لست خائفة من شيء ما

كتبت :ايمان حسن الحفناوي

عكس كثيرين يصيبهم القلق والخوف الآن من النتائج التي شاهدناها للجولة الاولى في الانتخابات التشريعية المصرية، فأنا لست خائفة أبدا بل سعيدة بروح الحماسة التي دبت في جسد كاد أن يموت. النتائج رصدت لنا تقدم حزب الحرية والعدالة ثم حزب النور مما جعل كثيرون ينادون بضرورة توحد الكتلة المصرية والثورة لخلق توازن في القوى مع التيار الإسلامي. وبنظرة متأنية لما يحدث، وإذا ابتعدنا قليلا عن الصورة حتى نرى بشكل أفضل، سنلاحظ أن المناقشات في الشوارع والبيوت أخذت شكلا صحيا جدا كنا نصبو إليه منذ زمن بعيد، حتى أن البسطاء صاروا يتساءلون، ماذا سيحدث إذا حسمت الأغلبية للتيار الإسلامي؟ وما هي الكتلة؟ وما هو بالضبط حزب الثورة؟ ولماذا يقولون أن حزب الوفد لم يحقق نتائج مرضية؟ الناس شاركوا في الصناديق، بعضهم ذهب من أجل تجنب تغريمه بالخمسمائة جنيه، وكثيرون ذهبوا ليشاركوا فعلا، منهم من ذهب ليختار إنسانا بعينه يدرك أنه سيحقق أمنياته، ويثق في أدائه، ومنهم من تم إقناعه بأشخاص معينين، ومنهم من ذهب لا لشيء إلا ليشعر أنه يمتلك صوتا وصوته له قيمة. ولابد أن نفهم التركيبة النفسية للناخب خاصة في هذه الدورة ذات الطابع الخاص جدا، فالناخب هذه الدورة كما اتفقنا إما مدرك تماما لما يفعل، وأما مدفوع برغبة شديدة في المشاركة وأما وسيلة لبعض المرشحين، أمامنا إذاً ثلاث فئات، الفئة المدركة بعد إعلان النتائج انقسمت نصفين، نصف سعد جدا بالنتيجة لأنها جاءت موافقة لإرداته، والقسم الآخر انزعج بشدة لأنه حتى وإن توقع أغلبية للتيار الإسلامي إلا أن التوقع شيء والواقع شيء آخر، هذه الفئة بدأت تنشط في محاولة لتحقيق التوازن في المراحل القادمة، وهو ما يؤكد أننا فعلا نمارس مباراة ديمقراطية رائعة. أما الفئة الثالثة فهي التي جاءت كوسيلة للمرشحين شعرت أنها أدت ما عليها وانتهى الأمر. نأتي للفئة الثانية وهي الأهم هنا في تشريحنا النفسي للناخب المصري. هذه الفئة اندفعت بحماسة للمشاركة لذلك لم يكن يعنيها بقدر كبير دراسة من تختارهم في سبيل أن تشارك، وهي نفس الفئة التي تقف الآن وتتساءل لأنها شعرت بعد إعلان النتائج بالمسئولية وبأنها مشاركة في أي شيء يمكن أن ينهض بالمجتمع أو يرجع به للوراء، لذلك فهذه الفئة هي أكثر الفئات التي تتساءل الآن عن مستقبل الديمقراطية ومستقبل مصر. ومن السؤال يبدأ طريق البحث والمعرفة، ومن المعرفة تبدأ نواة الوعي السياسي، ومن كل هذا يعاد بناء المصري الذي لم يكن يهمه إلا لقمة العيش وترك أمور دينه ودنياه لآخرين يعبثون بها كيفما يشاءون. المشهد ساخن وحماسي وجميل، الشباب يتابعون على الانترنت وحتى على الفضائيات كل ما يبث اليهم من برامج ومقالات تتناول هذه القضية،الجدية صارت تطل برأسها على ادمغتنا... اليس هذا جميلا؟. نأتي الآن لشكل النتيجة للمرحلة الأولى. وقبل أن نتطرق إليه فلا ننكر أبدا أن ما قالته الصناديق هو راي الانسان المصري حتى مع رصد بعض التجاوزات، ومن الديمقراطية الحقة أن نرضى باختياراتنا ونهنئ الفائز، ونشد على أيدي من لم يحالفه الحظ في هذه الجولة أن يجتهد أكثر ليحقق ما يريد، التيار الإسلامي حصد الأغلبية في هذه الجولة. ما المشكلة؟ لماذا الخوف والقلق الذي المسه من كثيرين؟ الإخوان المسلمون، السلفيون، العلمانيون، الليبراليون.. كلهم أعضاء في جسد مصر الغالي، ولن أقول المسيحيون لأنني أرفض التقسيم العجيب لمسلم ومسيحي فالكلام هنا عن الفصائل السياسية فقط،وعندما نقول التيار الاسلامي ايضا فنحن نتكلم عنه هنا في قالب السياسة وليس الدين. والانتخابات لم تنته بعد ولا نعرف لمن ستحسم. لكن أيا كانت النتائج فأنا أرى أن القلق شيء مبالغ فيه، لماذا؟ لأن المصري خرج من القمقم وأدرك أنه يستطيع أن يحقق ما يريده، ويمكنه الضغط بمطالبه، ولن يقهر بعد اليوم على شيء يرفضه،والواقع أمامنا يؤكد ذلك فمن خرجوا لميدان التحرير مطالبين بالدكتور عصام شرف "وله منا كل الاحترام" هم أنفسهم من خرجوا بعد ذلك لنفس الميدان يطالبون باقالة وزارته. وهذا لا يعيب دكتور شرف ولا يعيب المصريين أنهم اختاروا ثم عدلوا عن اختيارهم لأنهم لم يلمسوا ما صبت إليه نفوسهم من مطالب لم يتم تحقيقها. لذلك فالمصري خرج واختار، وسوف يوافق على اختيار الأغلبية وسوف ينتظر تحقيق مطالبه التي لو لم تتحقق بالقدر اللائق ستحفزه ليخرج ويناضل ويطالب ولن يعود بيته قبل ان تتحقق بعون الله ثم قوة إرادته. المسألة محسومة جدا وواضحة جدا جدا. هناك مشاكل كثيرة أكثر من أن نحصيها في انتظار المجلس القادم، وعليه أن يحلها أيا كانت خلفيته الايديولوجية.. ذكرنا هنا على صفحاتنا بعضها وما زلنا نرصد ولن نتوقف. أولها المشكلة الأمنية وليست المشكلة الاقتصادية آخرها.. ولا أتصور أن يخون الذكاء من سيتحملون العبء الثقيل أن يلتفتوا لملابس الانسان وكيف يكون طول الثوب قبل أن يطعموا من يلبس هذا الثوب ويشعرونه بالأمان في بلده.. ولا أتصور أيضا أن من استطاع ان يخطط وينظم بذكاء وروية وحكمة ليصل لقبة البرلمان ان يكون ابلغ امانيه حجاب المرأة ومنع الاغنيات ومصادرة روايات نجيب محفوظ، فهذه اشياء لا يبدأ بها حكيم.. أيضا لا أتصور أن يصل تيار آخر للأغلبية مثلا فيصبح كل هدفه تحقيق حرية المرأة في البيكيني.. القضية اكبر من حجاب واكبر من بيكيني واكبر من هذه الأشياء.. ومن اختارناهم طالبناهم بالكثير الذي يقع في جوهر ولب المشكلة.. لقمة العيش الشريفة وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء كرامة الانسان التي سقطت من كثيرين في رحلة القهر والذل وقبل كل ذلك تحقيق الامن الذي ذهب ولم يعد.

لا تخافوا من أي فصيل سياسي فكلنا خدم للحق وخدم لمصر وخدم للحرية. وفي القول المأثور"قد تدوم الدولة مع الكفر لكنها لا تدوم مع الظلم" لذلك فالهدف الاكبر لنا جميعا بكل خلفياتنا السياسية ان نحقق العدل اولا لتنهض بلدنا وسيوفقنا الله لو خلصت النيات

 

المصدر: مجلة حواء -ايمان حسن الحفناوي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 650 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,727,875

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز