هى .. قيمة مصرية كبيرة ، بمواقف وطنية شجاعة، وجوانب انسانية عظيمة . فهل حان وقت التكريم!!حقاً للدكتورة حكمت أبو زيد مكان فى القلب، ليست بصفتها أول وزيرة مصرية ، ولكن لمواقفها الوطنية الجريئة والشجاعة ، ومن قبل لما تتمتع به من جوانب انسانية عظيمة جعلت لها مكاناً متميزاً ومتفرداً فى قلوب المصريين جميعاً ، من عاصروها ، ومن لم يسعدها الحظ سوى بالقراءة عنها باعتبارها جزءاً من تاريخ هذه الأمة.
الدكتورة حكمت أبو زيد بنت محافظة اسيوط التى ولدت عام 1920 بقرية الشيخ داود التابعة للوحدة المحلية بصنبو مركز القوصية، تلك القرية التى لم يكن تعرف شيئا اسمه المدارس ولا التعليم ، لكنها كانت محظوظة بوالدها الذى كان يعمل بالسكك الحديدية، نوفر لها امكانية للسفر يومياً من قريتها إلى بندر ديروط لتتلقى التعليم بالمدارس الابتدائية والاعدادية هناك، حتى جاءت المرحلة الثانوية، لم يبخل الأب على ابنته لتستكمل تعليمها فوافقها على الاغتراب عن أسرتها، وليكمل مسيرتها بمدرسة حلوان الثانوية ، ولم تكن حلوان حينذاك تعرف المدن الجامعية ، فأقامت فى «بنات الأشراف» التى أسستها الرائدة نبوية موسى وهنا كانت البداية ، بداية الانخراط فى العمل العام منذ ثلاثينيات القرن الماضى، وهى طالبة فى المرحلة الثانوية عندما قادت طالبات مدرسة حلوان الثانوية أثناء مظاهرات نوفمبر 1935 التى أطلق عليها اسم «ثورة الشباب» والتى انفجرت للمطالبة بعودة دستور 1923 ، والاستقلال التام للبلاد ، ومنذ ذلك اليوم لم تتوان عن أداء واجبها الوطنى والانسانى إلى أن أصبحت أول مصرية تتولى منصب الوزارة قبل 48 عاماً وعلى وجه التحديد فى 29 سبتمبر 1962 ، حيث توالى تعيين السيدات فى مناصب وزارية وقيادية عليا ، ولكن تبقى الدكتورة حكمت أبو زيد فى الذاكرة لما قدمته للوطن من خدمات جليلة ومواقف عظيمة، ولم تهب يوماً حاكماً ذا هيبه، ولم تخش قول الحق ، ويكفى أنها وقفت يوماً أمام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، لتعلن خلافها معه فى الرأى حول مفهوم المراهقة الفكرية وكيفية دعم العمل الثورى أثناء مناقشات اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومى 1962 ، وهو ما لفت نظر الزعيم الراحل لها فجاء بها وزيرة للدولة والشئون الاجتماعية.
لم تعرف د. حكمت أبو زيد يوما السكون أو الراحة أو الخنوع أو الخضوع فاختلفت مع الرئيس الراحل أنور السادات بسبب مبادرة السلام مع اسرائيل، وتم وضع الحراسة على ممتلكاتها، وعرفت الاغتراب عن أحضان الوطن الذى عشقته، وعانت من أجله لمدة عشرين عاماً، بعد أن ضربت أروع أمثلة النضال الوطنى المعاصر ، منذ أن كانت طالبة فى الثانوية حتى عام 1991 عندما أصدرت المحكمة العليا قرارها بالغاء الحراسة على ممتلكاتها، وهنا قررت العودة إلى الوطن الذى أحبته وعاشت فيه أجمل أيام حياتها.
نالت الدكتورة حكمت أبو زيد العديد من التكريمات من الدول العربية الشقيقة ، وحصلت على أعلى الأنواط والأوسمة التى لا تمنح إلا للرؤساء والآن جاء دور مصر لتكريم الدكتورة حكمت أبو زيد التكريم اللائق بمكانتها وبما قدمته لمصر من خدمات جليلة ، وهو التكريم الذى تستحقه وكم يكون التكريم جميلاً ومؤثراً عندما يكون فى حياة الانسان وليس بعد وفاته.
المؤكد أن الدكتورة حكمت أبو زيد قيمة وهامة مصرية عظيمة، ليس بصفتها أول وزيرة مصرية، ولكن باعتبارها من أهم الوزيرات فى مصر لمواقفها الجريئة والشجاعة على مدى تاريخها الوطنى.
ساحة النقاش