من منا لا يعرفه فهو علم من اعلام الصحافة المصرية فى مصر .. لا نستطيع نتذكر كليتنا إعلام القاهرة دون أن نتذكر استاذنا الدكتور فاروق أبو زيد رائد الصحافة المصرية فى مصر ..
صدفة جميلة جمعتنى بإبنته الدكتورة دينا فاروق أبوزيد كنت أعتقد أنها طبيبة ولكن عرفت منها أنها مدرس للإعلام فى كلية الآداب عين شمس .. صحيح «ابن الوز عوام».
حصلت منها على نمرة استاذى العزيز الدكتور فاروق أبو زيد الذى علمنى وعلم أجيالاً من الصحفيين اخلاقيات المهنة وكيفية الحصول على خبر وفنون الصحافة من حديث وتحقيق ومقال ..
ذهبت إليه .. ودقات قلبى تسبقنى .. ولكن لا مفر من اللقاء .. لقاء التلميذة والأستاذ ذكريات سريعة مرت على وأنا انتظر استاذى العزيز فى مكتبه بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حيث يعمل عميداً لكلية الإعلام ونائباً لرئيس الجامعة ، مشيته السريعة .. شخصيته القوية .. حضوره القوى عندما يلقى المحاضرة لا نسمع فى المدرج نفس .. حماسه الشديد للشباب وتشجيعه لهم .. صوت الجامعة التى كان يصر على قيام الطلبة بتوزيعها.. ذكريات جميلة عن أستاذى لم يقطعها إلا حضور استاذى الدكتور فاروق أبو زيد بعد انتظار .. لم يتغير كثيراً فمازال أنيقاً كعادته .. تملأ وجهه ابتسامه جميلة .. داخله طيبة وحنان .. يتذكر كل تلاميذه .. رغم مرور سنوات عديدة .. ولكن كيف ومن أين أبدأ الحوار؟!
فكانت محاضرة جميلة ممتعة مع استاذى العزيز .. الذى تكلم عن بداياته فى الصحافة إلى أن أصبح عميداً لإعلام القاهرة .. وعن الصحافة المصرية .. وعصرها الذهبى الذى تمر به الآن .. والمرأة فى حياته .. وابنته الوحيدة دينا حبيبة قلبه .. الذى كان لنا معها لقاء فى نهاية الحوار .
يقول استاذى العزيز: تخرجت فى قسم صحافة كلية الآداب جامعة القاهرة عام 63 وكنا مجموعة ، خمسة من الأوائل على الدفعة وكان استاذنا الدكتور رجائى العزبى استاذنا فى الجامعة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون .. وكانت تطبع فى دار الهلال وكانوا يريدون تطوير المجلة وإدخال الألوان فيها والتليفزيون بدأ يدخل عام 60 لذلك كان القرار بتعيين الخمسة الأوائل بتوع الصحافة وكلنا رحبنا لأن أى إنسان دارس صحافة واعلام طموحه العمل فى المهنة .. والدراسة تكون نمرة (2) لو عايز .. وعملنا فى المجلة وكان معظم رؤساء التحرير فى ذلك الوقت والمسئولين عن الصحافة والاعلام لم يكونوا دارسين إعلام أو صحافة بعكس هذه الأيام وبالتالى كان فى نوع من الاستخفاف وعدم الاقتناع ، فالصحافة فى رأيهم موهبة مثل الفنان وكان صعب جداً أن نجد القيادات تقف مع الدارسين .. واشتغلت فى الصحافة ولكنى لم أنس البحث العلمى واشتغلت من عاماً 63 - 75 حوالى 12 عاماً واصبحت عضواً فى نقابة الصحفيين حتى الآن ووصلت إلى مدير تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون وبدأت أكتب رأيى وزمان ليس من حق أى صحفى أن يكتب رأيه لازم بعد عشرين سنة ولكن كنا نعمل آراء صغيرة ويعودونا نكتب وجهة نظرنا .. ووجة النظر تعبر عن ثقافة ليس كما نرى الآن أى صحفى يكتب أى كلام وتقرئين الأعمدة لا تطلعى منها بحاجة والمشكلة الوحيدة فى الصحافة فى ذلك الوقت ، الصحافة كانت حكومية وكذلك التليفزيون والصحافة كان فيها هامش أكثر من الحرية ومجلة الإذاعة والتليفزيون أقلهم هامشا للحرية ومشكلتى أننى من جيل متعلم صحافة واعلام وطموح وعاوز يعبر عن نفسه والنظام الإعلامى وقتها نظاماً سلطوياًَ والنظام السلطوى الحرية تكون فيه محدودة وكان عبدالناصر يعلن ذلك بوضوح «الحرية وكل الحرية للشعب ولا حرية لأعداء الشعب» وأمم الصحافة ولم يعطى أى فرصة لقوى أخرى تعبر عن رأيها .. واشتغلت فى الصحافة لغاية عام 75 كنت أعمل سنة وأتوقف سنة .. اشتغل ستة شهور واتوقف سنة ونصف لأسباب بسيطة جداً ويتذكر استاذى العزيز عام 64 عندما كتب موضوع عن مرتبات خريجى الجامعة وكان المرتب 17 جنيهاً وأنا انتقدت الناس بتوع الجيش والمخابرات والرقابة الإدارية يأخذون عشرين جنيهاً وهذا عدم مساواة .. وقفونى عن العمل وكان المفروض ادخل السجن ولكن لأننى شاب جلست فى البيت .. رغم أننى احب عبدالناصر وفكر عبدالناصر هو فكرنا .. ولكن أنا صحفى وظيفتى انتقد .. هذا جزء من عملى ولكن كان فى سقف لا أحد يفهمه ولا يوجد تعليمات تعمل هذا أو ذاك ولكن الغلطة تدفع ثمنها .
موسى صبرى عندما كتب عن همت مصطفى وقال أنها تلبس بروكة نقل إلى الجمهورية ولم يكتب وأنا طبيعتى اقرب إلى التمرد وخصوصا وأنا صغير والإنسان عندما يكبر يكون عاقلاً وحكيماً .
يضحك استاذى الدكتور فاروق أبو زيد ويقول ميزة جمال عبدالناصر والنظام يمنعك من الكتابة ولكن لا يضرك مادياً فكنت أحصل على راتبى مثل أى محرر يكتب وأنا فى البيت وكانت فرصة لى للدراسة والتأليف والكتابة وحصلت على الماجستير والدكتوراه ورغم أننى كنت عضواً فى منظمة الشباب ومسئولاً للإعلام فى منظمة الشباب إلا أننى كنت اعاقب واجلس فى البيت لا يوجد كبير .. ولا يوجد رحابة صدر وعندما حصلت على الدكتوراه عام 75 ذهبت إلى الجامعة فى كلية الإعلام لأن الجامعة فى عهد عبدالناصر والفترة الأولى للسادات كان فيها احترام لاستقلال الجامعة وأى نظام سلطوى لا يكون سلطوياً 100% ولكن فى مجالات من الحرية مثل الجامعة والمحاضرات والأساتذة والمسرح والسينما ، قصص نجيب محفوظ فالذى يقرأ «ثرثرة فوق النيل» يتوقع النكسة من غير مناقشة . فكان فى هامش من الحرية
والجامعة اعطتنى الإمكانيات ألفت 25 كتاباً وسافرت انجلترا وفرنسا وطوكيو .. وسافرت السعودية وعملت هناك والحمد لله حجيت خمس مرات.
والصحافة الآن تعيش فى أى عصر ؟
- على الفور يقول استاذ الأساتذة : نحن الآن نعيش فى العصر الذهبى للصحافة والدكتور فاروق أبو زيد رئيس لجنة تقارير الممارسة الصحفية فى المجلس الأعلى للصحافة . ومسئول عن اللجنة التى تعمل التقارير التى تتابع كل الجرايد والمجلس يعتمدها وتذهب للنقابة علشان تحاسب الناس .. والمشكلة التى عندنا أننا فى مرحلة انتقال والمجتمع كله فى مرحلة الانتقال والرئيس حسنى مبارك مشى خطوات أسرع .. والنظام الإعلامى فى مصر فيه سمات ديمقراطية وهى الأكثر ولكن فى سمات سلطوية وهى الأقل وعلشان نكمل مرحلة التحول لابد نغير السمات السلطوية ويستقر المجتمع كمجتمع ديمقراطى وبالتالى لن نرى الأصوات العالية والشد والعصبية ، فى الإعلام لا يوجد عندنا رقابة هذا جميل كلها سمات الديمقراطية حق نظام المجتمع وحق نقد رئيس الدولة ولكن فى حاجات لو تحسنت يكون المجتمع ديمقراطياً مثل الصحافة ، ملكية الدولة للصحف لم تعد موجودة لأى دولة ديمقراطية فى العالم .
المجتمع الديمقراطى فيه تعدد سلطات ليس ثلاث سلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية بل فى سلطات أخرى، الرأى العام سلطة ، الصحافة والإعلام سلطة ، المنظمات والمجتمع المدنى سلطة تساعدنى اتخاذالقرار ، المجتمع الديمقراطى كلما تعددت السلطات فيه كلما أعطى حريات أكثر للمواطنين .
فى المجتمعات الديمقراطية لا يوجد حبس للصحفيين ولا يدفع غرامة وإنما يدفع تعويض..
فى فرق بين النقد البناء وبين الشتيمة .. ولكن للأسف فى بعض الصحفيين نفسه يتسجن علشان يكون بطلاً ويكتب فى الـ C.V أنه اتسجن شهرين أو ثلاثة يكبر نفسه علشان يكون مدير تحرير ورئيس تحرير .
المرأة في حياتي
وأسال استاذى الدكتور فاروق أبو زيد بما أنك رئيس لجنة تقييم الأداء المسموع والمرئى فى وزارة الإعلام فما هو تقييمك لصورة المرأة فى الإعلام ؟
يقول الدكتور فاروق صورة المرأة فى الإعلام تحسنت عن الأول وخصوصاً بعد إنشاء المجلس القومى للمرأة وكنت عضواً فى المجلس القومى للمرأة ورئيس لجنة الإعلام لمدة ثلاث سنوات ولا يوجد هجوم صريح على المرأة والمناخ العام مؤيد لحقوق المرأة والمجلس القومى للمرأة عمل خطوة مهمة جداً تنظيم يدافع عن حقوق المرأة ..
والمرأة فى حياتك ؟
- يقول الأستاذ الدكتور فاروق أبو زيد: المرأة عنصر مهم جداً فى حياتى وأنا من الناس المؤيدين لحقوق المرأة ، المتعاطفين معها وهذا واضح فى كل حياتى وكل كتاباتى .. وفى الماجستير والدكتوراه فصل كامل عن حقوق المرأة وحريتها فى تاريخ الصحافة المصرية .. والمرأة جزء من تكوين ثقافتى وجزء من حضارة المجتمع أن نحترم المرأة ونعطيها حقوقها ومعروف عنى تأييدى للمرأة .
وعن ابنته الدكتورة دينا يقول الدكتور فاروق: دينا بنتى الوحيدة وطول عمرها مجتهدة وغاوية إعلام وأنا لا أحب أحد من أقاربى يكون معى فى عملى لذلك عندما كنت عميداً لإعلام القاهرة كان ممكن تدخل الكلية ولكن دخلتها الجامعة الأمريكية علشان يكون تفوقها لها .. وعملت مذيعة بالتليفزيون ولكنها فضلت العمل الأكاديمى نتيجة تأثرها بى وبوالدتها المرحومة الدكتورة نادية سالم رئيس وحدة الرأى العام والإعلام فى المركز القومى للبحوث الإجتماعية ثم تولت رئيسة الشعبة الإجتماعية بالمركز القومى ..
وعلاقتى بدينا قائمة على الاحترام والود والتفاهم والاختلاف لا يفسد للود قضية، نختلف كثيراً لأننا جيلان .. نتحدث فى التليفزيون يومياً أكثر من مرة ونلتقى على الغداء يوم السبت كل أسبوع أعزمهم هى وأسرتها .. واتقبل النقد من دينا وشخصيتها ودراستها تجعلنى أطمئن عليها فى حل مشاكلها بنفسها..
والدي هو الحنان كله
وكان اللقاء الثانى مع الدكتورة دينا فاروق أبوزيد مدرس بقسم الإعلام جامعة عين شمس ..
فيها شبه من والدها كثير الابتسامة .. الشخصية .. الطيبة تقول الدكتورة دينا .. تأثير والدى اعتقد موجود من زمان فى الطفولة وظهر من خلال اتجاهى للمجال الإعلامى وكان يشجعنى بكتابة قصصى والاهتمام بالجرائد والإذاعة المدرسية ولكنه لم يوجهنى لدراسة الإعلام ..
تقول الدكتورة دينا اعترف بأننى كنت مدللة ولكنه دلع إيجابى لا يفسد ولا أتذكر أبدا أن ضربنى أبى أو شخط فى وكان العقاب بالنظرة .. نظرة عينه تكفى .. ولأنه أستاذ جامعى وكان له علاقة بالطلبة والشباب سهل له التعامل معى فى كل مراحل عمرى وأخذ روح الشباب منهم .. وأسمع نصائحه بالنسبة لأولادى .. ويوجهنى بطريقة غير مباشرة لو وجد هناك شىء ما ومبدأه دائما يقف بعيداً إلا إذا طلبت منه التدخل .. وطبيعته طيب جدا يمكن الطلبة شايفينه الرجل الحازم ولكن فى البيت الطيبة بكل أشكالها وكل أنواعها، الحنان بكل أشكاله وانواعه .. والذى كان يعمله معى بدأ يعمله مع بناتى فهو جد حنين جدا وتتمنى الدكتورة دينا فاروق أبوزيد أن يكون هناك يوم مخصص للأب فوالدى كما تقول قام بأدوار عديدة فى حياتى فهو الأم والأب والصديق ، وطوال عمرى وأنا صغيرة افتخر بوالدى منذ أن كان صحفياً وأستاذاً فأنا فخورة به فى كل مراحله .. فخورة بشخصيته وسماته قبل أن أكون فخورة بأى منصب يحصل عليه .. صحيح صدق المثل الذى قال .. «ابن الوز عوام».
ساحة النقاش