وزيرة التأمينات الاجتماعية
د. نجوي خليل:زيادة المعاشات يناير القادم
كتبت :ماجدة محمود
تصوير :محمد فتحي
التَّفاؤل، التشاؤم طبيعة بشرية، قد يتفاءل إنسان رغم كل الظروف المحيطة به خاصة كانت أم عامة، وقد يتشاءم بلا أسباب أو مبررات، لكن في النهاية هناك سمات شخصية تجعل من شخص متفائلاً وآخر متشائماً، وهذا ما لاحظته عندما هاتفتها مهنئة، وردت، أنا متفائلة!، وعندما سألتها. ألم يعترض الزوج أو الأبناء علي توليك حقيبة وزارية في هذه الظروف خوفا وقلقا؟ عرفت أنها لم تنجب، وزوجها أحد مصابي أبطال حرب أكتوبر، لم تمنعه الإصابة عن العمل حتي الآن فهو المسئول عن صندوق قروض مصابي الحرب التابع للقوات المسلحة، وكان بالنسبة إليها المشجع والدافع لتولي المسئولية، لأنه إذا امتنع هذا وذاك، فمن الذي يتحمل مسئولية الوطن في هذا الوقت الفارق.
لهذا قَبلت حقيبة وزارة التأمينات الاجتماعية، وهي من الوزارات الخدمية، شديدة الحساسية، لأنها تتعامل وتستهدف بشكل أساسي فقراء مصر البالغ نسبتهم 40%، أصحاب المعاشات والتأمينات، الذين ضاعت أموالهم وسط الزحام والبالغة (196) ملياراً!!
د. «نجوي خليل» الباحثة الاجتماعية سابقاً، ووزيرة التأمينات حالياً. لديها الكثير من الخطط العاجلة لتنفيذها علي الأرض. فماذا عنها؟
لكن دعونا أولاً نتعرف علي أسباب تفاؤلها رغم العملية الانتحارية المقدمة عليها..
التفاؤل من سماتي الشخصية، بالإضافة إلي إيماني بمبدأ إن «المحبط لا يفعل شيئاً»، وإلي جانب أن التفاؤل من مبادئي، وطبعى، لكنه تفاؤل يشوبه القلق والحذر تفاديا لأي خطأ، خاصة في ظل الظروف والمتغيرات التي يعيشها المجتمع في مؤسساته، سلوكياته وقيمه العامة. هذا من ناحية كما إنني مهتمة باحتياجات ومشكلات المجتمع منذ عملي بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية والوزارة معنية بالفقراء والمهمشين، وقامت بمجهودات بشأنهم منذ وزارة «د. علي المصيلحي»، د. جودة عبدالخالق وما قبلهما أيضاً. وهو ما يدعوني للتفاؤل لأنني أضع أمامي الإيجابيات ثم أقوم بالبناء، وأتفادي السلبيات من أجل مصلحة هذه الفئة..
ما هو سبب قبولك الحقيبة الوزارية في ظل ظروف صعبة وحكومة مرفوضة؟
- الأزمة الاقتصادية، وخدمة مجتمعى، واهتمامي بالفئات الفقيرة، كلها أسباب دفعتني لقبول التكليف، إلي جانب أن المجتمع يمر بتغيرات في السلوك والقيم، وإعلام جعل الشارع حذراً من كل شيء. بداية من المسئول وحتي رجل النظافة بالشارع. واعتبر كل متحمل لمسئولية مقاتلاً وانتحارياً نظرا للهجوم الذي قد يلحق به، والملاحظ أن القيم والسلوكيات التي كانت تحكم الشارع والإعلام لم تعد موجودة.. ربما بسبب سقف الحرية المرتفع؟ وأيضاً، لأن الناس ظلت مكبوتة، لفترة طويلة بدون حريات مما جعلهم مندفعين، يلقون بالتهم علي المسئولين ولا ينتظرون النتائج، وهذا ما يحدث الآن مع د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء الذي يرفضونه رغم خبرته وفكره الاقتصادي ورغم أنه جاء بالفعل للإنقاذ كما يطلق علي حكومته وهو ما طالبنا أن نعمل... من أجل تحقيقه، ولهذا بدأت فورا مشاوراتي مع مسئولي الوزارة ووضعنا خططاً قصيرة الأجل ستنفذ سريعاً بمعدل خطة كل شهر لتكون هناك نتائج ملموسة.
l سيادة الوزيرة.. النتائج الملموسة تتطلب العمل علي الأرض، فالدراسات والخطط والأوراق لا تحقق نتائج واقعية وملموسة؟
- معك حق.. وفعلاً نحن سنتحرك علي الأرض. وستكون انطلاقتنا من الأسر الفقيرة والأولي بالرعاية.
أموال التأمينات المهربة
أول تصريح لسيادتك قلت: «سأعمل علي رفع المعاشات للأسر الأكثر فقراً» وفعلا علمت أن البداية ستكون مع راتب شهر يناير القادم. فما صحة ذلك؟
- معلومة صحيحة مائة بالمائة، سترفع الدخول الضئيلة والمعاشات البسيطة بكل أنواعها، فهذه الفئات أكثر الفئات احتياجا للاهتمام والرعاية وها نحن نعمل علي الأرض كما طالبت، كي نتفادي حدوث ثورة جياع، حيث كان متوقعاً حدوثها الفترة الماضية، فمصر لا تحتمل قيام ثورات أخرى.
إذن لابد من معرفة مصير أموال التأمينات البالغة «196» مليار جنيه والتي لا يعرف أحد، أين ذهبت؟
- لن أترك أي تجاوز أو سلبية دون مراجعة أو محاسبة، وأموال المعاشات تخرج من وزارة المالية، وهناك تنسيق بيني وبين وزير المالية، فقط نحتاج وقتاً لأن كلينا لم يتسلم عمله إلا منذ أيام، وأؤكد أن أصحاب المعاشات لن يضاروا إلي حين استرداد الأموال المهربة خارج مصر، وننجح كحكومة في الحصول عليها، وقتها سيحدث رواج في الدخل والموارد، وتزيد الخدمات، أما الآن وفي ظل مواردنا نقدم المتاح، ونسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو الهدف الأساسي لحكومة الإنقاذ الوطني، بالإضافة إلي بتر الفساد الذي يعوق المجتمع ومؤسساته عن تحقيق التنمية الفعلية، والاعتناء بالفئات الفقيرة وإعطاء مسكنات لتقديم الخدمات العاجلة.
ما المسكنات العاجلة لفقراء مصر، المقدر نسبتهم وفقاً للاحصاءات بـ 40% والذين يعيشون تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم؟
- الصناعات الصغيرة وتنشيطها أولي خطوات العلاج لتحقيق دخل ثابت للأسرة مع تنمية قدراتهم، أيضاً القروض الصغيرة والتي سترفع من خمسة إلي سبعة آلاف جنيه، والتي يتم سدادها علي عامين بفائدة 7% غير مركبة، تخصم منها 4% في حالة الالتزام بمواعيد السداد ولأن الأسر والشباب ملتزمون بنسبة 100%، فالنسبة تكون بسيطة، والمستفيدون من المشروع «30» ثلاثين مليون أسرة..
«الأرامل، والمطلقات» أيضاً أولي بالرعاية: فماذا عن حمايتهن، ومتي تنتهي رحلة العذاب الشهري للمطلقات مع بنك ناصر؟
- نحن بصدد دراسة حالات المطلقات، وتنفيذ أحكام النفقة ووضع ضوابط للتعامل مع البنوك لحمايتهن. وأعود وأكرر، إنني لم أتسلم عملي إلا منذ أيام قليلة.
هناك اقتراح بأن تمنح المطلقة، الأرملة، المعيلات لأسرهن، والفئات الفقيرة فعلا كارنيهات مجانية للمواصلات العامة، توفيراً للنفقات اليومية، وأيضاً يصرف لكل أسرة يومياً «عشرين رغيف» خبز مدعم، ونكون بذلك أنجزنا عملاً علي الأرض لا يحتاج خططاً أو دراسات أو قرارات فوقية؟
- اقتراح عظيم، وعملي، نشكر «حواء» عليه أعدك بتنفيذه، وكما تحدثنا قبل الحوار أعلم أن الإعلام «ترمومتر» المجتمع، ناقل لآلامه وآماله، وبالفعل نحن بحاجة للعمل معاً.. فأنتم عيوننا التي نري بها.
العشوائيات وثورة الجياع
العشوائيات. قنابل موقوتة، ما المرتبة التي تحتلها في أجندة سيادتك، وهل سيكون هناك تعاون مع بيتك الأول «مركز البحوث الاجتماعية والجنائية» للاستعانة بدراساته في حل هذا اللغز وتحجيم سلبياته؟
- العشوائيات نعمل عليها منذ الثمانينات، ويوجد مركز بحوث للدويقة تديره د. سعاد عبدالرحيم أستاذة بالمركز، عهد إليها د. علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي الأسبق إدارة المركز موفرا ميزانية جيدة له، وجميع من يعمل بالمركز لا يدخر جهدا في تقديم الاقتراحات الفعلية لتجنب انفجار هذه القنابل. مستمرون ولن توقف لكنها من المشاكل التي تحتاج لحلول آجلة وعاجلة في آن واحد..
الجمعيات الأهلية، من الملفات الشائكة، ما السبل للتعامل معها خاصة مع ما يتردد من اتهامات حول تمويل أجنبي وأمور أخرى؟
- الملف بالفعل شائك جدا، خاصة وأن عدد الجمعيات كبير جدا، بالإضافة إلي أن كل هذه الجمعيات أو الغالب الأعم منها لا يقوم بدوره، كما ينبغي، هناك مخالفات علي بعضها، وسلبيات في الأداء علي البعض الآخر، ولهذا نقوم الآن بالتحضير لتطوير وتنمية هذه الجمعيات، والوقوف علي دور كل منها لتحديد عمله علي أرض الواقع، مع المراقبة والمتابعة، وبانتظار نتائج التحقيق التي تجري الآن مع بعضهم بسبب الاتهامات الموجهة إليها بالتمويل الأجنبي، وعدم الالتزام بالنشاط المحدد في التصريح المرخص لها..
وما الإجراء الذي سيتخذ ضد هذه الجمعيات إذا ثبتت إدانتها؟
- لا أريد أن أسبق الأحداث.
أقول إذا أثبت التحقيق إدانتها بوجود فساد، هل سيتم سحب الترخيص الخاص بهم؟
- سيتم استبعادهم، وشطب اسم الجمعية نهائياً، إذا ثبت أنها أدت دورها بطريق غير قانونية، خارجة عن إطار الالتزام والانضباط بقوانين الجمعيات الأهلية.
ما حدث يدفعنا للمطالبة بتشديد الرقابة الحازمة والحاسمة مع هذه الجمعيات؟
- هناك وقفة جادة، ورقابة مشددة بآليات قانونية، سيتم تطبيقها ومحاسبة غير الملتزم بأهداف جمعيته أو من يجنح عن الطريق الصحيح. فعدم الرقابة والمساءلة هي من وضعت بعضهم في قفص الاتهام.
وهذا يدفعني للسؤال عن دور الجمعيات النسائية. المنوطة بالدفاع عن قضايا المرأة والتي أصيبت بالسكتة الصوتية، وتركت المرأة وحيدة بلا مساندة؟
- هذه ملاحظة جيدة، فالمرأة التي كانت من أوائل من خرج للثورة أصيبت في مقتل بعد الثورة، والغريب أن الجمعيات النسائية كان صوتها خافتاً، رغم خروج بعضها للمطالبة بحقوق المرأة السياسية، ومن بينهم شخصيات نسائية بارزة، وقيادات لها وضعها، وأعتقد أن الفترة القادمة ستشهد حراكاً جيداً في هذا المجال.
وداعاً للأربعة جنيهات
ألم يحن الوقت للنظر بجدية في نظام الخدمة العامة لخريجات الجامعة من الإناث، وخريجي الجامعة من الذكور ممن لا يؤدون الخدمة العسكرية، خاصة وأن مكافأة الـ أربعة جنيهات تدعو للتعجب والسخرية؟
- هي فكرة مطروحة أيضاً، وبدلا من تنازل الشابات عن مكافأة الخدمة العامة والامتناع عن الذهاب لأدائها، خاصة أن مبلغ الـ أربعة جنيهات مقرر منذ تطبيقها . ودفعتي الجامعية كانت أول من طبق عليها هذا النظام، وكنت أتنازل عن الأربعة جنيهات شهرياً، ولا أذهب لأدائها.
هناك اقتراح آخر أود أن أطرحه علي سيادتك: لماذا لا تُفعل الخدمة العامة بحيث نطرح هدفاً قومياً وليكِن «الأمية» يلتف حوله خريجو الجامعة، من ناحية يشعرهم بالانتماء للوطن، ومن ناحية أخري نحل مشكلة الأمية التي هي سُبّةَ في جبين مصر؟
- اقتراح رائع، يضم لاقتراحك السابق والخاص بالفقراء، وأضيف عليه أن من يقم بمحو أمية عدد معين من السيدات والرجال، يتم تعيينه بشكل نهائي في إحدي الوزارات وفقاً لمؤهله الجامعي، وبهذا نخلق روح التنافس والجدية في الأداء.
ألتقط الكلمة الأخيرة للدكتورة «نجوي خليل» وأقول لها أننا بحاجة فعلية للجدية في أداء كل شىء، لأنه بالجدية سيدور دولاب العمل وتتحقق التنمية الاقتصادية التي ننشدها دعما للاستقرار
ساحة النقاش