الهجرة النبوية دعوة للهجرة

إلى الحق والعدل

كتبت :أمل مبروك

لم يكن يوم الهجرة أول المرحلة الحاسمة في تاريخ الإسلام فقط ، بل هو فوق ذلك كان فاتحة عهد جديد في تاريخ البشرية عامة، فالإسلام في مكة كان ديناً بلا دولة، وحقا بلا قوة، أما أن هذه الهجرة المباركة كانت - في الوقت نفسه - مفتاح سعادة للبشرية كلها، فذلك أمر يعرفه كل من عرف الأسس الجديدة التي قامت عليها دولة الإسلام الناشئة.

- يشير فضيلة د. أحمد عمر هاشم - عضو مجمع البحوث الإسلامية - إلى أنه قبل الهجرة النبوية لم يكن المسلمون يمثلون شعباً، كانوا مجرد أفراد يمتازون بصفاء عقيدتهم وطهارة أخلاقهم يعيشون في قومهم شِبه غُرباء، ليس لهم في قيادة المجتمع قليل ولا كثير، ولكن الله صان شجرة الإسلام الطيبة بصوان من عنايته، فأخذت ترسخ أصولها وتمتد فروعها : (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ).

وهكذا برهنت دعوة الإصلاح - بمقاومتها لهذه العواصف والأعاصير - على أنها خلقت للبقاء والخلود، وأثبتت صلاحيتها للانتقال من حقول التجارب الضيقة في مكة، إلى فضاء الأرض الواسعة، وإلى الآفاق العالمية الإنسانية.

فكان يوم الهجرة إلى المدينة، إيذانا بأنه قد آن للحق المستخفي أن يستعلي وللحريات المكبوتة أن تتنفس، وللعدالة المضيعة أن تقف على قدميها، وأن تمسك ميزانها بيديها، وللجماعة المستضعفة الخائفة أن تتبدل من خوفها أمنا، ومن ضعفها قوة، فأصبح اسم الله يذكر من أعلى المنابر، بعد أن كان يذكر سراً أو نجوى، وأصبح لأنصار الحق دولة، بعد أن كانوا قليلاً مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس... وهكذا كانت الهجرة المحمدية فاتحة عهد رشيد في تاريخ

الجماعة الإسلامية

وعلى المستوى الدولى فالدولة الإسلامية الناشئة - وهى دولة دينية في منابعها وأهدافها - قامت على احترام حرية الأديان جميعاً. مادامت لا تستعمل أساليب العنف في دعوتها.. وكفلت الحريات العامة في العبادة، والعقيدة، والتعبير عنها لأنصارها ومعارضيها على السواء، فذلك مثالٌ فذّ في التاريخ، لم نعرفه إلا في دور الإسلام.

هذا الفتح الإنساني الجديد، إنما جاء به التاريخ الهجري ، وها هو ذا فتح آخر أعظم منه، جاءت به هذه الدولة الدينية الناشئة نفسها، ذلك أنها أسست من أول يوم فكرة " الوطن " بأدق وأحدث معاني هذه الكلمة.. فالوطنية في قاموس المدنيات الفاضلة هو مبدأ يؤاخى بين سكان البلد الواحد، من مختلف الأجناس والعناصر، والأديان والمذاهب، النزلاء منهم والمستوطنين، ويقف بهم جميعاً أمام قانون العدالة على قدم المساواة ، في جميع الحقوق والواجبات القومية، هذا المبدأ المثالي الذي يحلم به أنصار الإنسانية العالمية، والذي لا يزال دون تحقيقه في عصرنا هذا، شوطٌ بعيد، حتى في أشد الدول تحمسا له، وأكثرها زهوا وافتخاراً بمبلغ تقدمها في الحضارة .. هذا المبدأ المثالي جعله الإسلام حقيقة ماثلة في غداة الهجرة الكريمة، فلأول مرة في تاريخ الدول الدينية، رأينا في المدينة المنورة أمة واحدة متآخية، تضم في أحشائها العربي والفارسي، والرومي، والحبشي، وغيرهم، وفيهم المسلم والوثني، واليهودي والمسيحي والمجوسي، شعارهم جميعاً تحت راية الإسلام: "الدين لله ، والوطن للجميع".

أما الهدية العظمى، والنعمة الكبرى، التي منحتها السماء لأهل الأرض على إثر الهجرة النبوية، والتي لم تظفر البشرية بمثلها من قبل ولا من بعد، فإنها تتمثل في الدستور الجديد، الذي جاء به الرسول المهاجر - صلى الله عليه وسلم - فقد كان التشريع في مكة يهدف إلى ثلاثة مقاصد هى : إصلاح العقيدة وتحديد بعض رسوم العبادة، وإرساء القواعد الأولية لمكارم الأخلاق، ولاسيما في السلوك الشخصي.. ذلك أنه منذ الهجرة تشعبت وجوه النشاط اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ودينياً ، فجاءت التشريعات الجديدة وافية بكل هذه الحاجات، فضلاً عما أضافته إلى المقاصد المكية من تفصيل وتحسين وتكميل، وهكذا لم تغادر مجالا للنشاط العملي أو الفكري في الحقائق العليا، إلا فَصَلت فيه بين الخير والشر والحق والباطل "في نصوص وقواعد، وهي في الوقت نفسه غاية في المرونة والمواءمة للظروف الإنسانية في جميع بيئاتها وعصورها.

هذا قبس من أنوار الهجرة المشرفة، وليتنا هذه الأيام بالذات نعود إلى الاغتراف من ينبوع دستوره الخالد في كل شئوننا, وتصرفاتنا ونقتدي برسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ونوحِّدَ صفوفنا، ونضاعف جهودنا، ونجمع كلمتنا لمواجهة المخاطر والتحديات ، وما أحوجنا أن نسعى نحو الخير، وأن نكون متعاونين في وجه من يريد بنا الشر والفتنة. وما ذلك على الله بعزيز.

أنا والزواج

- أنا فتاة عمري 23سنة، تعرفت على شاب بالهاتف، وصار بيننا إعجاب في الأفكار والآراء، وبعد فترة تم اللقاء، وزاد الإعجاب يوما بعد يوم, وصارت اللقاءات تزداد, والآن لنا أكثر من 3 سنوات نلتقى ، وأريد أن أطلب منه أن يتقدم لخطبتي والزواج فما هى الطريقة والسبيل لفتح الموضوع معه؟

ر . م . د - ليسانس حقوق

- يقول فضيلة الشيخ محمود عاشور - وكيل الأزهر الأسبق - للسائلة : لا ننصحك بفتح الموضوع معه مباشرة، وحبذا لو وجدت من محارمه من تساعدك فى ذلك وتظهر له إعجابك به وثنائك عليه، ونتمنى أن يكون مازال مهتما بموضوعك وراغبا في الارتباط بك، لأن عدم عرضه الزواج عليك ربما يدل على أنه لايفكر فيه ، وليس هناك داع للقلق، فإن الرجال كثر والأمور تجري بقضاء الله وقدره.

والحقيقة أنك لم تظهري حدود تلك العلاقة، وهل كان الأهل على علم بها أم لا؟ وما هي أهداف تلك العلاقة؟ وما هي البدائل المتاحة أمامك؟ وهل تتوقعين السعادة مع هذا الرجل؟ وهل تبتما من تلك العلاقة التي لم يكن لها غطاء شرعي؟ وهل وهل ... أسئلة كثيرة أتمنى أن تسأليها لنفسك قبل محاولة إكمال المشوار، لأنها سوف توضح لك معالم الطريق.

وإذا كان الشاب لا يزال يرغب فيك، فعليه أن يطرق باب أهلك وأن يطلب يدك بطريقة رسمية، والإسلام حريص على هذا الأسلوب لأن فيه حفظا لكرامة المرأة، والرجل الذي يأخذ الفتاة عن طريق أهلها يحترمها ويقدرها..ولا يخفى عليك أن الإسلام لا يقبل بأي علاقة بين المرأة والرجل إلا في إطار الزوجية، وأن هذا الدين أباح الخطبة، وهي لا تبيح للخاطب الخروج بالمخطوبة ولا الجلوس معها إلا في حضور محرم، ومن خلال الخطبة يحصل التعارف بين الأسر ثم يتم الزواج بعد ذلك، والخطبة علاقة شرعية معلنة.

ومن هنا فنحن ندعوك إلى عدم إقامة أي علاقة مع رجل إلا وفق الضوابط الشرعية، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به

المصدر: مجلة حواء -امل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 772 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,457,477

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز