بقلم د. صبورة السيد
شهر رمضان فرصة عظيمة تأتينا فى العام مرة واحدة فلابد من اقتناصها لأننا لا نعلم إذا كان فى أعمارنا فرصة للعام القادم، لذا يجب أن نتمسك بها وأن نجتهد فى الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله ما استطعنا، ونعتبرها فرصة للوقوف مع النفس وتغيير عاداتنا السلبية وشحن الهمم والطاقات الإيجابية لنستمد منها القوة طوال العام، لذلك لابد من الاستعداد له من الآن قبل قدومه لنكون جاهزين بكل قوة.
على الصعيد المادى يحتاج الجسم أن يكون مستعدا للمجهود خلال هذا الشهر من صيام وصلاة وقيام لليل ولا يتأتى ذلك إلا من خلال التقوى على الصيام بتناول الأطعمة الصحية التى تمد الجسم بالطاقة وتجنبه زيادة الوزن، وأعتقد أن كراهة صيام النصف الثانى من شعبان والتى بينتها السنة النبوية المطهرة كانت الحكمة منها الاستعداد البدنى للصيام لأن وصل صيام شعبان برمضان قد يسبب إجهادا بدنيا للكثيرين.
ومن الاستعدادات المادية لرمضان تهيئة المنزل لاستقبال هذا الضيف العزيز، ففى رمضان تتبادل العائلات العزومات والدعوات لذلك تقضى السيدات وقتا أطول بالمطبخ ما يجعل المرأة تحتاج أن يكون مطبخها مستعدا ومرتبا وكذلك تحضير أفكار جديدة للطعام والحلويات، فترتيب المرأة مطبخها يمنحها الفرصة للعمل بسهولة وسرعة ويوفر لها وقتا للعبادة والطاعة.
أما على الصعيد الروحانى فالصيام ليس صيام البطن عن الطعام والشراب من الفجر إلى المغرب فحسب بل هو صيام الجوارح عن كل ما نهى الله عنه من غمز ولمز ونميمة وغيرها من الآثام، لأن الحكمة من الصيام تهذيب النفس وكبح جماح الغرائز لتسمو النفوس وتزكى، أما الذين يرون الصيام امتناعا عن الطعام والشراب فحسب فأقول لهم كما قال الرسول الكريم: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".
رمضان فرصة لتغيير العادات السلبية كالتدخين والأكل الزائد عن الحد وإدمان الأشياء السلبية بشكل عام، فالامتناع عنها طوال الشهر يجعلنا نستطيع إكمال هذا الانقطاع، كما أنه فرصة للبعد عن الخصال المذمومة والتى من أهمها الغيبة والنميمة باعتبارهما أكثر ما يفسد صيام الإنسان وتجعل ثواب عمله هباء منثورا، بل إنه قد يأتى بحسنات كالجبال لكنها تصير لا شيء بسبب أنه شتم أخيه أو سبه أو غمزه أو لمزه، الصيام يجعلنا نبتعد عن هذه العادات السيئة فلما لا نجعله نهجا نسير عليه طوال العام فرب رمضان هو رب الشهور كلها.
اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين واكتبنا فيه من المرحومين وكل عام وأنتم بخير.
ساحة النقاش