25 يناير..الفن العربى والثورة

 

كتب :صلاح بيصار

إذا كانت ثورات العالم تقوم فى جانب من أجل التحرير من الابتزاز الاستعمارى .. وفى الجانب الآخر من أجل التصدى لقوى الغشم والجهالة .. وأدوات التسلط والفساد .. وذلك حتى يمكن ارساء الحرية والعدالة والديمقراطية .. فيمثل عام 2011 من بداياته عام الثورات العربية .. فبعد ثورة تونس .. انطلقت ثورة شباب مصر فى 25 يناير والتى تحولت إلى ثورة شعبية وتبعتها ثورة اليمن والبحرين ثم كانت ثورة ليبيا.

ولقد كان الابداع التشكيلى العربى سباقا فى التعبير عن الحرية والتخلص من القيود والبحث عن مجتمع أفضل وحياة كريمة .

 جواد ونصب الحرية

ويعد الفنان العراقى جود سليم «1921 - 1961» أحد أشهر النحاتين فى العراق الحديث .. بل وفى الوطن العربى .. وهو ينتمى لعائلة كلها من المبدعين .. فقد كان والده الحاج سليم وأخوته سعاد ونزار ونزيهة كلهم من الفنانين التشكيليين .. وكان فى طفولته يشكل من الطين تماثيل لعرائس تبدو أقرب إلى لعب الأطفال .. وبعد أن اجتاز التعليم الثانوى درس النحت فى باريس وروما ولندن وعمل رئيسا لقسم النحت فى معهد الفنون الجميلة ببغداد وحتى رحيله عن عالمنا .

وقد أسس جواد جماعة بغداد للفن الحديث مع الفنان شاكر حسن آل سعيد مثلما أسس مدرسة عراقية لها سماتها الخاصة فى الفن وقد فازت منحوتته «السجين السياسى المجهول» بالجائزة الثانية فى مسابقة عالمية ،، وكان المشترك الوحيد فى الشرق الأوسط وتحتفظ الأمم المتحدة بنموذج مصغر لهذا العمل من البرونز .

فى عام 1959 شارك جواد مع المعمارى رفعت الجادرجى والنحات محمد على حكمت فى تصميم نصب «الحرية» المقام فى ساحة التحرير ببغداد .. وهو من أهم النصب الفنية فى الشرق الأوسط ذات الطابع السياسى .. وقد صاغه جواد وشكله برموز تمتد بالنقوش من الفنون البابلية والاشورية والسويسرية من حضارة بلاد الرافدين .. لكن جوهرة يعكس لأحداث ثورة العراق عام 1958 ودورها وأثرها على الشعب العراقى .. وما يلفت النظر هو التأكيد على قيمة البطولة فى الإنسان وابراز دوره فى الحياة وثورته على الظلم .. وهنا يبدو فارها منطلقا رافعا ذراعيه .. يحتشد بكل قوته من أجل كسر قضبان السجن والتخلص من القيود .. والنصب مع تشكيلاته التحتية .. تتعدد فيه الانفعالات من الاضطراب والغضب والمعاناة إلى السلام والازدهار .. وهو يحتوى على 14 قطعة من الصبات البرونزية من ببها امرأة تمسك مصباحا رمزا للحرية عند الاغريق .

 أزمة الإنسان المعاصر

أما الفنان الكويتى سامى محمد فقد عكس أزمة الإنسان المعاصر بمسحة من التشاؤم .. وكأنه يخشى استمرار الظلم وزيادة مظالم البشر .. وهنا يجسد فى منحوتاته تلك الحواجز التى تعوق الحرية .. ففى تشكيل نحتى يجسد انطلاقه الإنسان .. خارجا من حاجز .. لكن مع حركته العنيفة والخروج على الحرية يعوقه حاجز آخر أمامه .. وفى منحوته أخرى يجسد محاولة خروج الإنسان من جدار جليد .. نرى فقط ذراعا خارجا وآخر يتوارى ... وبقية الجسد فى الخلف .. أما تشكيله النحتى «الصرخة» .. فهو يذكرنا بصرخة الفنان النرويجى «مونسن» .. والتى جسدها فى لوحة تصوير شهيرة .. فى صرخة سامى محمد نطالع رجلا يفتح فمه ولكن يحد من انفعاله تلك الشرائط التى تكمم الصرخة وتوقف سريانها فى الوجود .

 السجينى ومطروقة الحرية

أما فنانينا جمال السجينى والذى يمثل العلامة الثانية بعد مثال مصر مختار .. فقد غنى بأعماله للثورة والمضطهدين فى كل أنحاء العالم بتلك المنحوتات الإنسانية المسكونة بالرمز وناصر الثورات التحررية فى أفريقيا .. كما غنى لمصر والنيل فى أعمال تنطق ببلاغة التعبير وسحر الأداء .. وأناقة التشكيل .. وليس أجمل من منحوتية «الحرية» وهى من النحاس الأحمر المطربون وجمع فيها بين إنسان عارى الجسد بملامح فرعونية ومحاولة الخروج من القضبان .. وتخرج معه حماته السلام على وشك الانطلاق فارده جناحيها.

وفنانة هولندية

تناصر الثورات العربية

وعندما قامت ثورات العرب من تونس إلي مصر واليمن والبحرين وليبيا .. جاءت مناصرة الفنانة الهولندية فرجيني مورين هوت وذلك من خلال مجموعة الملصقات «البوستر» التي أعدتها بعنوان مثل بوستر يور الرحيل والذي يعتلي فيه شخص الأفق محاولا تفكيك النسر علامة السلطة .. وأيضا بوستر «تغيير النظام» والتي تسخر فيه من النظام تتمثله بحذاء مرفوع بيد إنسانية .. وهذا بالإضافة إلي بوستر خاص بثورة الثمن .. تصور فيه فتاة ودموعها تنساب من عينها ..

تحية إلي ثورة مصر .. وإلي الثورات العربية في كل مكان .

 

 

 

 

المصدر: مجلة حواء- صلاح بيصار

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,818,050

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز