خاتم «الصاوى»
كتبت :تهاني الصوابي
تفوق الفنان خالد الصاوى على نفسه هذا العام مع شخصية الدكتور «سليمان العرينى» فى المسلسل «خاتم سليمان»، والذى حصل على نسبة مشاهدة عالية، واستحوذ على شريحة كبيرة من المشاهدين حيث جسد شخصية الجراح العبقرى الذى لا يهتم بغير مرضاه ولايجد الراحة والمتعة والاسترخاء إلا فى شقة العائلة بحى السيدة زينب هذا الحى الشعبى العريق، وسط البسطاء من أبناء الشعب بعيدا عن التكلف وحياة الرفاهية فى القصور والمدن الجديدة، وهى الشخصية ذات المواهب المتعددة مثل العزف على العود والغناء، وتربية الحمام الزاجل إلى درجة الولع بهذه الهواية منذ اللحظات الأولى للمسلسل.
يستحق خالد الصاوى لقب أفضل ممثل هذا العام، لأنه كسب الرهان على أحد الأعمال الدرامية ذات القيمة الفنية العالية، وأصبح أكثر نضجا وتمكنا، فكلما مرت السنوات ازدادت موهبته نضجا وأصبح أداؤه أكثر عمقا، وبالتالى استطاع أن يأخذ المكانة التى يستحقها على خريطة الدراما الرمضانية، فبعد تألقه العام الماضى فى مسلسل «أهل كايرو» يفاجئنا هذا العام بدور «سليمان العرينى» الطبيب العبقرى ابن الريف المصرى بأصالته وطيبته، كما يحمل داخله «جدعنة» أهل الأحياء الشعبية، ناهيك عن كم المشاعر الإنسانية التى يختزنها داخله، وقدرته على التفاعل والتعايش مع البسطاء من أهل الحى الذى ينتمى إليه، وكم تعايشنا وتأثرنا وتفاعلنا معه خلال تلك المشاهد ذات المشاعر والأحاسيس، وكان أبرزها تأثرا باتهام ابنته بجريمة لم ترتكبها، فكانت مشاعر الأبوة فياضة لدرجة نسى معها أنه رجل العلم والطب، وأخذ يبحث عن الحقيقة بشتى الوسائل حتى التى ترفضها عقليته العلمية فى الأيام العادية، كما استمتعنا بمشاعر الذى حرم من الحب، ثم وجده فجأة وبالصدفة، وبلا ترتيب، فنجد مشاعره البكر تفيض وكأنه مازال صبيا فى مرحلة المراهقة.
لقد أجاد «الصاوى» وإزداد أداؤه عمقا ونضجا هذا العام، ويبدو أن مشاركته شباب الثورة ثورتهم فى 25 يناير منذ الوهلة الأولى أضافت عمقا إلى أدائه المتميز فى السنوات الأخيرة، وكان المايسترو وبحق فى معزوفة الأداء الراقى لجميع الممثلين العاملين معه، وقد شاركته العزف المنفرد وبنجاح الفنانة رانيا فريد شوقى التى تفوقت على نفسها على هذا العام وكانت مفاجأة بحق فى دور الدكتورة شاهيناز التى أخذت من الطب تلك المهنة الإنسانية فى المقام الأول طريقا وسبيلا إلى تحقيق الثروات، حيث أجادت التعبير عن تلك الشخصية الشرهة لزواج المال والسلطة بعقلية تجارية وذكاء حاد وقبضة حديدية ونفس شريرة مكنتها من السيطرة على كل المشاريع التى تخدم أغراضا وتديرها باقتدار وكأنها تملك مفاتيح شخصية كل العاملين معها فى تلك المشروعات حتى زوجها، وقد أجادت فى اختيار ملابسها التى ساعدت كثيرا على إيضاح أبعاد تلك الشخصية ونجحت فى إثارة مشاعر الكراهية تجاهها من قبل المشاهد، وهو ما يعد دليلا على نجاحها وبإقتدار وعلى قدرتها فى تقمص الشخصية التى لا ترضى أن يزاحمها أحد فى النجاحات والغايات التى تسعى إليها، وقد بلغت ذروة تلك المشاهد عندما تجردت الدكتورة شاهيناز من كل مشاعر الإنسانية حتى مع ابنتها وزوجها الذى ضحت به وزجت به فى السجن رغم تأكدها من براءته، من أجل مصالحها ومشاريعها وأعمالها ووضعها الاجتماعى والسياسى.
لقد أجادت رانيا فريد شوقى تجسيد شخصية الدكتورة شاهيناز التى تركت مهنة الطب بكل ما فيها من إنسانية، لتتحول إلى سيدة أعمال لا تتورع عن القيام بأى تصرفات أو التورط فى أى فساد للحصول على المزيد من المال، وتظل فى خداع من حولها حتى زوجها وابنتها حتى يكتشفا حقيقتها، وتبدأ المواجهة وتكون النتيجة التضحية بالزوج وتعرضه للعديد من لمخاطر من حياتها وجانب اتباعها من رجال الحزب الفاسدين الذين ساندوها فى هذا الفساد.
تبقى مجموعة الوجوه الجديدة من الفنانين الشبان الذين أجادوا جميعا فى أداء أدوارهم، وقد اثبتوا أنهم أصحاب موهبة حقيقية ماكانت تأخذ فرصتها لولا غياب النجوم الكبار هذا العام، والمؤكد أن الأعوام القادمة سوف تشهد تواجدا مكثفا لهؤلاء النجوم الشبان على ساحة الدراما المصرية.
الحقيقة أن المسلسل ككل يستحق أن يأخذ مكانة متميزة بين الأعمال الدرامية هذا العام، حيث الأداء المتمكن من الأبطال والسيناريو المميز الذى يقدم العلاقات الإنسانية بشكل راق، والحوار الراقى والمتواصل والمتكامل خاصة فى مشاهد الفضفضة بالمشاعر والاحاسيس ويبقى أن يحسب للمخرج أحمد عبد الحميد أن أمتعنا بهذا العمل الفنى الرائع باستثناء الحلقة الأخيرة التى كانت تحتاج تأنىا وجهدا أكبر لتخرج بالشكل اللائق مع باقى حلقات المسلسل الأخرى.
ساحة النقاش