بقلم د. رانيا شارود
رغم أن الطلاق غير مستحب ويبقى أبغض الحلال إلا أن ازدياده لم يعد بالأمر الغريب وسط القصص التى نسمعها ونشاهدها من هنا وهناك، لكن الغريب تزايده فى مجتمع كان الترابط الأسرى صفة يمتاز به،وكيف له أن يحدث بعد سنوات من الحب والعشرة تغلب فيها الزوجان على صعوبة الأيام وكدر العيش بل كانت صعوبته تزيد من التماسك بينهما؟
يبدو أن ما أتحدث عنه بات ضربا من ضروب الخيال، فقد أصبحالزوجان يتعصب كل منهما لرأيه ولا يعطى مجالا للحوار ولا يسمع أو يفهم أو حتى يراعي مشاعر شريكهويعتبر خلافه معه حرباشاهرا خلالها عداوته له ولابد من الانتصار فيها حتى إن كان على حساب العلاقة بينهما متناسيا الرباط المقدس الذى جمع بينهما غافلا عن أن من يزرع الحب يحصد حبا، ومن يزرع الكره يجنى الكره والشقاء، ووسط هذا الخلاف نجد هدف العدوين –أعنى من كانا شريكين- الاستلاء على العفش أوالقائمة بما تحتويه من مؤخر أو قيمة الشبكة وكأن تلك الورقة أو قطع الأثاث هى ما كانت تجمع بينهما وليس المودة والسكينة التى أخبر بهما الله عز وجل، لتذبل نبتة الحب بينهما ويتساقط ورقها وتموت بلا أمل فى الرجعة.
وفى الوقت الذى أظهر الشرع الحنيف دور المحيطين بالزوج فى حل النزاعات والخلافات التى تنشأ بينهما وهو ما عهدناه فى مجتمعنا المصرى على مدار أعوام عدية وأجيال كثيرة تحول دور بعضهم من الإصلاح إلى الإفساد، ومن إشاعة المحبة وإعادة المودة بين الزوجين إلى بث الفرقة وزيادة الخلافات بينهما، لقد تبدل حال الحكمين اللذين أرشد الله إليهما فى قوله "فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها"، وهو ما عمل به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما كانت تقع مشكلة كبيرة بين زوجين تصل إلى حد الطلاق كان يطلب حكماً من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة من أهل الصلاح والحكمة والعقل ليجتمعا ويصلحا بين الزوجين بإزالة أسباب الخلاف إعمالا للوصية الإلهية "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا"، فاذا لم ينجحا فى الإصلاح بينهما يعنفهما وربما علاهما بالدرة "عصا صغيرة كان يحملها" ويقول رضي الله عنه: لو كان عندكما النية للإصلاح بينهما لوفق الله بينكما.
ولما كان للمقربين من الزوجين دور فى فض النزاعات بينهما وحل المشكلات الناشئة بينهما وجب علينا جميعا أن نكون رسل سلام ومحبة وجمع شمل الأسرة لإنشاء جيل صالح لنفسه ومجتمعه ووطنه.
ساحة النقاش