سماح موسى
الحفاظ على استقرار الأسرة ليس بالأمر الهين بل يحتاج من الطرفين إلى مجهود كبير وتنازلات وتغاضي عن بعض الأخطاء، ومن الطبيعى أن تتعرض الحياة الأسرية للتوتر والمشكلات ومن مسبباتها الرئيسية المتطلبات المادية الطارئة التي تطلبها الزوجة من شريكها خاصة فى شهر رمضان التى تتضاعف فيه مستلزمات الأسرة، فكيف تتجنب المرأة تلك الخلافات؟
"حواء" التقت د. أميرة شاهين، أخصائي الإرشاد النفسي والأسري والزوجي وتعديل السلوك لتقدم لقارئاتها نصائح تساعدهن على معايشة أجواء الشهر الكريم دون الدخول فى مشكلات نتيجة لكثرة الطلبات..
فى البداية تقول د. أميرة: لابد أن ندرك أن الخلافات شيء صحي ووارد داخل الأسرة المصرية، فكل طرف يكون لديه رد فعل وتوقعات مختلفة من الطرف الثاني، وحتى لا تتفاقم المشكلات لابد أن يتقبل الطرفان الاختلاف ويسعيان للوصول إلى حل وسط يرضي كلا منهما، فقد يعتقد طرف أن الآخر يتعمد إهانته لكن الحقيقة عكس ذلك، ومن الأشياء التي تسبب الخلافات ارتفاع سقف التوقعات وردود الأفعال، فقد ينتظر أحد الشريكين رد فعل من الآخر معين، لكن عندما لا يجد ما توقعه يشعر بأنه يبخل عليه، وإذا ما طلب ذلك يشعر أنه يقلل من قيمته وكرامته، كما يوجد اختلاف في الأفكار بين الرجل والمرأة فمثلا التعبير عن الحب بالنسبة للمرأة هدايا وكلام جميل، أما بالنسبة للرجل فيرى أن بذله قصار جهده في عمله لجلب المال والإنفاق على أسرته الترجمة الحقيقية للحب، فضلا عن دوائر الحياة وتأثيرها على العلاقة الزوجية، فالعلاقة بين الزوجين لابد أن تكون داخل دائرة صغيرة خاصة، فلا يصح إقحام طرف غريب في كل صغيرة وكبيرة حتى يصل الزوجان إلى حل لخلافاتهما فالطرف الثالث غالبا ما يفسد العلاقة.
وكيف نتفادى الخلافات الناتجة عن المتطلبات المادية المتعلقة بشهر رمضان؟
لتجنب الخلافات بين الزوجين يجب عدم المغالاة في احتياجات شهر رمضان، وأن يكون هناك تفاهم بين أفراد الأسرة فقد يحرج الرجل أن يظهر أن قدراته التي لا تسمح بزيادة المصروفات في حين أن الزوجة تعتقد أن عدم تلبية الاحتياجات المتعلقة بالشهر الفضيل بخل من الطرف الآخر عن قصد ليسبب لها الإهانة أمام الآخرين، لذا فمن المهم جدا أن يكون هناك حوار بينهما واتفاق على الأشياء الأساسية لوضع الأولويات والمشاركة فيها وهو نتيجة طبيعية للظروف الاقتصادية التى تعيشها مختلف الأسر والتى تفرض على الجميع التشارك في تحمل المسئوليات، بجانب الاستغناء عن الأمور غير الضرورية أو استبدالها ببدائل اقتصادية تلبى الاحتياجات وتوفر فى الميزانية، فرمضان شهر للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله وتهذيب النفس وتقليل النفقات والاستهلاك، مع أهمية التفكير خارج الصندوق وكسر العادات البالية والتى قد تكلف عائل الأسرة فوق طاقته.
وكيف يمكن التوفير فى بند العزومات الرمضانية والتى يصعب الاستغناء عنها؟
يمكن اعتماد العزومات الاقتصادية فى رمضان، ويكون مثلا مرة واحدة في الشهر تجمع لدى فرد من العائلة ومشاركة كل فرد في أصناف الطعام التي توضع على مائدة الإفطار، وباقي الشهر يتم التزاور بعد الإفطار أو وقت السحور لتقليل النفقات، لابد أن نتعايش مع الظروف ونعمل على تغيير الثقافات التي قد تستغرق وقتا طويلا، فعادات بلد ما ترفض الاقتصاد في العزومات وتلق استنكارا فيكون بالنسبة لهم تقليل من شأن الضيف.
كيف يتم تغيير التقاليد والعادات التي ترفض التوفير في العزومات حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟
علينا تغيير ثقافة الاستهلاك وأن الترحيب والتقدير لا يكونان إلا بزيادة أصناف الأكل والشرب، لابد أن يكون هدفنا واحد في العزومات وهو تجمع العائلة وقضاء وقت ممتع معهم وصلة الأرحام وفقا للإمكانيات الموجودة، فأساس العزومات الترابط العائلي والأسري والتراحم، ولابد من الإفصاح والتبرير للاقتصاد في العزومة بشكل غير مباشر حتى لا يفهمه الآخر بشكل خاطئ، فالظروف الاقتصادية الصعبة يعاني منها الجميع الغني والفقير، وطريقة الاستقبال هى الفيصل وليس أصناف الطعام المبالغ فيها.
كيف نعود الأجيال المقبلة على إدارة النفقات والتأقلم على الأوضاع الاقتصادية؟
الحوار مهم جدا بين الآباء والأبناء في كيفية التأقلم مع الأوضاع الطارئة، فالبعض يخجل أن يحدث أبنائه عن أوضاعه الاقتصادية ويراها ضعف وتقصير، لكن الأفضل أن نعود الابن منذ طفولته على وضع ميزانية للمنزل، وعمل عزومة لمدة يوم وقد يكون لمدة شهر تحت إشراف الوالدين، حتى عند الخروج للتسوق يجب إعطائه مبلغ وتكليفه بإدارته ووضع أولويات وبدائل بشكل مبسط، ومشاركته أوقات التعسر الاقتصادي للأسرة وهذا من أساسيات التربية الإيجابية والتى تعود الطفل على تحمل المسئولية وإدارة نفقات منزله دون وجود أية خلافات بينه وشريكه في المستقبل، وهذا الأسلوب المتبع لابد أن يتدرب عليه حتى لو لم يوجد أزمة حتى يكون مستعدا في التعامل مع أي ظرف.
وما نصائحك للزوجين للحفاظ على استقرار الأسرة مهما واجهوا من عقبات قد تهدد استقرارهم؟
أنصحهم بالحوار وإعادة اختبار الثوابت المتواجدة في حياتهم فالظروف والشخصيات تختلف من وقت لآخر، فما نتفق عليه منذ عدة سنوات ليس من المؤكد أن نتفق عليه الآن مع نمو الشخصيات والتمسك بالآخر والتضحية من الطرفين بهدف استقرار الأسرة وقوة الشخصية الفيصل لأن تحديات الحياة صعبة ولا مكان لضعيف الشخصية فيها.
ساحة النقاش