هل تعيد رسائل SMS التواصل المقطوع بسبب ضيق الوقت، والمسافات البعيدة ، وتعيد صلة الرحم هل يمكن لأحرف قليلة التعبير عن المشاعر والتهانى للأهل والأحباب وتعزيز العلاقات مع الآخرين ؟
سؤال يتبادر إلى ذهنى فى الأعياد والمناسبات ، بسبب زيادة استخدام المحمول فى التهنئة عبر رسائل SMS ، كما اشارت آخر احصائية صادرة عن الجهاز المركزى للأتصالات ، بأن المصريين تبادلوا نحو 600 مليون رسالة بمتوسط 10 رسائل لكل مشترك من إجمالى 60 مليون مشترك بتكلفة 120 مليون جنيه خلال فترة العيد، ويعد رقماً قياسياً جديداً فى نمط استهلاك المصريين الذين اعتادوا فى السنوات الأخيرة تبادل رسائل التهنئة فى الأعياد عبر المحمول ، كبديل للقاءات والزيارات المباشرة بحجة ضيق الوقت، وضيق ذات اليد، حيث أصبحت الانتقالات من مكان لآخر تمثل عبئاً مادياً ونفسياً وجسمانياً على معظم المصريين.
ولكن هل يمكن أن تقوم رسائل SMS مقام الزيارات ، وتعمل على صلة الرحم ؟! تعددت الآراء ما بين مؤيد ومعارض ، فالبعض يرى أنها لا تكفى ، وأن الفرحة لا تكتمل إلا باللقاء المباشر وجهاً لوجه، وهى الفرحة الحقيقية، وأن الزيارات تكون أكثر حميمية وموده ، أما المعارضون فيرون أن رسائل المحمول أصبحت تضيف نوعاً من الفرحة والبهجة للناس، وتتيح التواصل القريب بالبعيد مهما كانت المسافات طويلة وبعيدة ، فالرسائل تصل حتى لو كانت أجهزة المحمول مغلقة ، وأنه بمجرد فتحها ستفتح الرسالة وتصل إلى من أرسلتها إليه، مهما كان مكانه ، وأن الرسائل من الممكن أن تكون نعمة من أشخاص يصعب لقاؤهم حيث يعيشون فى مناطق جغرافية بعيدة ، أو ظروف مختلفة ، حيث تستطيع تلك الرسائل أن تشاركهم أجواء العيد فى نفس التوقيت ، وتنقل لهم المشاعر بعبارات ربما لن يستطيع المرء التعبير عنها لصعوبة اللقاء المباشر ، أى أنها تستطيع أن تعيد التواصل المقطوع لأسباب اجتماعية أو جغرافية ، أو تعيد العلاقات المقطوعة ، وتعزز الألفة ، وتعمق التواصل بين الأطراف بعضهم ببعض ، خاصة إذا كانوا رؤساء ومرؤسين، فرسالة واحدة من رئيس المؤسسة أو المدير إلى موظفيه يمكنها إذابة الحواجز النفسية بين الطرفين ، وتشعرهم بأن رئيسهم يعيش أفراحهم ، ويهنئهم بأعيادهم، مما يكون له الأثر الأكبر فى الارتقاء بمستوى الأداء ، وسريان المحبة والحميمية بين الرئيس والمرؤسين.
من المؤكد أن لرسائل المحمول فوائد عديدة عبر التواصل الاجتماعى، وإن كانت تجد معارضة من البعض ، فهى توفر عناء الذهاب إلى الأماكن البعيدة لتبادل التهانى مع الأصدقاء ، واكثر وفرة من وسائل الانتقال، حيث اختصرت المسافات، وأصبح بأمكان أى شخص فى أى مكان بالعالم ارسال تهانى المعايدات إلى اصدقائه وأحبائه دون عناء الانتقال، أو حتى تكلفة مالية دولية تصل فى تكلفتها أضعاف أضعاف رسالة المحمول ، بل أن رسائل المحمول تمكن الفرد من ارسال التهانى لعدد كبير من الأصدقاء والمعارف والزملاء فى نفس اللحظة ، وبتكلفة أقل من التليفون الأرضى أو القيام بزيارة هؤلاء جميعاً لتقديم التهانى ، وبذلك تكون طريقه أفضل للمعايده على الآخرين ، لأنها تختصر الزمان والمكان حيث بالإمكان المعايدة برسالة قصيرة لأكثر من الف شخص خلال ساعة أو أقل.
وعلى الرغم من الفوائد العديدة لرسائل المحمول واستخدامها فى التهانى بالأعياد فهى لا تخلو كونها رسالة تحمل كلمات نمطية فى مضمونها ، وربما تكون مكرره حيث تصل عدة تهانى بمضمون واحد من أكثر من شخص واحد، وهو ما يفقدها حيويتها وتأثيرها والهدف منها خاصة عندما لا تذيل باسم المهنئ الذى قد يكون غير معروف ، ويصبح مجرد رسالة جامدة خالية من الأحاسيس والعواطف الحميمية الخاصة مثل الزيارات والتواصل الحسى والمعنوى ، لتصبح مجرد كلمات جوفاء رنانة خالية من المشاعر، كما أن الرسائل تحرك الأشخاص الذين يلجأون إليها من العلاقة الحميمة ، والأجر والثواب لصلة الرحم ، لأن التواصل لم يكن مباشراً بالسلام أو التحدث معهم ، لكونها فقط من باب المجاملة وأداء الواجب فقط، وأن كانت تكسر الحواجز الجغرافية لسهولة إستخـــدامها وسرعة وصولها ، وقلة تكلفتها .
الحقيقة أن المحمول أصبح ضرورة وحقيقة لا يمكن تجاهلها فى حياتنا، خاصة وأن تقرير الجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات يوضح أن المصريين ينفقون 35 مليار جنيه سنوياً على التليفون المحمول ، وأن عدد مستخدمى المحمول وصل إلى 66 مليون مشترك ، فقد زاد عدد المشتركين 25% ليصل عددهم مليون مشترك شهرياً بين أواخر 2009 فى حين فقدت الشركة المصرية للاتصالات المقدمه خدمة الهاتف الأرضى 2.2 مليون مشترك خلال العام الماضى ليصل عدد عملائها إلى 3.9 مليون مشترك فقط.
هذه الأرقام افزعت علماء الاجتماع الذين يرون أن الأكتفاء برسائل SMS عبر المحمول فى التهانى والمناسبات ، تكون على حساب عاداتنا وموروثاتنا الإجتماعية ، والاتصال الإنسانى المباشر المتمثل فى اللقاءات العائلية والزيارات التى ترسخ الأحساس بالترابط والألفة ، وهى علاقات حثنا الله سبحانه وتعالى عليها ، لأنها تقوى العلاقات، والبعد عنها يدعم التوتر ، نتيجة الانشغال بزيادة الدخل والبحث عن المادة، وتوفير متطلبات الحياة الضرورية من مأكل وملبس متناسين تماماً العلاقات الانسانية الاجتماعية ، والترابط وصلة الرحم والتواصل بين الاصدقاء والأحباب عن طريق الاتصال المباشر .
أيا كانت خطورة التواصل عبر المحمول وحجم الاتفاق ، فالمؤكد أن المحمول يقوم بدور ايجابى وفعال على الرغم من سلبياته خاصة فى تقريب المسافات والتواصل عن بعد ، وهى سمة أصبحت حقيقية فى عصرنا الحالى لا مفر منها.
ساحة النقاش