كتبت: أماني ربيع

لم تستهدف المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" تشييد المشروعات أو تطوير البنية التحتية فى القرى المصرية فحسب، بل كان بناء الإنسان على رأس أولوياتها، حيث استهدفت بناء شخصية متكاملة ونبذ السلوكيات السلبية والتأثير في الوجدان والارتقاء بالذوق عبر الثقافة والفنون، ومحاربة الأفكار المتطرفة بالفن، وتعزيز الهوية المصرية والشعور بالانتماء لدى المواطنين، وكذلك خلق أجيال جديدة محصنة بالوعي في مواجهة تحديات المستقبل.

وعن الدور الثقافي للمبادرة كان لـ"حواء" هذا الحوار مع د. منى الحديدي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان ومقرر لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة.

ما أهمية الثقافة في بناء المجتمعات ورفع مستوى الوعي لدى الشباب والنشء؟

الثقافة مكون رئيسي في بناء الشخصية، وبجانب الحاجات الأساسية للإنسان من مأكل ومشرب وملبس، فإن تنمية الوجدان أمر مهم لأنه يخلق إنسانا حساسا تجاه قضايا مجتمعه ولديه شعور بالمسئولية الاجتماعية تجاه ذاته والآخرين والمجتمع ككل.

وماذا عن التأثير الثقافي لأنشطة مبادرة حياة كريمة؟

بناء الإنسان هو المحور الرئيسي في إستراتيجية 2030، والذي يهدف لرفع وعي المواطن ليتمكن من مواجهة تحديات المستقبل، وللثقافة ارتباط وثيق بإستراتيجية 2030 وكذلك بمشروع حياة كريمة الذي يهدف للارتقاء بجودة حياة المواطن المصري، وهو مشروع قومي ضخم حظى بإشادة عالمية، لمساهمته في تحسين حياة ما يقرب من 60 مليون مواطن في الريف والأماكن النائية والمهمشة، والهدف من مشروع حياة كريمة ليس اقتصاديا فحسب فهو مشروع متعدد الأركان له أبعاد اجتماعية وصحية واقتصادية، وكذلك أبعاد ثقافية إيمانا بدور الثقافة الكبير كقوة ناعمة في مصر.

وما أبرز الأنشطة الثقافية المرتبطة بالمبادرة؟

هناك العديد من البرامج والأنشطة التي تهتم برفع وعي الشباب والنشء والمواطن عموما، وتُنفذ هذه البرامج والأنشطة عبر شراكات فعالة لمشروع حياة كريمة مع وزارة الثقافة ومؤسسات الدولة ذات الصلة، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني للاستعانة من خبرات المتخصصين وتوفير أكبر قدر من الإمكانيات لتعظيم الاستفادة والتأثير، ويوجد نحو 20 وزارة على رأسها الثقافة تتعاون لتقديم وتنفيذ الأنشطة التنويرية للارتقاء بثقافة المواطنين عبر عروض فنية ومسرحية ولقاءات توعوية تفاعلية وورش حكي وندوات فكرية وورش رسم للأطفال لتنمية مداركهم، وهناك أيضا اهتمام كبير بالمرأة، وبجانب المتعة، تعمل هذه الأنشطة على تنمية القدرات والمعارف، وتقدم فرصة لتنمية القدرات والتشجيع على الإلمام بأساسيات بعض الصناعات الحرفية والتراثية مثل الحفر على النحاس والخشب، وقد استضافت العديد من المحافظات العروض المسرحية للمسارح المتنقلة، ويوجد اهتمام كبير بالمحافظات الحدودية من أجل تحقيق العدالة الثقافية للأماكن التي تم تهميشها طويلا خلال العقود السابقة، ومن هذه الأنشطة برامج مسرح "المواجهة والتجوال"، ومسرح العرائس ومشروع "ابدأ حلمك" الذي يقدم فرصا تدريبية لتنمية مهارات الشباب في التمثيل والكتابة ورعاية المواهب الشابة.

كيف تسهم أكشاك "كتبنا" والمكتبات التابعة لمبادرة حياة كريمة في رفع الوعي بالقرى والمحافظات وتشجيع الشباب على القراءة؟

هناك اهتمام بتنمية البنية العقلية والمعرفية للمواطنين في مختلف المحافظات، ومن الأنشطة التي تدعم هذا الهدف، مشروع "كشك كتابك" والمكتبات المتنقلة الذي تستهدف توفير كتب متنوعة بأثمان زهيدة، وهي من جهة تقدم فرص تدريب وعمل للشباب، وفي نفس الوقت ترفع وعي الشباب وتعزز من العودة لثقافة القراءة والابتعاد عن التأثيرات الضارة لمواقع التواصل الاجتماعي، وخلق أجيال جديدة محصنة بالوعي.

هل يوجد تأثير لأنشطة مبادرة حياة كريمة في رفع الوعي بثقافة التطوع لدى الشباب؟

بالطبع، هناك تغيير كبير في مفهوم التطوع لدى الشباب بفضل مشروع حياة كريمة، وقبله العديد من المبادرات الرئاسية التي شجعت الشباب على التطوع والمساهمة في تنمية بلدهم، وأثبت المتطوعون نجاحهم ومسئوليتهم تجاه الوطن في العديد من الأحداث المهمة مثل منتدى شباب العالم ومؤتمر cop 27، وكذلك مبادرة "كتف بكتف" وحملة 100 مليون صحة وغيرها، وللتطوع أهمية كبيرة في بناء شخصية الشباب لأنه يمنحهم إيمانا بقيمة العمل ويعطيهم دورا في تنمية مجتمعاتهم، كما يتيح لهم الفرصة للتدريب، ويوجه طاقتهم لأمور إيجابية تبعدهم عن الانسياق وراء الأفكار المتطرفة أو لاكتساب العادات السيئة مثل إدمان المخدرات، وكذلك يزيد من شعورهم بالمسئولية الاجتماعية تجاه بلدهم. 

وما دور أنشطة المبادرة في رعاية الموهوبين وبناء أجيال المستقبل؟

هناك العديد من المسابقات لرعاية الموهوبين في مختلف المجالات، مثل الفنون والآداب والرياضة، مثل مشروع "كابيتانو" لتقديم أجيال جديدة من المبدعين وتوجيه طاقات النشء واستغلال حماسهم في أنشطة إيجابية، هذا بخلاف المبادرات التعليمية التوعوية مثل جوائز "المبدع الصغير" للأطفال في مختلف المجالات، وكذلك مبادرة "كتابك الأول" التي ترعى المواهب الشابة في الكتابة، وتساعدهم في نشر وترويج كتابهم الأول ليبدأ المبدع الشاب مساره الخاص، بخلاف برامج في مجالات إبداعية أخرى فنية مثل الشعر والإلقاء والغناء والتمثيل وغيرها، وعلى مستوى الفنون والسينما، هناك مشروع "السينما بين إيديك" الذي يستهدف المحافظات المحرومة من دور السينما، وهي سينما متنقلة تعرض الأفلام التي تركز على قيم المواطنة من أجل دمج المواطن في القضايا المجتمعية بشكل فعال، كما تعقد لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة ندوات تثقيفية في مقر المجلس، وكذلك في العديد من المحافظات، مثل: دمنهور والإسكندرية والسويس والوادي الجديد، هدفها التوعية بما تفعلة الدولة من مشروعات قومية جديدة وتعرفهم بالمسارات والفرص المتاحة لدمجهم في قضايا الوطن.

كيف تساهم المبادرات الثقافية لحياة كريمة في رفع وعي الشباب والحد من استقطابهم للأفكار المتطرفة؟

عبر تفاعل الشباب المباشر مع الناس في البيوت والشوارع من خلال أنشطة مشروع حياة كريمة، يكونون أكثر اتصالا بقضايا المجتمع والوطن، ويزيد وعيهم بأهمية ما تقدمه القيادة السياسية لمشروعات هدفها تحسين حياة المواطنين، ونتيجة لهذا الوعي يصبح الشباب أقل عرضة للاستقطاب والقبول بالأفكار المتطرفة.

هل يساهم هذا النوع من المبادرات القومية في زيادة الشعور بالانتماء والولاء للوطن؟

بالطبع، للثقافة والفنون دور كبير في تعزيز الوجدان وغرس قيم الولاء والانتماء للوطن، وتأثير التوجيه المباشر لا يقارن بالتواجد في الميدان بالفعل ورؤية نجاح المشروعات القومية وتأثيرها في حياة المواطنين على أرض الواقع، وقد رأينا التأثير الكبير للفن والدراما الوطنية مثل مسلسل "الاختيار" وكيف تأثر الشباب بالبطولات الحقيقية لشباب آخرين ضحوا بحياتهم ذاتها من أجل الدفاع عن وطنهم. 

المصدر: كتبت: أمانى ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 271 مشاهدة
نشرت فى 7 سبتمبر 2023 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,813,946

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز