محمد عبدالعال

أم لكل شهيد، وعون لكل مصاب، هكذا كانت المرأة السيناوية التى ضربت أروع الأمثلة فى الفداء والتضحية خلال الحروب التى شهدتها مصر لتقف جنبا إلى جنب مع المجاهدين من أبناء أرض الفيروز، وتعمل كدليل للفدائيين الذين أبت حميتهم الوطنية أن تظل أرض سيناء فى أيدى العدو الصهيونى لتستحق بجدارة لقب مجاهدة.

38 عاما على تحرير سيناء ولا تزال السيناوية تسطر التضحيات والبطولات.

مثلت فترة ما بعد نكسة 1967 معاناة كبيرة شاركت فيها المرأة السيناوية بإيجابية في المقاومة حيث ساعدت فى تهريب الفدائيين وعلاجهم وتوصيلهم إلى الأراضي المصرية عبر طرق لم يعرفها العدو، ورغم الظروف الصعبة التي عاشها المجتمع السيناوي أثناء حرب الاستنزاف إلا أن المرأة السيناوية كانت بمثابة أقمار صناعية للمخابرات المصرية تمدها بالمعلومات عن تحركات العدو من خلال عملها فى رعى الأغنام أو تجارة الأقمشة التى مكنتها من دخول سكنات العدو والتجول بين جنوده واستخلاص المعلومات التى ساعدت القيادة المصرية فيما بعد على شن ضربات استباقية للتحركات الإسرائيلية، وعلى مدار سنوات من الاحتلال لم ينجح العدو الإسرائيلي تجنيد أحد أبناء سيناء حيث زرعت المرأة السيناوية في نفوس أبنائها حب الوطن.

وفى حرب أكتوبر كان للسيناويات الأثر الأكبر بجانب البواسل من أبناء القوات المسلحة فى العبور العظيم، فإلى جانب إعداد الطعام للجنود وتقديم الرعاية الصحية من تضميد لجراح المصابين كانت المرأة السيناوية ترعى الإبل والغنم لإخفاء آثار المجاهدين الذين يقومون بعمليات فدائية، بالإضافة إلى توصيل التعليمات من القيادة إلى الخلايا الموجودة بسيناء للمساعدة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بخلاف مراقبتها لحركة العدو ومعداته وإبلاغ القوات المصرية.

سيدات فى زى عسكريات

لم يقتصر دور المرأة السيناوية على تقديم المساعدة للجنود أو نقل المعلومات بل كان لبعضهن نصيبا من تنفيذ عمليات استهدفت تدمير مدرعات وآلات حربية تابعة لقوات الاحتلات وذلك بعد تلقى التدريبات اللازمة من المخابرات المصرية، وقد سجل التاريخ عددا من هؤلاء المجاهدات منهن فرحانة حسين سالم، شيخة المجاهدات التى اتخذت من تجارة الملابس وسيلة لنقل المعلومات، حيث كانت تنقل تلك الملابس للصليب الأحمر في عهد الاحتلال ما مكنها من التنقل بين ثكنات العدو ومخيماته بـ "بؤجة" تحمل بها بعض الأقمشة التي قررت أن تبتاعها للأعداء، وبعد النكسة قررت أن تنطلق بين صفوف المجاهدين وتخرج من سيناء لتتلقى أولى التدريبات الخاصة بنقل معلومات عن العدو الصهيوني وإرسالها للمخابرات المصرية، وكان من أبرز بطولاتها تفجير قطار العريش الذى كان محملا بمؤن ومعدات لقوات الاحتلال، والحصول على خريطة مطار "الدورة"، وتصوير أحد أهم القواعد الإسرائيلية في "كامب ياميت"، ورغم نضال فرحانة وما قدمته من بطولات لم يعرف أبناؤها ما قامت به من عمليات فدائية إلا من خلال تكريم الرئيس أنور السادات لها.

فوزية وهند تلقت فوزية محمد أحمد الهشة تدريبات خاصة من المخابرات المصرية لتتمكن من نقل المعلومات والرسائل من القيادة بالقاهرة إلى سيناء حتى عجزت وحدات جنود التفتيش الإسرائيلية عن كشفها، وكانت تنفذ وزوجها عمليات فدائية ضد الاحتلال وينقلان مفرقعات عبر قناة السويس إلى العريش وسيناء، وكان من أبرز عملياتها تدمير سيارة الدورية الإسرائيلية من خلال زرع الألغام وشقيقها الذى احتجزته قوات الاحتلال وزوجها لمدة شهرين أذاقوهما أشد ألوان العذاب.

أما السيدة هند فقد كانت تستغل أغنامها للتجول فى الصحراء لإخفاء آثار الجنود المصريين، وذات يوم وجدت النقيب جميل وهبة مصابا في الصحراء ودمه ينزف بغزارة، فحملته إلى خيمتها وقدمت له الرعاية حتى استعاد صحته، وكانت تصطحبه هند وهو متنكر فى الزى البدوي من سيناء إلى الإسماعيلية لينقل المعلومات لمرافقيه لتنفيذ عملياتهم العسكرية ضد قوات الاحتلال.

أسماء عديدة سجلها التاريخ عن تضحيات السيناويات منها ودواد التى خدعت الحاكم العسكرى عازرا وايزمان، وعائشة الهشة، والسيدة فهيمة التى تم تجنيدها لمعرفة تحركات العدو على خط بارليف ونوع السلاح وعدد القوات وغيرهن الكثيرات اللائى دافعن عن أرض الفيروز حتى أجلى عنها آخر جندى إسرائيل ليقفن وقفة لا يقوى عليها إلا الرجال يرددن خلال مؤتمر الحسنة الذى عقد بهدف تدويل سيناء قائلات: "إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا تخلينا عن مصر أو فرطنا فى سيناء".

وبعد أحداث يناير وثورة الثلاثين من يونيو استكملت المعاصرات من السيناويات دور جداتهن فى تطهير سيناء من براسن الإرهاب كالرجال أو أشد بأسا دون النظر إلى المخاطر التى يتعرضن لها، ورغم استهداف الإرهابيين عدد منهن بسبب فضح مخططاتهم، فإنهن لم يتراجعن خطوة واحدة للوراء، وقررن استكمال نفس الطريق الذى سارت عليه أمهاتهن وجدّاتهن فى مقاومة المحتل الإسرائيلى لسنوات، ومنهن ‏ سلوى الهرش، حفيدة المجاهد الشيخ سالم الهرش الذى كان أحد الرافضين لاستقلال سيناء فى مؤتمر الحسنة، والتى ترصد تحركات زوجات الإرهابيين وتبلغها للأمن عبر رجال القبائل، وسوسن خطاب.

المصدر: محمد عبدالعال
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 262 مشاهدة
نشرت فى 3 مايو 2024 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,721,330

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز