حواء: أسماء صقر
تعد تربية الأبناء على القيم الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية منذ الطفولة جزء أساسي من عملية التنشئة الاجتماعية لهم، والتي تكون من خلال حوار الوالدين مع الأبناء وشرح العواقب المترتبة على القيام بتصرفات وسلوكيات خاطئة، وضرورة معرفة الطفل أن عليه واجبات وحقوق تجاه أفراد أسرته والمجتمع من خلال التعامل الجيد والتحدث معه بود لأن ذلك يساعد على تطوير شخصيته وتقويتها ويجعله قادر على ضبط النفس والتفريق بين الخطأ والصواب، ولأننا نحتاج لتربية أبنائنا على الأخلاق والقيم الإيجابية التقت حواء بالخبراء لمعرفة كيف نغرسها في الأبناء؟
في البداية تقول فتحية عثمان، مهندسة: أحرص على غرس الصفات الحسنة في ابني الذي يبلغ من العمر 9 سنوات فاعلمه الصدق حتى لو فعل شيئا خطأ، وأناقشه عند فعل سلوكيات غير صحيحة مثل الشجار مع أخته وعدم الحفاظ على نظافة غرفته، وأشدد عليه عدم قول ألفاظ سيئة، وأشجعه على التعامل مع أصدقائه في المدرسة أو التمرين في النادي باحترام وود وتسامح.
وتقول نور عبدالحميد، ربة منزل: تحتاج تربية الأبناء للمراقبة والتوجيه، فابنتي تحب الموضة الغربية بشدة وتقلد أزياءها عند اختيار ملابسها، وتبحث دائما عن الجديد فيها من خلال الانترنت، وهناك أزياء موضتها لا تتناسب مع عادات وتقاليد مجتمعنا الشرقي، لذا أناقشها عن ثقافتنا وأخلاقياتنا وقيمنا الدينية، كما أوجهها لمعرفة الثقافات المختلفة وانتقاء ما يناسبنا منها، كما أحرص أن تكون لغة الحوار والمناقشة معها قائمة على الاحترام والتفاهم.
ويقول أحمد عبدالله، محامي: أحرص في تربية أبنائي علي ضرورة احترام الكبار في الحديث والتعامل معهم، وكذلك أعزز فيهم قيم العدل والصبر والشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل المسئولية وفي حالة رفضهم لأمر ما عليهم قول كلمة "لا" بشكل مؤدب وأن يعبروا عن رأيهم باحترام أمام الآخرين.
القيم الإيجابية
يعلق د. محمود فوقي، أستاذ التربية بجامعة عين شمس على كيفية تربية الأبناء على القيم الإيجابية قائلا: هناك عدة قيم وأخلاقيات نحتاج لتربية الأبناء عليها منذ الصغر منها تعلم القيم الإيجابية، وتحميله نتيجة ما يقوله، ومنذ بلوغه سن 4-5سنوات نبدأ بتعويده تحمل المسئولية واتخاذ القرار والذى يكون من خلال اختياره للملابس والمأكولات التي يفضلها أو لعبة معينة حيث نترك له حرية الاختيار التي تعد نقطة انطلاقة في بناء شخصيته اجتماعيا ونفسيا، وتنمية السلوكيات المرغوبة هو دور الآباء والمعلمين، فالقيم منها الإيجابي والسلبي، فعلى الآباء والمعلمين تنمية القيم الإيجابية من خلال الاجتماعات الأسرية والاهتمام بالجوانب الوجدانية في التعليم، فالمدرسة لها دور كبير في تعليم القيم والأخلاق للطلاب بجانب الأسرة.
وتقول د. هناء جلال، أستاذ أصول التربية بجامعة المنوفية: تعد التنشئة الاجتماعية للأبناء منذ الصغر أساس تنمية ونهضة المجتمع، وهناك بعض العوامل التي يمكنها أن تحقق نتائج التربية الجيدة، وتم تصنيفها بناء على قوة الارتباط بين الوالدين والأبناء ومدى سعادتهم وإظهار مشاعر الحب والحنان والإحساس بالأمان لهم منذ الصغر والمعاملة الحسنة وعدم القسوة عليهم في القول والفعل، وكذلك التحكم في العصبية والتوتر داخل الأسرة، والاهتمام بوجود القدوة الأسرية، فيجب أن يكون الوالدين نموذجا يحتذى به في العلاقات الفعالة مع الآخرين، فعند رؤية الأبناء لتعامل الوالدين معهم والآخرين باحترام فسوف يتعاملون باحترام مع الآخرين لأن الطفل يقلد والديه.
وتتابع: يجب تعليم الطفل الاعتماد على النفس والاستقلالية، والصدق والأمانة والتسامح والتعاطف والتعاون مع الآخرين وذلك من خلال الاشتراك في الأنشطة التطوعية الخيرية لمساعدة المحتاجين، وأيضا يجب إدارة سلوك الطفل عن طريق التحفيز الإيجابي بشكل مكثف، ولا يتم استخدام العقاب إلا عندما تفشل وسائل إدارة السلوك الأخرى، وإذا تم اللجوء للعقاب يجب أن يكون بعيدا عن استخدام العنف والقسوة، وعلى الوالدين تنمية العادات الصحية السليمة داخل الأسرة مثل ممارسة الرياضة بانتظام.
منهج تربوي موحد
ينصح د. سيد أبو زيد، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة بنها بتسخير الانترنت والسوشيال ميديا فى غرس القيم الإيجابية بنفوس الأبناء قائلا: يمكن البحث عن الفيديوهات الإيجابية التي تهدف لغرس القيم عند الأطفال كاحترام الكبار والانصات لكلام الوالدين ومساعدة الآخرين، وعلى الوالدين الاتفاق على منهج تربوي موحد في تربية الأبناء، فمن أخطر الأمور الخاطئة التي يمارسها الوالدان عدم الاتفاق على رأي موحد في كيفية تربية الأبناء، فما يحاول أن يعلمه الأب لطفله تمحيه الأم وبالعكس تماما ما يجعله يشعر بالتردد وعدم الثقة بالنفس، ولا يستطيع التفريق بين الصواب والخطأ، كما يخطئ الوالدان عند مقارنة الطفل بالآخرين مثل الأصدقاء والأقارب ما يولد لديه مشاعر اللامبالاة ويعرضه للإجهاد النفسي والعاطفي ويخلق لديه انفعالات سلبية مثل الغيرة والغضب والحقد على الآخر ويظل يعاني عقدة مقارنة الآخرين من حوله، ولذلك يجب عدم مقارنة الأبناء بالآخرين والحرص على مدحهم ومكافأتهم عند اتباع السلوكيات الصحيحة.
الاعتذار والاعتراف بالخطأ
يؤكد د. شحاتة سليمان محمد حسب الله، أستاذ علم نفس الطفل والصحة النفسية والتربية الخاصة ورئيس قسم النفسية بكلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة القاهرة على أهمية غرس القيم الأخلاقية فى الأبناء منذ الطفولة، موضحا أن القيم هي مجموعة من السلوكيات التي يعتاد عليها الفرد لتصبح صفات يتسم بها، وتكون جزءا طبيعيا من شخصيته.
ويقول: يجب على الوالدين التحدث مع الأبناء عن الأخلاق وأهميتها للفرد والمجتمع، مع ذكر مواقف تعرض لها الوالدان في المدرسة أو المنزل وإخبار الطفل بالتصرف الأخلاقي الصحيح في حال حدوثها، كما أن التعلم الجيد للقيم الأخلاقية الحسنة يؤدى إلى تحسين الصحة النفسية للأطفال حيث يتعلمون كيفية التعامل مع الضغوط والتحديات، وأنصح بأهمية تعليم الطفل ثقافة الاعتذار عند الخطأ، وتعليمه طلب الإذن عند الدخول إلى غرفة الآخرين من خلال طرق الباب فهذا يعلمه احترام خصوصية الغير، وتوجيهه عند الحديث مع الآخرين بالإنصات لهم وعدم مقاطعته لحديثهم، وضرورة تحذير الطفل من التنمر علي الآخرين فالأخلاق تبني شخصية الطفل وسلوكه في المجتمع.
أما د. هاجر مرعي، خبيرة العلاقات الأسرية واستشاري الصحة النفسية فتقول: الطفل مقلد بشكل كبير لذا يجب على الوالدين توجيه الأبناء بشكل سليم للسلوكيات والأفعال الصحيحة دون تهديد أو عقاب بل من خلال المناقشة والإقناع، وتعليمه قيمة التسامح لتعديل سلوكياته حتى لا يتحول لشخص عدواني لديه عدم القدرة على المواجهة، كما يجب غرس قيمة تقدير مجهود الآخرين داخل الطفل حتى يدرك قيمة الأشخاص المؤثرين في حياته كالوالدين والمعلم في المدرسة وعند الكبر ينمو بداخله شعور الامتنان لمديره في العمل.
ساحة النقاش