«رمضان جانا»

فى لوحات تشكيلية

كتب :صلاح بيصار

ويهل علينا .. يأتى فى موعده من كل عام .. فى مثل هذا الوقت بلا تأخير أو تقديم .. هامسا كبداية الشروق .. حانيا كالندى .. يحمل الخير والنور والحب والرحمة .

شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن .. هدى للناس .. ومع الفيوضات الروحية .. تتألق فيه الصور الشعبية .. والتى تؤكد سحر الشرق الفنان مجسدة شخصية مصر وعمق حضارتها .. وتنساب ألحان السماء من مآذن وجوامع يذكر فيها اسم الله .. تتألق بالأضواء وتخفق بالابتهال مسبحة بحمده .

ومن هنا كان شهر رمضان ملهماً وباعثا على الكثير من الصور التشكيلية بطول أيامه ولياليه .. تجسد سحر الحارة من فانوس رمضان الذى شكلته يد مصرى أصيل .. فانوس الصفيح والزجاج الملون .. إلى تلك اللوحات التى تنوعت فيها لمسات فنانينا .. كل لوحة بصمة خاصة .. تشدو وتهمس وتشرق .. ترتقى بالذوق والتذوق بالحيوية والأصالة .. وتقاوم دعاوى العولمة ومعهم .. مع لوحاتهم نقول رمضان جانا .

صلاة التراويح

- ودائما تذكرنا لوحة الصلاة للرائد محمود سعيد بالجلال والخشوع والإشراق الروحى المفعم بالإيمان .. حيث ينحنى المصلون فى حالة ركوع .. مع تلك الأشكال القوسية التي تحملها أعمدة المسجد .. والمشكاه اللامعة التى تتدلى من السقف مشكاه زجاجية خفاقة بالنور .. أنها تذكرنا بصلاة التراويح .. يغلب عليها فى الأحمر الداكن .. والنور المشع من الأصفر الزاهى .

- وتطل جوامع ومآذن مصر المحروسة من قاهرة المعز .. للفنان حسنى البنانى الذى يعد أحد رموز الجيل التالى للرواد .. فى إيقاع يغلب عليه اللون الأزرق .. إيقاع ليلى بهى .. مع حركة البشر وتلاحم البيوت والشرفات .

- ويعيد الفنان عادل حسنى سيرة الزمن الجميل .. زمن صندوق الدنيا من خلال هذا الشيخ العجوز الذى يقف أمام هذا الصندوق الساحر .. والذى يتحلق أربعة أطفال يتأملون الصور ويتوحدون معه .. والشيخ يحكى : اتفرج يا سلام .. اتفرج يا سلام على عم مضان .. والتشكيل فى اللوحة يتوهج بالألوان الصداحة من الآحمر النارى والأصفر مع الأخضر الطازج .

ولفناننا حسنى لوحة «خرط الملوخية» يصور فيها سيدة وكأنها قبل الإفطار تقوم بتخريط الملوخية من أجل الفطور .. بنظرة تفاؤل بساعة المغرب والإفطار الشهى .

- أما الفنان حلمى التونى فيجسد شخصية المقرىء محمد رفعت الذى يعد أحد علامات الشهر الكريم بصوته الخاشع الرخيم فى إيقاع من الأزرق المشوب بالأخضر مع لمسة من الأحمر فى العمامة .. وقد توحد مع الخلفية بنفس الألوان مضافاً إليها الأبيض البرىء .

- ونلتقى مع الحروفية التشكيلية للفنان رمزى مصطفى فى ألوان دافئة يغلب عليها الأحمر والأصفر مع لمسات من الأزرق .. ويتردد على السطح فى تكرارية لفظ الجلالة .. فتهتف اللوحة باسم الله أشبه بالتسابيح.

رشاقة الحروف

وننتقل إلى رشاقة الحرف العربى بالأبيض والأسود فى تشكيل مسكون بالنقوش والزخارف أعلى الحروف التى تتحاور مع النقش العربى الذى يعد صورة حية للارابيسك الإسلامى .

- ويصور الفنان وديع المهدى هذا الشيخ الوقور وكأنه فى حالة قريبة من الإنتهاء من الصلاة .. وقد فرغ من صلاته رافعا يديه بالدعاء .. وتتدلى حبات المسبحة وتزدحم النقوش والزخارف من البساط المفروش والخلفية فى الحوائط .

- وفى إيقاع شفاف من الأزرق الهادىء مع الأبيض يصور الفنان وليد عونى أحد المتصوفة من المولوية الذين يهتزون من فرط الجو الروحى الذى يغسل النفس والبدن يوحى بالصفاء .. إنها فيوضات وإشراقات روحية يمتلىء بها هذا الشهر الفضيل تعيد فينا روح الحياة وحيويتها .

- وفى إيقاع صداح وجو ليلى نلتقى مع رقصة التنورة للفنان محمد الطحان وزحام من البشر فى صفوف مع المزمار والطبل البلدى والدفوف ويبدو الظلام فى خلفية اللوحة أما أماميتها من الأرضية فتشرق بالنور .. وللفنان الطحان أيضا لوحة لمقهى شعبى تجلس فيه مجموعة من الصائمين بعد الإفطار فى حالة من الأنس والمودة .

- أما الفنان على دسوقى فتطل أعماله من الباتيك أو الرسم على القماش صوراً للروح الشعبية المصرية كما فى لوحته «بائع الفول» والذى يلتف حوله الأطفال مع ألعابهم من لعبة الطوق .. وتمتلىء الحارة بالدفء والنور والألوان الغنائية وفى تكوين أخر يغلب عليه الأصفر المضىء نطل على لوحة أخرى لدسوقى .. لأطفال يلعبون «تسالى صيام» على خلفية من الأرابيسك الإسلامى .. جوامع ومآذن .. وكل عام وأنتم بخير ورمضان كريم