عيون من أجل مصر
كتبت : إيمان عبد الرحمن
«فى الوقت الذى كان فيه الكثيرون يتابعون الأحداث من خلف شاشات التليفزيون..ينتقدون شباب الثورة أحيانا..ويشكون فيها وفى نواياهم..كان شباب الميدان يواجهون الموت بكل شجاعة..حملوا صبهم لمصر على أكفهم ونزلوا ليطالبوا بالعدالة والحرية..وهذه فقط نماذج قليلة ولكنها مشرفة لثوار فقدوا أعينهم فى الميدان قابلتهم فى ندوة «الثورة فى عيون المصريين» التى أقامها قسم جراحة العيون بطب القصر العينى أقدمها لكل من يشكك فى الثورة..أبطال فقدوا أعينهم من أجل مصر..غيرنادمين»
صرح د. إيهاب سعد أستاذ جراحة العيون بطب القصر العينى بأن أعداد المصابين الذين تم علاجهم يومى الجمعة «جمعة الغضب» ويوم الأثنين 184 مريضاً بجانب أعداد من المرضى الذين تم إسعافهم ولم يتم حصرهم، متوسط أعمار المصابين (8 سنوات-56 سنة) وأكثر فئة عمرية مصابة كانت لشباب فى العشرينات من عمرهم، وتوجد 12 حالة من الشباب إصابتهم كانت كاملة (فى العينين) وحالة واحدة للسيدات وأكثر الحالات كانت إصابة بشظايا داخل العين ويضيف د. إيهاب أن الحالات تصنف إلى ثلاث مراحل أول مرحلة وهى الحالات التى تم تنظيف العين وتم تخيطها ثم تباشر العلاج بعد أسبوع من العملية، وحالات أخرى بعد مرور 10 أيام من المرحلة الأولى تستوجب تركيب جسم زجاجى والحالات فى المرحلة الثالثة التى كانت إصابتها فى القرنية نفذت إلى القرنية وفقدوا إبصارهم تماماً.
ويشرح أن فى هذه الحالة يحتاج المريض إلى تأهيل نفسى وتعليمه القراءة بطريقة برايل ونؤهله فى المجتمع حتى لايحس أنه عالة على المجتمع، لذلك فنحن (قسم العيون بطب القصر العيني) بصدد إنشاء قسم متكامل للتأهيل النفسى لتكملة العلاج للمصابين ولكننا نحتاج إلى تمويل.
على سيد (37عاما) خريج معهد إتصالات لاسكلى، متزوج وعنده 4 أولاد يعمل بائع ملابس فى رمسيس وإصابته فى العين اليسرى من طلقه نارىة أدت إلى تهتك فى الشبكية وانفجار فى العين وضمور فى العصب البصرى يوم جمعة الغضب يوم 28 يحكى على قصته فيقول: نزلت المظاهرات لأننى أحس بظلم فئات كثيرة فى المجتمع فأنا الحمد لله «مستورة» ممكن أكسب فى اليوم حوالى 50 جنيهاً ولكننى أتعامل مع فئات أقل منى فى المستوى بكثيرولن أقول أننى أتمنى أن يكون مستوانا فى مستوى أغنياء البلد، ولكننى فقط أتمنى أن يكون الفقراء مثلى وهذا مانزلت من أجله فمن يكسب عشرة جنيهات يكسب 50مثلي.
وعن يوم إصابته يقول كنا مجموعة من البائعين عند ميدان العتبة وعلمنا أن الوضع متفقم عند مديرية أمن القاهرة وضرب غاز ففكرت أن أذهب وحدى..فالإتصالات كانت مقطوعة وكنت مصمم أن أذهب للميدان..وكنت أجرى وأختبئ فى الحوارى الضيقة خلف جامع الفتح، ويضيف أنا مش بتاع ثورات ولكن الوضع لم استطع السكوت عنه، رأيت أطفالاً يضربون بالرصاص حولي.
أنا فقدت عينى والحمد لله،وعندما نزلت قلت «أولادى لهم ربنا» كنت أعلم أننى ممكن أموت ، منذ حوالى 5 سنوات وأنا فقدت إحساسى بالبلد وبإنتمائى، بدأت أحس إن مصر مش بلدى، كنت أكتب الشعر وكنت أكتبه لمصر، بلدى ولكن الحياة أخذتنا، الناس تتصارع وتغتصب حقوق الناس والفقر عامل كبير جداً.
بالفعل حياتى تغيرت بعد الثورة، أحس الآن أنى نصف إنسان، الحمد لله أنا راض بقضاء الله..وأنا لست نادماً على نزولى التحرير.
مواقف لاتنسى:
ويحكى «على» عن المواقف التى لاينساها فيقول عندما أصبت لم تكن المستشفى القريبة مجهزة فتوجهت إلى مستشفى القوات المسلحة التى استقبلتنى مشكورة وأجريت لى جراحة قفل لثقب العين وتنظيف وخياطة للجرح وتعتبر هذه الإسعافات الأولية ولكن بعدها تابعت فى مستشفى خاص ولن أقول أننى أكملت علاجى كله بدون مقابل عندما علموا أننى جريح الثورة.
وأيضا موقف لا أنساه كنت أركب ميكروباصاً، فصمم أحد الركاب أن يدفع لى عندما رأى إصابتى واننى من الثورة وبالرغم من أن المبلغ ليس كبيراً إلا أنه معنوياً كبير جداً.
حكاية أخرى «شوقى عبد الرازق» من القناطر (42سنة) يقول:أنه أحيب يوم 28 ببلية خرطوش فى عينيه فى التحرير أمام ماسبيرو، يعمل عامل نسيج بمدينة العبور، أب لأربعة أولاد..يقول اننا عانينا كثيرا أنا مثلاً مرتبى ألف جنيه واسكن فى مكان يعتبر شعبى فما بال الذين يقبضون 300 و400 جنيه كيف يعيشون، أنا نزلت إلى ميدان التحرير من أجلى ومن أجل أولادى، من أجل مستقبلهم، أتمنى ألاّ يرى أولادى ماقاسيناه..نحن لا نريد تعويضاً..فقط نريد العلاج.
عماد صلاح (28 سنة) كان يعمل ترزياً ، فى مصنع أصيب فى عينه الشمال.
يقول أنا متزوج وكان هذا مصدر رزقى وتم فصلى من عملى لأننى بعد الإصابة «لا أقدر المسافات» احساسى بأننى عالة على أسرتى ليس إحساساً جيداً، أنا لا أتحدث عن علاج ، فالعلاج مقدور عليه ولكن لابد من توفير فرص عمل لمن أصيبوا وتضرروا من إصابتهم، حتى الأن لم تقدم الدولة لنا أى تعويضات ولم تهتم بنا.
ويضيف أنا كنت ضمن المجموعة التى أمنت المتحف يوم جمعة الغضب حتى سلمتها للجيش وبعدها تم ضرب النار على أصيبت بـ 9 رصاصات واحدة أصابت عينى...«الناس دى كانت بتموتنا مش بتفرؤنا».
ساحة النقاش