ابنى بيحب

كتبت:سمر عيد

دخلت علي ابنها غرفته فوجدته منهمراً في البكاء وكأن لديه مأتما، تاركا مذاكرته الكمبيوتر الذي يعشقه وكأن كارثة حلت به فسألته ما بك يا حبيبي؟! فأجاب : لقد تركتني رانيا يا ماما، فقالت مندهشة : من رانيا ؟! فقال لها: الفتاة التي أحبها، وهنا وجدت نفسها في حيرة شديدة خاصة وأنه لايزال في الخامسة عشر من عمره لذا كانت تنظر إليه كأنه لايزال طفلا يلهو بالألعاب الالكترونية فتري كيف تتعامل معه ؟!

هذا السيناريو وغيره يكرر كثيرا فى بيوتنا، فعلى الرغم من أن هناك أسراً تحرم الحب على الفتاة وعلى الفتى إما بدافع التدين والالتزام الدينى أو بدافع التقاليد والعادات إلا أن أغلبية الأسر المصرية تسمح للولد أن يفعل ما يشاء بينما تحرم على الفتاة الحب أو الارتباط العاطفى خوفا عليها.

وهو ما تحدثنا عنه هناء محمود ربة منزل قائلة : إننى فى مأزق حقيقى مع ابنى فهو فى سن المراهقة وهذه المرحلة هى مرحلة خطر فى حياته وابنى (يحب كل يوم واحدة) ويأتى كى يحدثنى أنه يحب هذه وإنه عندما يتخرج سيتزوج بتلك وكل يوم تحدثه عشرات الفتيات على التليفون وعلى هاتفه المحمول وأنا لا أعرف كيف أفهمه أن الحب فى مثل هذه السن غير ثابت وغير مستقر وإن كل هذه العلاقات ما هى إلا علاقات عابرة وسوف تنتهى .

أبي أقرب لي

ويقول محمد أحمد - طالب فى الثانوية العامة - أنا أفضل أن أحكى مع أبى عن مشاكلى العاطفية فهو أقرب لى بينما تهتم أمى بأختى أكثر وتتحدث معها فى كل شىء فأجد التوجيه الحقيقى من أبى الذى وجهنى للصواب حين أقمت علاقة عاطفية مع فتاة بالثانوية العامة وكنت أكاد أن انزلق معها إلى ما لا يحمد عقباه لولا توجيهات والدى الذى أفهمنى خطورة ذلك .

الولد الشنكوتي

وترى ميرفت مروان مهندسة إن الأمهات اللواتى يفرحن كثيرا عندما يبدأ أولادهن الذكور بمغازلة الفتيات وإقامة علاقات معهن يخطئن كثيرا لأن الولد الشنكوتى الشقى تكون نهايته سوداء وقد مررت بتلك المشكلة عندما التحق ابنى بالجامعة كنت فرحة به حين بدأ يحب هذه الفتاة ويغازل تلك كدت أن أطير من الفرحة لكنى وجدت أن الأمور سوف تتطور معه وسوف تصل إلى الزواج العرفى من إحدى الفتيات وعندها تنبهت أن الولد يحتاج إلى توجيه وإلى رعاية وإلى شرح للعلاقة بين الرجل والمرأة مثله مثل الفتاة لأنه قد يقع فى كارثة من جراء هذا الحب.

بنات الناس مش لعبة

وتقول إحسان مختار -ناظرة مدرسة - لقد فصلت الأولاد عن البنات فى الفصل خلال المرحلة الاعدادية حيث يمر الطرفان بمرحلة المراهقة وفيها يحدث ميل طبيعى بين الولد والبنت الأمر الذى يحتاج لتوجيه خاصة أن الولد فى مجتمعنا يشعر أنه حر وأنه لا يوجد شىء يعيبه مهما فعل لذلك أحاول أن أفهم الأولاد أن هؤلاء البنات قد يكن أخواتكن أو أقاربكن فهل تسمح لأختك أن تقيم علاقة مع بنات؟!! بنات الناس مش لعبة.

الحب حرام

وتقول مها أنور محاسبة : أنا أرى أن الحب فى غير اطار شرعى حرام وقد يقود إلى علاقة محرمة لذلك أشرح لابنى طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة وما هى حدودها وإلى أين يمكن أن تأخذه علاقات الحب وأنه إذا ما سمح لنفسه بالإعجاب بأية فتاة فإنه يكون بذلك قد فتح بابا للشيطان كى يدخل منه إليه ليقوده إلى معصية أكبر ومن هنا أبدأ فى إشعار ابنى بالخوف من الله ومراقبته فى كل الأحوال والظروف وأفهمه أن قلبه شىء ثمين ومشاعره شىء غالى وعليه لابد أن يحتفظه لزوجته التى سوف تشاركه أفراحه وأطراحه وتكون معه فى السراء والضراء وسوف تصبح أما لأولاده هذه الفتاة هى فقط التى تستحق مشاعر ابنى وليست أية فتاة أخرى .

صغير علي الحب

وتشير رنا عبدالرحمن مدرسة بإحدى المدارس الخاصة إلى أن الشباب فى سن المراهقة يتباهون بمن يعرفنهم من الفتيات ويظهر كل شاب أمام أصدقائه من يعرفها وهذه أفعال أطفال وليست أفعال ناس ناضجة والولد المراهق يكون مهيأً للحب حتى ولو عاشه كوهم لأن هذه هى طبيعة المرحلة والمشكلة أنه لو صدم فى هذا الحب ربما يشكل له ذلك عقدة نفسية فيما بعد ويبدأ فى معاملة الفتيات بقسوة وتتكون لديه عقدة نفسية من النساء تصاحبه طيلة حياته .

الكبت يولد الانفجار

وتؤكد الدكتورة نورا رشدى - أستاذ الخدمة الاجتماعة - أن الكبت يولد الانفجار وتقول : من الخطأ الكبير أن امنع ابنى أن يحب ولكن على أن أعرف من يحب وما هى حدود العلاقة بينه وبين من يحب لأنه فى سن المراهقة تتكون العقد النفسية وفى هذه السن يحب الولد بكل مشاعره وأحاسيسه فإذا حرم تكون كارثة فعلى الأم أن تقف إلى جوار ابنها وتوجهه وتوضح له حدود العلاقة أما إذا منعته من الحب فسوف يصر عليه وكما يقولون الكبت يولد الانفجار.

التكنولوجيا سهلت الحب

وترى د. رحاب أحمد أستاذة بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة إن التكنولوجيا والاتصالات قد سهلت الحب كثيرا على الشباب فأصبح كل من يريد ارسال جواب غرامى يرسله بالبريد الالكترونى أو «SMS» على الموبايل وتقول أهم شىء ألا امنع ابنى من الحب وأن انمى عنده الوازع الدينى وأن أشرح له طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة وأعرفه حدود الحب فى مجتمعنا، وأن أشرح له المعلومة وأبسطها له وأن يعرف منى المعلومات أفضل من أن يعرفها من الانترنت أو الأصدقاء ويجب ألا أتعامل مع ابنى بنفس الطريقة التى كان يتعامل بها أبى وأمى معى ومع أخى لأن الزمن قد تغير، وأنا أنصح الأمهات بإلحاق الابن الشاب بنشاط رياضى يخرج طاقته فيه حتى لا يكون لديه وقت للحب ومغازلة الفتيات، وعندما يأتى إلى ابنى كى يخبرنى أنه يحب لابد أن أبدأ معه بالاقناع وأقول له هل لديك شهادة كى تتقدم لهذه الفتاة ؟! هل لديك عمل كى تفتح بيتاً وتنفق على هذه الفتاة ؟! هل أمامك مستقبل محدد وشىء تود الوصول إليه حتى ترضى بك هذه الفتاة ؟!

وإذا كانت الإجابة بلا .. فعليك عمل كل ذلك كى تستطيع أن ترتبط بمن تحبها فى المستقبل.

الأب دوره أكبر

وتقول الدكتورة إيمان صبرى أستاذة علم النفس ووكيله كلية الآداب جامعة الفيوم : إن هناك أمهات يقبلن بحب الابن ولا يقبلن بحب البنت لأن حب البنات يجلب لهن العار على حدود وصفهن أما حب الابن فهو دليل على أنه قد أصبح رجلا وهذا يتوقف على مجموعة عوامل تتوفر فى الأم .. إيمانها الشخصى بالحب وهل هذا الولد وحيد أم لا .. هل هى متمسكة بالتقاليد والعادات .. هل تزوجت زواج صالونات أم زواج عن حب .

وإذا تكلمنا عن حب المراهقين فهو غالبا ما ينته بالفعل وهو حب بلا ثقل وبلا خبره وفى هذه المرحلة يميل المراهق إلى الارتباط بفتاة من مثل سنه وهنا يصبح العبء على الأب أكبر من الأم لأن الولد يستحى أن يحكى لأمه ولكنه لا يستحى أن يحكى لأبيه وهنا يبرز دور الأب فى توجيه الابن وإفهامه حدود العلاقة بينه وبين أية بنت يحبها أو يرتبط بها.