنذاك لم تكن ممهدة فكنت أذهب كل يوم إلى المدرسة معتمدة على يدي "أدفع الكرسي بإيدي لحد ما ورمت"، وبالطبع كانت المدرسة والطلاب غير مؤهلين للتعامل مع أصحاب القدرات الخاصة، فكنت أترك الكرسي في فناء المدرسة "وأزحف" على سلالم المدرسة حتى أصل للفصل، وعلى الرغم من المعاناة اليومية إلا أن النجاح والتفوق كان حليفا لي، فكنت دائما الأولى على الفصل والمدرسة في جميع مراحل تعليمي، ورغم الكلمات القاسية التي كانت تنزل على قلبي كالرصاص " دي مشلولة" كلمة ما زال صداها في أذني حتى الآن إلا أن جميعها كانت الدافع لي لأحقق أحلامي.
- وماذا عن حلمك فى الالتحاق بكلية الطب؟
كنت دائما أكتب على جميع الجدران بالطباشير د. جهاد إبراهيم، كنت أرى نفسي طبيبة أعالج المرضى وخاصة الأطفال المصابين بمرض شلل الأطفال، إلا أن حلمي لم يتحقق فلم أحصل على الدرجات التي تؤهلني لكلية الطب، ورغم ذلك لم يتملكني اليأس وقررت أن أدخل كلية التربية لكن الكلية رفضتني وكتبت على الملف الخاص بي "غير لائق طبياً"! لم تفارق الابتسامة شفتيْ، ولم تبتعد كثيرا عن الطريق الذي اخترته، فالتحقت بكلية الآداب، قسم اجتماع، ورغم المعاناة اليومية في الوصول إلى الجامعة وإلى مدرج المحاضرات وفي أوقات كثيرة كنت أجلس في حديقة الكلية انتظر زملائي بعد المحاضرات لكي أحصل على المحاضرة نظرا لصعوبة السلم وأن أغلب المحاضرات كانت في الأدوار العلوية، ولم تكن الجامعة في ذلك الوقت مؤهلة لذوي القدرات الخاصة، وعندما علمت المسئولة عن وضع جدول المحاضرات بحالتي وضعت كل جداول المحاضرات في الدور الأرضي، ورغم كل المعاناة إلا أن كل عام كنت الأولى على دفعتي وتخرجت من الجامعة بدرجة امتياز وتم تعييني في الجامعة رغم ظروفي التي رآها الكثير مانعا لتحقيق الحلم، ثم باشرت الدراسات العليا لأحصل على الماجستير والدكتوراه.
- وكيف كانت بدايتك مع رياضة السباحة؟
قررت الثورة على الكرسي المتحرك، وبدأت التمارين في لعبة هي الأصعب بالنسبة لي "السباحة" وتميزت وتفوقت بها، وحصدت العديد من البطولات حتى أصبحت بطلة مصر في السباحة البارالمبية، ولدي أمل أن أكون أول امرأة معاقة تعبر المانش، ويتم تسجيلي في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
ومتى طرق الحب باب قلبك؟
طرق الحب بابي وتزوجت ورزقت بكارما وكانت هي العوض عن كل لحظات الألم والحزن، وكان أول درس علمته لها أن كرسي والدتها هو قدماها وخط أحمر ولا بد من احترامه، وقررت أن أظل دائماً على القمة؛ لكي تكون ابنتي فخورة بي وبكل ما حققته وتحققه.
- وماذا عن أحلامك والرسالة التى توجهينها للمرأة فى يومها؟
بحلم أن أنشر رسالة سلام للعالم كله وأن تعلم الشعوب أن مع كل محنة تأتي منحة ومع كل ألم يأتي الأمل، فأنا فتاة ولدت في قاع الألم والفقر والتنمر لكننى الآن أبعث الألم في نفوس الملايين، أما المرأة المصرية فأقول لها: أنت لست نصف المجتمع أنت المجتمع بأكلمه يجب أن يكون لديك الوعي الكامل بحقوقك وواجباتك، يجب أن تعملي وتسعى دائما إلى التطور، لا تتركي أي وقت للفراغ، كوني لنفسك الحب الأول، اهتمي بجمالك وبكل ما يخصك فأنت امرأة عظيمة تستحق كل شيء أفضل.
ساحة النقاش