اشراف : منار السيد - أميرة اسماعيل - إيمان عبدالرحمن - هايدى زكي - هدى إسماعيل

100جرام من الذهب وأكثر، ثلاثة أطقم صيني، نيش مليء بالكريستال، ثلاث غسالات، شاشة لكل غرفةوغيرها من بنود قائمة العروسة التي تصل إلى مبالغ وهمية في مقابل أن هذه المقتنيات للمشاهدة فقط دون الاستعمال في أغلب الأوقات، هذا هو الحال في بعض القرى المصرية التي نشاهد فيها سباقا على زيادة بنود قائمة العروس من مبالغات وزيادات لاتناسب الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية للعديد من الشباب، ليعي أصحاب العقول الرشيدة في بعض المحافظات ليبدأوا في وقف نزيف المبالغة في تكاليف الزواج عن طريق بعض المبادرات لتيسير الزواج وعدم المغالاة في تكاليفه.

البداية من قرية"باصونة" بمركز المراغة والتي مثلت التجربة الأولى منذ أكثر من 4 سنوات لتتفق القرية جميعا بإلغاء تكاليف الزفاف والاكتفاء بالضروريات فقط ومازالت المبادرة قائمةبها.

وفى محافظة سوهاج أطلقت قرية الرويهب بمركز المنشأة مبادرة "تيسير الزواج على العروسين" بعدمادشنت عائلات القرية ذلك الاتفاق باجتماع تقدمه علماء الأزهر الشريف وكبار العائلات، وتضمن الاتفاق عدد من البنود من بينها 7 بنود على العريس و4 على العروسة وإلغاء 7 بنود مهمة في مقدمتها العشاء والنيش والسفرة وحجرة الأطفال وهدايا أم العريس وهدايا أخوات العريس، وتمت الموافقة بالإجماع من جميع الحاضرين دون أى اعتراض على أى بند من بنود المبادرة، وتعهد الجميع بتفعيلها، وتطبق تلك الشروط على العريس القادم من خارج البلد على أن يعامل معاملة أهل البلد.

العودة للأصول

تحت شعار"العودة للأصول" تبنّت قرية المرازيقبمركز البدرشين بالجيزة مبادرة لعدم المغالاة في المهور والجهاز والشبكة في ظل ارتفاع الأسعار خاصة الذهبوذلك لتخفيف أعباء الزواج،حيث إن القرية كغيرها من القرى المصرية ترتفع فيها متطلبات الزواج بسبب العادات والتقاليد المتوارثة، ومع ارتفاع الأسعار نتيجة الأزمة الاقتصادية وضع عدد من شباب القرية وثيقة عرفية متفقًا عليها للأدوات المطلوبة من العروسينتمثل عرفًا جديدًا داخل القرية وتُجنب مسألة المغالاة في المهور والمتطلبات المختلفة من فرش وأثاث وذهب وغير ذلك.

بناء الأسرة

تقول نهى محمود، أستاذ علم الاجتماع:أن المبالغة في تكاليف الزواجمن أخطر القضايا والمشكلات المجتمعية التي تهدد بناء الأسرة والمجتمع، حيث إن الدين الإسلامي وضع قواعد للأسرة المثالية التي تقوم الحياة فيها على المودة والرحمة والتيسير دون التكلف أو المبالغة في الأمور الخاصة بالزواج، حيث إن المغالاة ليست دلالة للسعادة ولا الاستقرار الأسرى.

وتؤكد أن تكاليف الزواج أصبحت عبئا كبيرا على الشباب والأهل خاصة مع ارتفاع الأسعار الذى جعل أهل العروسين يواجهان تحديات كبيرة ترهقهم ماديا ما يكون سببا كبيرا في رفض زيجات بسبب المتطلبات المبالغ فيها.

وتشيد نهى بمبادرات عدم المغالاة في تكاليف الزواج قائلة: ظهرت بعض المبادرات الناجحة من أصحاب العقول الرشيدة في بعض قرى الصعيد بعدم المغالاة في تكاليف الزواج، وجاء ذلك باتفاق بين عائلات القرى على قائمة موحدة بالمتطلبات لكل أهالي القرية والاستغناء عن أشياء كثيرة من الأمور المبالغ فيها، وهذا الأمر كان ناجحا لأن أكثر ما يفسد الأمور هو عقد المقارنات بين الأقارب والمعارف، لكن بتوحيد قائمة المتطلبات ومنها مبلغا بسيطا للشبكة استطاعوا الحد من المشكلة في العديد من القرى التي امتدت أيضاإلى خارج الصعيد.

لا للمغالاة

تقول هبه حمدي، استشاري العلاقات الأسرية: أنه يجب على الأسر ألا يغالوا في متطلبات الزواج من شبكة ومهر وتجهيز عش الزوجية ولا يرهقوا أنفسهم ماديا ولا أهل العريس، فالحياة أصبحت صعبة ويمكن أن تمر بأقل ما نسمع عنه وتصبح زيجات ناجحة، وأن ينظروا أولا إلى مصلحة أبنائهم وبناتهم من خلال اختيار الشريك على أساس الأخلاق والتربية ومراعاة ظروفه المادية وعدم التمسك بمتطلبات مرهقة لا فائدة منها.

وعن رأي الإسلام في المغالاة في تكاليف الزواج فقد أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن للزواج السعيد مُقومات عديدة ليس من بينها المبالغة في المهور ولا ارتفاع تكاليف الزفاف والزواج؛ مستشهدا قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا».

ويقول الشيخ محمد عماد الخولي، عضو مركز الأزهر للفتوى: إن المغالاة فى المهور وتكاليف وأعباء الزوجية تخالف روح الإسلام، فبركة الزواج مرتبطة باليسر، وقد جاءت النصوص الشرعية لتحث على الاقتصاد في تلك الأمور وتربط البركة في الزواج بيسر المهر والتكاليف، والتيسير على من يريد الزواج أو الحلال لا يعني أنك أهدرت حق المرأة، لأنك اخترت لها صاحب الأخلاق الذي يكرمها إن أحبها ولا يهينها إن لم يحبها، حيث إن التيسير في تكاليف الزواج يجلب البركة، قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَة".