
حوار: سمر عيد
ربما لم تتوقع أية أم لأي مسئول كبير أو مسئولة كبيرة أن ابنها أو ابنتها سيصبحان من صانعي القرار في المستقبل، وأن البلاد ستعتمد على قرارتهما في مستقبلها السياسي والاقتصادي، لذا فمن المهم جدا أن تعتني المرأة بالتنشئة السياسية لأبنائها، ونحن الآن على أعتاب انتخابات مجلس النواب فكيف تعرف حواء أبناءها معنى انتخابات البرلمانية؟ وما الدور الذي ينبغي أن تلعبه الأسرة في تنمية الوعي السياسي لدى أطفالها ؟ هذا ما سنتعرف عليه في حوارنا مع د. داليا محفوظ، حاصلة على دكتوراه إدارة الأعمال والموارد البشرية كلية التجارة جامعة عين شمس.
بداية كيف نعلم أطفالنا أهمية المشاركة السياسية ونعرفهم بمعنى الانتخابات وأهمية المشاركة الايجابية بها؟
لابد أن تبسط الأم المعلومات السياسية للأطفال عن طريق الشرح للطفل أن رأيه مهام وأن عليه أن يختار عندما يكبر الشخص المناسب الذي سيسهم فى تقدم الوطن، ومع تعليمهم أن رأيهم مهم لابد كذلك من تعليمهم ضرورة احترام الرأي الآخر ونعلم الطفل كذلك المناقشة والمفاضلة بين الآراء واختيار الرأي الأنسب، وفي انتخابات مجلس النواب يجب التركيز على اختيار الشخص الذي سيمثل القرية أو الدائرة التي أتبع لها بعيدا عن مدى معرفتي به، فيجب أن أخبر طفلي أنني اخترت فلان ليس لأنه من أقاربنا ولا جيراننا بل لأنه سيقوم بحل هذه المشكلة أو تقديم هذا التشريع في مجلس الشعب.
من أي عمر نبدأ في شرح أهمية المشاركة السياسية للطفل؟
دعينا نقول من أي عمر نجعله يتخذ القرار؟ بداية لابد أن نحترم رأي الطفل ونجعله يختار ملابسه وأصدقاءه، ونأخذ برأيه في موضوعات بسيطة على قدر إدراكه؛ كالأخذ برأيه في تنظيم رحلة أو عداد طعام معين، كذلك يمكنني اصطحاب الأطفال إلى صناديق الانتخابات، ووضع أصابعهم في الحبر، هنا أكون قد رسخت في ذهن الطفل منذ الصغر أهمية المشاركة السياسية من خلال تقديم القدوة له بالفعل لا بالقول فقط، لأن الأطفال يقلدون الآباء والأمهات في أفعالهم، ومن عمر 9 سنوات يمكننا أن نشرح للطفل لماذا نذهب إلى الانتخابات، ولماذا نفضل هذا المرشح على ذاك، ومن عمر 13 أو14 سنة لابد أن أشرك طفلي بنسبة 80% على الأقل في اختيار المرشح، وأتحدث معه أكثر عن أهمية المشاركة في الانتخابات.
ما أهمية التنشئة السياسية للأطفال؟
التنشئة السياسية لها فوائد عديدة: منها أنني أرسخ الروح الديموقراطية لدى الطفل منذ الصغر؛ فليس كل من يخالفني الرأي عدو لي؛ فمثلا إذا اخترنا مرشحا ما ثم نجح آخر علي أن أهنئ من اختاروا المرشح الفائز بفوزه أمام ابني أو ابنتي، وهنا أكون قد رسخت لدى الطفل احترام الرأي الآخر حتى لا يتخذ موقفا عدائيا أو دفاعيا في المستقبل إذا رشح شخصا ما ولم يفز، وحتى يحترم كل الآراء ووجهات النظر إذا ما أصبح يوما ما مرشحا هو الآخر أو أحد صانعي القرار بالبلاد، وبذلك تكون الأم قد ربت جيلا متحضرا يحترم النقد ويتقبل الاختلاف في الآراء، من ناحية أخرى يجب تعزيز الشعور بالانتماء لدى الطفل وتعريفه حقوقه وواجباته، وأن صوته يصنع فارقا وأن رأيه مهم في اتخاذ القرارات، وعلى الرغم من أن هذا الجيل لديه ثقافة رقمية وتكنولوجية ورياضية وفنية لكن مع الأسف ثقافته السياسية ضعيفة، وعلينا كأمهات تعليم أبناءنا السياسة حتى تحافظ الأجيال القادمة على حقوق البلاد السياسية والاقتصادية والتاريخية، وحتى لا يسلب منهم أي عدو هذه الحقوق في يوم ما ولكي يتصدوا لكل من أراد بوطننا سوءا أو حتى من تسول له نفسه تقويض حقوق هذا الشعب.
كيف ننمي روح الانتماء للوطن لدى الطفل؟
هناك أمور بسيطة في ظاهرها عميقة جدا في قيمتها، فتعميق قيمة الانتماء في نفس الطفل لا يكون من خلال سماع الأغاني الوطنية فقط ولا الأشعار ولا حتى من خلال تشجيع المنتخب الوطني في مباراة رياضية، فهذه أمور كلنا نفعلها، لكن شراء منتجات مصرية أمام الطفل وشرح أسباب ضرورة تشجيع المنتج المحلى وما يسهمه فى تنشيط الاقتصاد الوطنى.
ما أكثر الأمور التي تنمي روح الانتماء والمشاركة لدى الأطفال؟
التاريخ والفنون والثقافة تربط الشخص بهويته، لذا علينا أن نحرص على مشاركة الطفل في كافة الرحلات المدرسية التي تزور المتاحف وأن نقوم كأسرة أيضا بزيارة هذه الأماكن حتى نعرف الطفل من هو وماذا صنع أجداده وكيف تحملوا صعابا كثيرة من أجل الحفاظ على هذا الوطن وصنع حضارته؛ فيعتز بتاريخه، ويفخر به ويعرف مكانة دولته في العالم، وافتتاح متاحف متعددة الآن قد ساهم في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الأطفال، وإبراز المشروعات التنموية كذلك وما قامت به الحكومة من إنجازات يدعم روح الانتماء.
ما الدور الذي يلعبه الإعلام والصحافة في ذلك؟
الإعلام والصحافة هما واجهتا أية دولة ولهما دور كبير في توعية الأشخاص وتنويرهم خاصة في المشاركة السياسية، وهما يمثلان كذلك الرأي العام ورأي الشعب، ووجهة نظره تجاه كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا ينبغي أن نغفل دور الدراما والسينما في توجيه الرأي العام، فبعض الدول تستخدم الدراما والمسلسلات لتنشيط السياحة بها؛ حيث تصور الدراما التليفزيونية بأجمل المناطق في البلاد فيشاهد السائح أي مسلسل فيقوم بزيارة تلك البلد لمشاهدة الأماكن الجميلة التي شاهدها بمسلسل ما، وكانت أفلام الستينيات المصرية تظهر أجمل ما في مصر، وكيف كان المجتمع متحضرا وخلوقا، لكن مع الأسف بعض المسلسلات الآن تظهر أسوأ ما لدينا وتلحق عيوبا غير حقيقية بالمجتمع المصري.
أخيرا كيف يساهم العمل التطوعي في ترسيخ الانتماء للوطن؟
التطوع سيساعد الطفل على التخلي عن روح الأنانية وحب الذات، وسيجعله يحب مساعدة الآخرين ويقنع بما قسمه الله له، وسيجعله إنسانا يحترم حقوق الإنسان والحيوان، ويخلق التطوع في نفس الطفل الرحمة وحب تنمية هذا الوطن ويرسخ قيمة الحفاظ على أمنه وسلامته واستقراره وتقدمه وازدهاره حتى يحيا الجميع به حياة كريمة، وأخيرا دعيني أقول لحواء أنت من تصنعين قادة المستقبل فاعتني ببناء أبناءك سياسيا؛ لأنهم هم من سيقودوننا نحو الاستقرار والتقدم وهم من سيحافظون على هويتنا المصرية مهما طال الزمن.



ساحة النقاش