الخوف النفسى من الحب والزواج ..لي كل نفس مهمومة ومتعبة .. تبحـث عن ملجأ آمن تلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه
نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها فإن كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك أرسليها لنا بالبريد العادي أو البريد الأليكتروني .. ونحن في انتظارك .
سؤال طرحه علىَّ شاب فى أوائل العشرينات .. ترك مقاعد الدراسة مؤخرا .. وهو الآن على أولى درجات سلم العمل الوظيفى بأحد البنوك .. سؤاله هذا حيرنى كثيرا .. ليس فى مضمونه ومحتواه ولكن لكونه يأتى من شاب يعيش فى القرن الواحد والعشرين بكل ما فيه من صخب وضجيج وحرية وانطلاق لا حدود لهما ..
ووجدتنى أقول لنفسى .. هل هناك من يبحث عن الحب وسط الواقع الذى نعيشه الآن ..؟ ولكن كان يجب على أن أجيب لهذا الشاب عن سؤاله فقلت له :
- نعم يخاف الإنسان من الحب .. وهو ليس خوفا من الحب ذاته ولكنه خوف من مسئوليات الحب .. فالحب مسئولية .. مسئولية المشاركة .. مشاركة إنسان آخر مسئوليات الحياة .. إن يؤدى كل طرف ما عليه من واجبات ومنها ان يتحمل مسئولية الطرف الآخر .. الطرف الآخر له حقوق أو لديه توقعات .. والمحب يود لو أنه لبى احتياجات الطرف الآخر وأرضى توقعاته وأفاض له العطاء .
هذا هو شعور المحبين .. كل طرف يود أن يعطى أكثر مما يأخذ ولذة العطاء تفوق لذة الأخذ .
ومن خبراتى وخبرات علماء الاجتماع وعلم النفس .. فإن بعض الناس لا يستطيعون ذلك .. لا يقدرون على الالتزام يخشون عدم الوفاء بالوعود وعدم القدرة على تحقيق التوقعات .
هذا الإنسان يخاف أن يقع فى الحب .. وإذا أحب فهو لا يفصح عن حبه أو أن يتراجع على الفور .. وإذا تقدم خطوة فإنه يتراجع خطوتين ويتسبب ذلك فى معاناة شديدة للطرف الآخر.
الزواج بالنسبة لهذا الإنسان أم مستحيل .. أمر شديد الصعوبة .. قد يتحمس فى البداية .. ويأخذ عدة خطوات للأمام ولكن إذا اقترب موعد الالتزام الذى من بعده لا يستطيع التراجع فإن عقله يتفتق عن أى سبب للانسحاب .. وقد يتكرر هذا الأمر عدة مرات دون أن يدرى هو أو تدرى هى السبب فى ذلك .
واللافت للنظر فى السنوات الأخيرة أن الشباب أغلبهم يهربون من الزواج .. خوفا من مسئولياته .. أو رغبة فى الحياة بحرية أكثر وانطلاقه أكبر .. ويتساوى هنا الشاب والفتاة فكل منهما معنى بهذا الكلام .. الفتاة تهرب من الزواج خوفا من تحمل مسئولية زوج وبيت وأبناء .. وتفضل أن تعيش فى بيت أهلها معززة مكرمة محمولة على كفوف الراحة .. والشاب هو أيضا يهرب من الزواج خوفا من تحمل تبعات بيت وزوجة وأولاد .. وهو يريد أن يعيش على هواه منطلقا فى الحياة دون رقيب يفرض عليه قيود فى حركاته وتصرفاته .. والمؤسف حقا إن الآباء يشجعون أبناءهم على هذا الهروب .. يشجعونهم دون وعى منهم بأن لهم الضلع الأكبر فى هذه المشكلة .. فهم دون قصد منهم يربون أولادهم على التواكل وعدم تحمل المسئولية .. فبدلا من أن يربوهم على الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية منذ الصغر .. نجدهم يبالغون فى الخوف عليهم ويغرسون فيهم مبدأ الاعتماد على الغير .. وبذلك يخرجون إلى الحياة ضعفاء لايقدرون على تحمل مسئوليات الحياة .. ولا يستطيعون تحمل مسئولية أنفسهم وبالتالى لايمكن أن يتحملوا مسئولية الغير .. أى مسئولية طرف آخر شريك لهم بالحياة .
ولمن تربى على هذا الأسلوب فى الحياة يكون من الصعب جدا تغييره وارغامه على تحمل المسئولية .. وإذا حدث وارغمناه على ذلك يكون نجاحه بالحياة ضئيلاً للغاية ولكن الأمل الآن فى الأجيال القادمة .. فى الأطفال الذين يعيشون مرحلة الطفولة الأولى .. هؤلاء هم الأمل فى أن يشبوا أشخاصاً أسوياء يعرفون واجباتهم ويتحملون مسئولياتهم فى الحياة وبالتالى لا يخافون من تكوين بيت وأسرة .. ولكن مسئولية هذا الجيل الذى نربيه الآن هى مسئولية الأسرة أولا وأخيرا .. هى مسئولية كل أب وكل أم .. فعليهم وحدهم يتوقف مستقبل جيل يكبر وينموا بلا مخاوف فى الحياة والاستقرار .
ساحة النقاش