لنقف ضد هذه السيدة

 

كتبت :ايمان حمزة

تنادى بشراء الأسرى كعبيد و«جوارى»هل يعقل أنه فى الوقت الذى وصلت فيه المرأة إلى منصبى رئيس الجمهورية ورئيس برلمان وفى طريقها لأن تصبح رئيسا لصندوق النقد الدولى على مستوى العالم .. كما وصلت المرأة إلى الفضاء لتدور حول الكرة الأرضية وتكسر حاجز الخوف منذ سنوات طوال.. أن نرى من ينادى بعودة الجوارى والعبيد فى نفس هذا الوقت.. عنوان قرأته أصابنى بصدمة وكان المنادون بعض علماء الدين السعوديين وأحد الشيوخ الكويتيين المتعمقين فى الدين كما جاء على لسان الناشطة الكويتية «فاطمة المطيرى» على صفحات مجلة روز اليوسف فى عددها الماضى الموافق السبت 11 يوليو والذى أجرى الحوار معها فى الكويت الصحفى عاطف حلمى كما جاء فى المجلة وكان أخطر ما صرحت به أن رجال دين أفتوا لها بأن عودة الجوارى والعبيد تجوز شرعاً .. والفكرة طرحتها حتى تحل من وجهة نظرها مشكلة تعدد العلاقات النسائية للرجال غير الشرعية فالأفضل أن يشترى جارية وتعلن أنها لابد أن تكون من أسيرات الحرب ورغم أنها صرحت أن هذا لم يعد مقبولا فى هذا الزمن لأنه يخالف القانون وأن القانون الدولى يحظره فإنها تقترح أن تلتف حول القانون بقانون فالمهم أنه يمكنه أن يتزوجها لمدة خمس سنوات وقد حددت هذه المدة لأنها تعتبرها الفترة التالية التى بعدها يصاب الرجال بالملل ويريدون التغيير.

أما المرأة التى لم تجد زوجا فعليها هى الأخرى أن تشترى عبداً وتتزوجه بالمواصفات التى تحبها وليس ما كان عليه الأمر قديما ًوفى إجابة على سؤال هل تقبلين أن يكون لزوجك جوارى أو أن تتزوجى عبدا بعد أن تملكيه قالت ولم لا .. طالما تم سن قوانين لتنظيم ذلك فالأمر ومن وجهة نظرها جائز شرعا ولا عيب فيه..

ما هذا الذى نقرؤه ؟ وهل يجوز أن يكون هذا الكلام فى عصرنا هذا ؟ صحيح أننا نجد كل يوم من يخرج علينا لينادى بعودة المرأة للخلف وسلب الحقوق التى وصلت إليها بعد كفاح طويل منها ومع مساندة الرجال المستنيرين .. فحرية الاوطان والبلدان لن تكون إلا بتحرر الفكر والعقل من التخلف والرجعية وخاصة فى حقوق أقرها الدين للمرأة ونادت بها الأديان السماوية وأكد عليها آخر وخاتم الرسل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام والرسل من قبله وحفظها القرآن الكريم على مر الزمان ليعلى قدرها ويقرر حقوقها وحقوق أولادها ويعلن أن الله خلقنا جميعاً أحراراً وينادى بعتق العبيد فى زمن كان هذا فيه أمرا طبيعياً من عهد الجاهلية.

هل يعقل ونحن ننادى بالتحضر مع الوعى بحقوقنا كبشر فإنسان كرمه المولى ونادى بآلا تهان آدميته هل يعقل أن نبيح إعادة عهد الجوارى والعبيد من أسرى الحروب .. فى الوقت الذى ننادى فيه بنبذ العنف ضد المرأة وضد الإنسان بل ضد الحيوان نفسه وبعد أن سن العالم قوانين تجريم الاتجار بالبشر ومعاقبة كل من يقوم بهذا الجرم تحت أى مسمى وكما وجدنا من أمهات وآباء يتاجرون ببناتهم ويهدرون آدميتهن بدعوى الفقر فى زيجات ابعد ما تكون عن الدين وأقرب ما تكون إلى انتهاك للدين والشرعية والعرف والقيم الاجتماعية.

لقد صدمتنى الكلمات التى لم أكن أتخيل أن أسمعها فى الوقت الذى ننادى فيه إلى العودة إلى صحيح الدين ووسطية الإسلام بعيداً عن المتشددين والمتطرفين فى كل الأديان السماوية والله منهم برئ لما يدعون .. فهم يجرون مجتمعاتهم إلى الوراء إلى الضعف بعد القوة فى زمن نحن أحوج ما نكون فيه أقوياء وفى زمن لا يرحم الضعفاء.. وقت ينطلق العالم ببلدانه نحو الرقى والتقدم وإعلاء كرامة الانسان وقت خرجت فيه أيضاً البلدان العربية تنفض الظلم عن نفسها لتتحرر من عبودية الذل والطغيان ومن أجل حريتها ضحت بأثمن ما لديها بأرواح زينة شبابها ودماء شعبها النساء مع الرجال الاطفال والشيوخ..

من أجل أن نحرر الفكر ممن جرنا إلى أسفل سافلين من الجوع والفقر فى وقت ينهبون هم الثروات وينعمون بالحريات ويشغلون مجتمعاتهم بمسائل وأمور لا تليق حتى يغيب معها العقل والفكر وتشغله بما يشده دائماً إلى الخلف والتخلف حتى نظل فى مستنقع الوحل لا نخرج منه لنعيش حياة كريمة ونفكر بعقل وفكر واعيين يعرفان معنى التحضر وقيمتنا كإنسان كرمه الخالق أيا كان امرأة أو رجلا لا فرق بينهما على السواء.

فهل ننقذ المرأة من نفسها إذا انحرفت عن العقل لتقع فى غياهب التطرف الفكرى بدعوى متطرفين فى الدين .. لتسئ إلى المرأة العربية بشكل عام والمرأة المسلمة بشكل خاص .. وللأسف مثل هذا الحدث نجد من يلغى مع ظهوره كل النماذج الرائعة للمرأة العربية .

أول سيدة رئيس لصندوق النقد الدولي

وعلى النقيض نرى هذه الصورة المشرقة لنموذج المرأة القوية المتمثل فى أول سيدة مرشحة لمنصب رئيس صندوق النقد الدولى الذى ظل حكراً على الرجال فقط .. وهى الوزيرة «كريستين لاجارد» وزيرة المالية الفرنسية التى تبلغ من العمر 55 عاما الحاصلة على دبلوم العلوم السياسية ودبلوم القانون الاجتماعى ورغم أنها محامية ضليعة ، وأيضاً مفاوضة فى عالم المال والاقتصاد ولديها خبرة كبيرة ظهرت فى الأزمة المالية والاقتصادية التى إجتاحت العالم وخاصة أزمة الديون الاوربية واليونان وتعاملها جعلها من أبرز وزراء المالية والاقتصاد الأوربيين .. فضلاً عن قدرتها على التفاوض المتعدد الاطراف .. وقد اختارتها صحيفة «الفايننشيال تايمز» اللندنية كأفضل وزيرة اقتصاد فى أوربا لعام 2009 وصدقتها جرائد امريكية أخرى بأنها من بين أفضل سبع عشرة سيدة هن الاكثر نفوذاً فى العالم.

الوزيرة كريستين لاجارد التى تجمع بين الحزم والدقة كسيدة أم لولدين وابنة لوالدين كانا يعملان بالتدريس ، كانت بطلة سابقة فى السباحة الايقاعية تحافظ على رشاقتها .. وقد تولت عدة مناصب هامة من قبل ومنها وزارات فرنسية منها وزارة التجارة وأيضاً مديرة للجنة الاستراتيجية الدولية منذ عام 2004.

وحظيت هذه السيدة التى تمثل نموذجا تفخر به وتحترمه كل النساء والرجال وبدعم دولى كبير ومنها مصر لتأتى مرشحة خلفا للرئيس السابق «دومنيك استراوش» الذى أقيل من منصبه على أثر فضيحة أخلاقية اتهمته بها عاملة بأحد فنادق نيويورك وحكم عليه قضائيا.

صندوق النقد الدولى الذى ثم تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية .. نستعرض معكم هذا النموذج المشرف للمرأة ولا ننكر وجود فتيات وسيدات مشرفات بنجاحهن وتفوقهن من العالمات المصريات والعربيات اللآتى وصلن ليس فقط إلى جوائز دولية بل عالمية من أجل صالح مجتمعاتهن والبشرية وصولا إلى هذه الأم التى تربى الأجيال على الوعى والقيم والتضحية من أجل بلدانها والتى نقف جميعا إجلالا واحتراما لها ولأبنائها وهن أمهات الشهداء فى مصر وكل مكان .. وإلى كل سيدة تتقن وتتفانى فى مجال عملها وإلى هذه السيدة الريفية التى تحمل حكمة الحياة وبساطتها وتقدم لنا بيديها الخير إلى كل مصر وفى كل مكان ولا ننسى أن نذكر بكل احترام كل أم وسيدة تعول أسرتها مع زوجها من أجل أن توفر الحياة الكريمة لأسرتها ولكل سيدة ممن تقف بمفردها وبدعم من الخالق الكريم لتعين 25% من الأسر المصرية ممن اضطرتهن الظروف والحياة بأن يقمن بهذا الحمل الثقيل بمفردهن بكل الحب من أجل أسرهن وأبنائهن .. لعلهن يعطين المثل الذى يجعل هؤلاء من القلائل من أبناء آدم وحواء يخجلون مما يخرجون علينا به من فتاوى لا تفيد بل تجرنا جميعا لمستنقع من التخلف والعنصرية لن نقبل به بعد اليوم .. ولا حتى بدعوى أننا نحجر على حرية الرأى .. فالحرية تقف عند حدود عدم ايذاء الآخرين وهذه دعوى أقل ما بها ايذاء إنسان برئ كل جرمه أنه وقع أسير حرب بين الساسة والدول .. وتتنافى مع الشرائع الدينية السماوية والقوانين الدولية المستمدة منها لمنع الاتجار بالبشر. 

 

المصدر: مجلة حواء- ايمان حمزة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,866,814

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز