د. سميرة أبوزيد خبيرة الفن الخاص
كتب : صلاح بيصار
:فى 73 . طالبات النور والأمل يجسدن انتصارات أكتوبر
أفاء الخالق العظيم علي البشرية بنعم لا تعد ولا تحصي.. واختص نخبة من عباده بقدرات خاصة ومواهب تمثل المعني الحقيقي للعبقرية الانسانية .. وفي هذا الإطار هناك عظماء خلدهم التاريخ من المكفوفين مثل لويس برايل «1809 - 1852»، المولود بباريس وحرم من نعمة البصر وهو في الثالثة .. وكان له سبق اختراع طريقة سهلة للقراءة والكتابة للمكفوفين عرفت باسم «طريقة برايل»، وبذلك أضاء الطريق للملايين ll
وهناك العبقرية الانجليزية هيلين كيللر «1880 - 1968» التى ولدت كفيفة صماء وتعد أحد رموز الإرادة الإنسانية وحصلت على دكتوراه فى العلوم ودكتوراه فى الفلسفة ومن مؤلفاتها «أضواء فى ظلامى» وكتاب «قصة حياتى» .
أيضا عميد الأدب العربى د. طه حسين أحد كبار المفكرين العرب والذى فقد بصره فى الطفولة ورغم هذا دخل الأزهر ودرس بجامعة السوربون وأصبح وزيرا للتعليم عام 1950 .. ومن مؤلفاته الشهيرة : الأيام - دعاء الكروان - الوعد الحق - حديث الاربعاء وفى الأدب الجاهلى .
فى أكتوبر من عام 1973 تألقت أعمال طالبات مدرسة النور والأمل للكفيفات .. وذلك فى أشكال ومجسمات بالطين الصلصال جسدت روح أكتوبر .. ومشاهد الانتصار من العبور ورفع العلم المصرى .. وبسالة الجندى المصرى .. وكان وراء تلك الابداعات الفنانة د. سميرة ابوزيد خبيرة الفن الخاص والتى تبنت أعمال الطالبات بالمدرسة ولمدة 12 سنة عملت فيها أستاذة للفن الخاص .
ومن هنا ومع ذكرى نصر السادس من أكتوبر 73 والتى أصبحت تقترب من الخمسين عاما .. كان لنا معها لقاء .. حول تلك الابداعات الرائعة والتى جسدتها أنامل الفتيات منذ هذا التاريخ .
أكتوبر ويناير
تقول د. سميرة أستاذ المناهج وطرق تدريس التربية الخاصة: مازلت أتذكر تلك الأيام وكأنها حدثت بالأمس.. أيام انتصارات أكتوبر الذى دخل التاريخ .. ولحق به هذا العام 25 يناير والذى حمل اسم واحدة من أعظم الثورات فى العالم. كنت فى ذلك الوقت أشرف على تجربة الابداع مع طالبات النور والأمل.. حوالى 15 طالبة، بالمرحلة الاعدادية .. كان يدفعهن إلىّ الابداع حب الفن والشغف بالتعبير من خلال مجسمات الصلصال وفى الحقيقة ومع التشجيع بدأت مواهبهن تنساب بطلاقة شديدة وبلا حدود أو قيود.. وكانت لديهن القدرة على تشكيل وتجسيد صور ومشاهد الحياة اليومية بالريف والحضر هذا بالاضافة إلى الموضوعات الإنسانية مثل الأمومة والصداقة.. وألعاب الأطفال مع تشكيل التماثيل للحيوانات والطيور .. كما امتدت أعمالهن إلى كل الصور الشعبية مثل عروسة المولد.. وفى السادس من أكتوبر من عام 1973 .. عمت الأفراح البلاد .. أفراح النصر على العدو الاسرائيلى ومن هنا جاءت أعمالهن .. عشرات الأعمال جسدت روح النصر.. فى موضوعات عديدة .. من العبور والفرح بالنصر ورفع العلم .. وجموع الجنود .. كل هذا فى تنوع وثراء .. مع اللمسة الفطرية التى ميزت أعمال الطالبات .. أسماء كثيرة لهؤلاء الفنانات الصغيرات واللاتى أصبحن حاليا أمهات .. من بينهن على ما أتذكر : نادية عبدالشكور وفوزية نجيب وكريمة السيد واحلام مصطفى وصباح زكى وجيهان أنور .. رسمن المعارك الحربية بين الجنود المصريين والاسرائيليين.. وحملة التبرع بالدم وزيارة المستشفيات .. ونصب الجندى المجهول .. وكل ما انفعلن به دخل سجل التاريخ والفن.. وأصبح رمزا مضيئاً للمعدن الحقيقى للشعب المصرى ..
المتحف اللمسي
وتمتد أعمال فنانات النور والأمل الصغيرات .. وليس أجمل من تلك المرأة التى جلست على سجادة الصلاة تدعو لأبطال أكتوبر .. وهناك أعمال تشتمل على مجاميع للجنود فى لحظة العبور .. كل هذا موجود بمدرستهم حتى الآن .. وقد سجلته دراسات استاذتهم الفنانة د. سميرة ابوزيد والحاصلة على درجة الدكتوراه حول تنمية التذوق الفنى لذوى الاحتياجات الخاصة عن طريق المتحف اللمسى . ، وتشرح ذلك بقولها :
بدأ التفكير فى هذا المتحف منذ عام 1962 .. حيث كان أملى الوحيد تحقيق ذلك وقد شجعنى على هذا الدكتور عبدالحميد يونس .. وزوجى الفنان مصطفى أحمد .. إلى جانب ماكنت أقوم به من تدريب للتلميذات الكفيفات ومعايشتى لهن .. وكانت المقدمة لذلك من خلال رسالة الماجستير التى قدمتها عام 1972 وكانت حول التعرف على تصنيفات المكفوفين وأثر الخبرة البصرية على تعبيراتهم الفنية وأيضا الخبرة اللمسية .. حتى يمكن أن يكون للمتحف خلفية علمية.
وبعد مناقشة الماجستير سافرت الى فرنسا فى منحة تدريبية للتدريس للمكفوفين بالمعهد القومى للمكفوفين بباريس وبعد عودتى استمرت ابحاثى مع التلميذات الكفيفات بالمرحلة الاعدادية بالنور والأمل وفى عام 1973 قمت باصطحاب 12 طالبة فى زياردة لأول معرض من نوعه أقامته الإدارة العامة للتربية الخاصة بقاعة الغرفة التجارية بباب اللوق وشمل معروضات لجميع نوعيات مدارسها من مكفوفين وضعاف بصر وصم مع تلاميذ مدارس التربية الفكرية .. وضم أعمالا من النحت والحفر والتصوير بارز وغائر والاشكال الفنية وكانت استجابة التلميذات كبيرة.. وقد تركت تلك الزيارة فى نفوسهن أثارا حسية ونفسية .. مستخدمات حاسة اللمس .. وكانت الزيارة الثانية للمتحف المصرى حاولت خلالها توضيح القيم الجمالية للفن المصرى القديم.. ومن هنا جاءت فكرة المتحف اللمسى والذى توخيت فى تصميمه الطابع الدائرى لسهولة التجول مع قاعات العرض وتهيئة الدخول والخروج ببساطة شديدة...
كل التحية والتقدير للفنانة د. سميرة أبوزيد صاحبة التجارب العديدة مع الكفيفات .. وكل الأمل فى تحقيق الوسائل الفنية التى تساهم فى الارتقاء بالذوق لتلك الفئة من أبنائنا وبناتنا من ذوى الاحتياجات الخاصة
ساحة النقاش