ومضى قطار العمر..

كتبت:نــــبــــيلة حــــافـــــظ

إلي كل نفس مهمومة ومتعبة تبحث عن ملجأ آمن لتلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي، يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه .. نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها .. فإذا كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك .. أرسليها لنا .. نحن في إنتظارك

فجأة شعرت بأن سنوات العمر تسربت منها.. وأن النهاية قد اقتربت كثيرا.. وأن العد التنازلى بدأ وأصبحت النهاية وشيكة فالأولاود كبروا وتزوجوا.. والعمل تركته بعد أن وصلت إلى الستين.. والزوج أصبح مريضا لا يقوى على الحركة وعليها أن تقوم بتمريضه والسهر على علاجه.. اعتزلت الناس وابتعدت عن الأبناء وزوجاتهم.. وأصيبت بحالة من الاكتئاب وهى تسأل.. هل حالتها هذه حالة مرضية تستوجب العلاج؟!

ولصاحبة المشكلة وغيرها من النساء اللاتى يعانين من نفس المشكلة أقول لهن إنه كلما تقدم العمر بالإنسان ازدادت إمكانية انزلاقه فى جحيم الاكتئاب. ليس بالضرورة الاكتئاب المرضى ولكن الميل إلى الحزن والشعور بالتعاسة وزوال الحماس.. ويختلف ذلك من إنسان لآخر حسب الاستعداد والتكوين والوراثة.

فالإنسان الذى تعرض للاكتئاب فى شبابه يتعرض بنسبة أعلى لذات الاكتئاب حين يتقدم به العمر وكذلك إذا كان ذا طبيعة اكتئابية.. أى شخصية تميل إلى الاكتئاب والأبحاث العملية تؤكد أن المرأة أكثر عرضة للاكتئاب من الرجل فاحتمالات إصابتها أكبر بكثير من الرجل ولأسباب كثيرة.. منها طبيعتها الجسدية والتغيرات الهرمونية التى تتعرض لها منذ وصولها لسن البلوغ ومرورا بمرحلة الحمل والولادة وصولا إلى سن الكبر أو السن التى يطلقون عليها سن اليأس.

ومع بداية سن اليأس يسيطر المزاج السوداوى على المرأة تصبح أكثر حزنا وأكثر تأثرا.. أى أكثر حساسية لأحداث الحياة حتى وإن كانت بسيطة.. ولا يتناسب حجم ما تشعر به من حزن مع حجم المؤثرات الخارجية.. فهى تشعر بالقهر الداخلى وتنتابها لحظات يأس تشعر فيها بحالة «لا أمل» وتنطفىء فى عينيها بهجة الحياة وزهوها وتعزف عن كل ما كان يثير سرورها ويحرك نشوتها.. وتميل إلى العزلة وتؤثر الوحدة وتنطوى على نفسها.

ولكن ما هى الأعراض العضوية التى تصاحب هذه الحالة النفسية؟!

- الأطباء النفسيون حددوا هذه الأعراض فى الاحساس بالإعياء والتعب السريع. الصداع والسخونة والعرق والآلام الجسدية اضطراب النوم.. ومن الممكن أن تعانى المرأة من عدد من الأعراض دون غيرها.. ومن الممكن أيضا أن تجتمع كل هذه الأعراض لتعانى منها ووقتها تفقد المرأة رغبتها فى كل شىء وفى الحياة ذاتها.

وحتى الآن لم يتوصل العلماء إلى معرفة السبب البيولوجى الذى يؤدى إلى هذه المشاعر التعسة.. والبعض منهم يؤكد أنه لا توجد أسباب بيولوجية وإنما هو الشعور المؤلم المضنى بتقدم العمر وتوديع الشباب.

وطبيا الاكتئاب درجات.. هناك نساء يعانين من الاكتئاب دون أن يدركن ذلك.. ودون أن يدرك من حولهن أن بهن مرضا ولكنهن يمضين فى الحياة مثقلات بأحزان مبهمة ومشاعر يأس غير مفهومة وضياع داخلى غير محدد. تصبح جسدا يتحرك ولكن المشاعر ميتة.

ومن السمات المميزة لدى المرأة فى هذه المرحلة هى الشك.. فالمرأة تفقد ثقتها بمن حولها وقد تتصرف مع المحيطين بها بعدوانية تتسبب فى إبعادهم عنها.. وقد تصبح أكثر أنانية وتنطفىء مشاعرها تجاه الآخرين.

ومن هنا يبرز أهمية دور المحيطين لهذه المرأة المسكينة.. الزوج والأبناء.. فهم أقرب الناس لها وعليهم واجب الاحساس بها ومراعاة طبيعة المرحلة الحرجة التى تمر بها.. ومن هنا تأتى ضرورة المعرفة والفهم والثقافة الإنسانية الواجبة من أجل من ارتبطت حياتنا بهن.. الأمهات.. والزوجات.

إن المرأة التى تصاب باكتئاب سن اليأس فى حاجة إلى مساعدة طبية حاسمة.. تحتاج إلى يد قوية تنتشلها من هذه الهوة السحيقة وتحتاج أيضا لتضافر قوى طبى وإنسانى حتى يكتب لها النجاة.. النجاة من براثن وحش مفترس اسمه سن اليأس.