أكتـوبـر العظيـم وملاحم الفن التشكيلى
كتب :صلاح بيصار
سوف يظل السادس من أكتوبر من عام 1973 علامة فارقة في تاريخ مصر الحديثة بعد أن عبر الجيش المصري الهزيمة وتحطمت الأسطورة عند الظهر في الساعة الثانية.. أسطورة الآلة العسكرية الاسرائيلية علي يد جنودنا الأبطال وقيادة الرئيس السادات بطل الحرب والسلام .. وفي هذا أكبر تأكيد علي قوة الارادة والعزيمة المصرية.. وحاليا يدرس أكتوبر العظيم في أكبر الأكاديميات العسكرية بالعالم .. وسوف نظل نحتفي به كل عام.. ونحتفي بجيشنا البطل.
ولقد كان الابداع التشكيلى المصرى سباقا فى التعبير عن هذا الحدث الذى أثر فى وجدان الأمة وأعاد لها ثقتها .. والذى أذهل العالم أجمع .. فكانت تلك الملاحم التى خرجت من الطابع التسجيلى إلى معنى الفن .. فى تعبيرية تليق بمصر النصر والكرامة .
المنتصر
وليس أجمل من لوحة الفنان حامد ندا «المنتصر» والتى تعد ملحمة تشكيلية بديعة صور من خلالها جوادا تمتطيه أسرة مصرية من الأب والأم والأبناء.. كتب على جسده «المنتصر» وخلفه.. رجل وامرأة آدم وحواء محفوفان بكتابات تغنى لنصر أكتوبر نقرأ فيها : الرئيس السادات والنصر والجيش المصرى وافريقيا والأمة العربية.. وفى خلفية اللوحة ذات الأفق الأزرق الهادىء .. تطل شمس فى الأفق علامة على النور والنهار الجديد وكائن بعينين مفتوحتين من فرط النور والتوهج مع العتاد والذخيرة من الدبابات .
أما تمثال الفنان جمال السجينى «العبور» فيمثل مساحة عميقة فى النحت المصرى الحديث مثلما يمثل السجينى العلامة الثانية بعد مثال مصر مختار.. وقد شكله الفنان السجينى ببلاغة فى الرمز.. جسد فيه مصر بهيئة امرأة بوشاح يتطاير فى الهواء أشبه بمظلة لهؤلاء الجنود البواسل والذين يشقون المياه لحظة العبور من الهزيمة إلى النصر .. والمرأة هنا تشير بيديها الى العالم أجمع .. تتحدث عن نفسها وعن استعادة الكرامة.. يداها مفرودتان تخرج على التشكيل وتساهم فى حيوية الايقاع مع البارز والغائر من تلك النغمات التى تموج بها السطوح النحتية مع الفراغات التى تتفاعل مع الضوء مما يخفف من كثافة الكتلة .
الحروف وشموخ الجنود
ولقد جاءت أعمال الفنان يوسف محمد سيدة من خلال المزج بين الحروف والكلمات وبين الأطياف والعناصر التشخيصية .. لغة تشكيلية جديدة.. يسمو فيها الحرف ويبتهل وينثنى معانقا الرموز والشخوص .. بالإضافة إلى هذا المزج الرمزى من عناصر من الفن المصرى القديم.. تأكيدا على تواصل الحضارة المصرية .
وقد قدم سيدة لوحة حول نصر أكتوبر تعد واحدة من أجمل أعماله جعلها أغنية لروحه الوطنية واشتياقه للنصر.. فذابت الحروف والكلمات مع الجنود والطيور التى تعد رموزا للغة المصرى القديم.. وكأنها تجدد سيرة الانتصارات المصرية من أول التاريخ .. وإذا تأملنا الكتابات نطالع تلك المعانى التى توحى بقوة العزيمة والنصر والبسالة المصرية وبطولة الجنود .. كما تتألق الخطوط على حواف اللوحة أشبه بإطار يزينها .
تحية إلى يوم النصر.. يوم أكتوبر وإلى لمسة تألقت وعبرت إلى آفاق البطولة والاستبسال.
نــاصـــــر .. يــاحريــــة
قد يتفق البعض حول شخصية الزعيم جمال عبدالناصر .. وقد يختلف البعض الآخر .. لكن لا يختلف أحد على أنه واحد من زعماء مصر مصر والعالم فى القرن العشرين.. و صاحب ثورة 1952 التى قادها مع الضباط الاحرار.. وهى ثورة نادت بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. مثلما نادت ثورة 25 يناير 2011 .. وقد حرر المجتمع المصرى من الاستعمار وانصف العامل والفلاح وجعل التعليم حقا للجميع .. كما ساهم فى كل الحركات التحررية فى العالم.. حتى قال عنه الشاعر نزار قبانى .. قتلناك ياجبل الكبرياء .. وآخر قنديل زيت يضىء لنا فى ليالى الشتاء .. وآخر سيف من القادسية .. قتلناك بكلتا يدينا .. وقلنا المنية .. لماذا قبلت المجىء إلينا .. فمثلك كان كثيرا علينا .. وفى مثل هذه الأيام من كل عام تحتفل قاعة بيكاسو بالزمالك بذكراه وقد رحل عن عالمنا فى 28 سبتمبر من عام 1970 .. وذلك من خلال عيون الفن.. وقد عبرت الفرشاة والأزميل عن روح الزعيم من خلال مجموعة من الصور الشخصية «البورتريه» وقد صوره الفنانون : سمير فؤاد وعبدالعال ومحمد حجى والتونى وبهجورى وغيرهم كل بلمسته واحساسه كما صوره الفنان حامد عويس الذى رحل عن دنيانا الاسبوع الماضى وسط ابناء الشعب المصرى .. ولاشك أن صورته الشخصية بلمسة الفنان صبرى راغب تمثل حالة خاصة .. صور فيها مساحة من البهاء والجلال والنضارة.. وهناك أعمال أخرى جسدت انجازات ناصر الثورة والحرية والعمل والامل ومصر الرخاء والخير والسد العالى كما نرى فى اعمال الفنانين : مصطفى الرزاز وعز الدين نجيب وكمال يكنور .. وتبقى أعمال الفنان رائد فن الباستيل محمد صبرى علامة على تلك الاحداث السياسية والتاريخية مثل لوحته التى صور فيها جمال عبدالناصر يخطب فى الأمم المتحدة أمام زعماء العالم.
ساحة النقاش