محمد عبدالعال
أكد عدد من خبراء الاقتصاد وجود علاقة طردية بين معدل الإنجاب وتوفير احتياجات الأسرة وتحقيق الرفاهية لأفرادها، فضلا عن عرقلتها لمسيرة التنمية التى تنفذها الدولة، والحد من مردودها على مواطنيها.
وثمن الخبراء من أهمية الحملات التوعوية التى تنظمها الجهات الحكومية والأهلية لرفع وعي المواطنين بخطورة زياد الإنجاب، مؤكدين على أن غياب الوعي والتركيبة السكانية وراء صعود مؤشر المواليد فى مصر..
في البداية تقول أماني فتحي: تؤثر زيادة عدد الأولاد على مستوى دخل أي أسرة بشكل مباشر، فكلما قل العدد إلى اثنين أو ثلاثة على الأكثر كان أفضل للتعليم والصحة، لذا قررت وزوجى منذ بداية ارتباطنا بالاكتفاء بطفلين فقط حتى نتمكن من توفير احتياجاتهم وتعليمهم ورعايتهم بشكل جيد.
وترى رشا حمدان أن مشكلة الزيادة السكانية وتأثيرها بالدخل مرتبطة بالوعي والثقافة، موضحة أن بعض المجتمعات تعتبر كثرة الإنجاب تفاخرا أو ضرورة إنجاب ذكور ما يؤثر على صحة الأم ويشكل عبئا على الأب الذى قد يعجز عن تلبية احتياجات أبنائه.
وتقول ولاء محمود: هناك مشكلة حقيقة في زيادة عدد أفراد الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم أجمع، لذا على الشباب المقبل على الزواج أن يعمل على تنظيم حياته من خلال تنظيم الأسرة والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة كحد أقصى.
غياب الوعى
يقول د. صلاح فهمي، الخبير الاقتصادي: متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي هو مجموع إيرادات الدولة مقسمة على عدد سكانها، علما بأن هناك نسبة كبيرة لا تساهم في ذلك الدخل بسبب بلوغ سن المعاش أو عدم العمل، وبالتالي يقوم كل فرد عامل بتحمل ثلاثة أفراد بدون عمل، وبالحديث عن آثار الزيادة السكانية فيمكن القول إن الأسرة المصرية لن تشعر بالتحسن في الدخل طالما هناك زيادة فى معدل الإنجاب، لذا فإن تنظيم النسل يعطي فرصة لتعليم جيد ودخل يضمن حياة كريمة.
ويتابع: قلة الوعي والتعليم مسئولين بشكل مباشر عن الزيادة فى عدد المواليد، فهناك من يعتقد أن إنجاب عدد أطفال مضاعف واستخدامهم في العمل ينتج عنه زيادة في الدخل وتحسن في مستوى المعيشة، فضلا عن تسببها في تسرب هؤلاء الأطفال من التعليم، والزواج في سن مبكرة، وبالتالي دائرة مفرغة من الضغط على موارد الدولة بخلاف الخطورة المباشرة على الاقتصاد وهي أن معظم هؤلاء الأطفال يعملون فيما يسمى بالاقتصاد الموازي كسائقي التوكتوك أو الباعة الجائلين مما لا ينتج عنه أي مساهمة في الدخل القومي مع دافعي الضرائب.
التركيبة السكانية
يقول د. مصطفي بدرة، الخبير الاقتصادي: هناك ارتباط وثيق بين موارد الدولة وانعكاسها على معدل الرفاهية، لذلك كلما قل معدل الإنجاب داخل الأسرة كان عائلها قادر على تلبية الاحتياجات والعيش في ظل حياة كريمة، فترشيد عملية الإنجاب هي الضامن الوحيد لكي يشعر المواطن بمعدل النمو الاقتصادى، كما أن التركيبة السكانية وخصائصها أي عمر الأفراد ومستوياتهم التعليمية لها تأثير على جودة الناتج القومي وكفاءة الفرد ليكون عنصرا فعالا في تلك المنظومة، وهناك نسبة كبيرة من التركيبة السكانية بمصر من الأطفال دون سن الــ15 عاما وهؤلاء يحتاجون إلى خدمات تعليمية وصحية دون أن يتحملوا أي أعباء مالية بل يشكلون عبئا على الدولة.
ويضيف: تتأثر رفاهية الأسرة بعدد أفرادها، فأسرة مكونة من ثلاث أفراد أو أربعة لها نفس دخل أسرة مكونة من 10 أفراد سوف تتأثر صاحبة العدد الأكبر بينما الأولى بنفس الدخل تشعر بالرفاهية، وهذا مقياس عام على كافة أوجه الأنشطة الاقتصادية والخدمات، فالموارد مقسمة على عدد أفراد المجتمع، أي أن الأسرة كلما زاد عددها تضغط على نصيب الفرد في مستوى تعليمي ورعاية صحية ورفاهية وبالتبعية فرص العمل.
وأكد بدرة على أن رفع الوعي الذى تهدف له الحملات الإعلامية الموسعة عن مخاطر الزيادة السكانية وكيفية السيطرة عليها وربط المفاهيم الاقتصادية كمعدلات الإنتاج والدخل القومي وتأثيرهم المباشر على الأسر بجانب رفع كفاءة الخدمات المقدمة بعيادة تنظيم الأسرة أحد أهم الطرق للسيطرة على معدلات الإنجاب.
أما د. علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للإحصاء والتشريع فيقول: هناك عوامل خارجية وأخرى داخلية تؤثر على الناتج القومي ومدى شعور المواطن بمردود التنمية، فالصراعات والاحداث الخارجية المتتالية أثرت بلا شك على الناتج القومي وزيادة نسبة البطالة، وتوافر السلع الاستراتيجية خاصة المستوردة من الدول التى تشهد صراعا مسلحا كروسيا باعتبارها مورد كبير للقمح وكذا المنتجات البترولية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الزيادة السكانية تلتهم معدلات النمو والتى معها لا يشعر المواطن بمردود الاستثمار او التنمية.
ويتابع: إذا قارنا موارد الدولة ومصروفاتها فى التعليم والصحة سنجد زيادة كبيرة للغاية في الأموال التي تنفقها الدولة على الخدمات وفى مقدمتها برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقتها الدولة كبرنامج تكافل وكرامة الذى يستفاد منه 3 ملايين مواطن، ورغم أهمية تلك البرامج إلا أنها لا تكفي لتوفير وتلبية احتياجات أسرة لديها عدد كبير من الأبناء، لذلك لابد من توعية المواطن بمخاطر الزيادة السكانية على المواطن نفسه.
ساحة النقاش