الثروة البشرية.. مستقبل مصر!
كتبت :نبيلة حافظ
ما أحوجنا الآن إلى التفاؤل والأمل.. إنهما طوق النجاة لنا جميعاً.. والجسر الذى سينقلنا من الماضى المؤلم إلى المستقبل المشرق.. وأنا واحدة ممن يستمسكون بالأمل.. ولدى قناعة راسخة بأن قوة الأمل من صلابة قوة الإيمان بالله عز وجل.. وقد حثنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- على نبذ التشاؤم والتمسك بالأمل. لذلك وجدت فى كلمات د. مصطفى السيد - أستاذ الكيمياء الحيوية بمعهد جورجيا للعلوم والتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية - فى إحدى الندوات التى تحدث فيها عن مستقبل مصر بعد ثورة 25 - وجدت فى كلماته آمالاً كبيرة تنتظرنا فى المستقبل القريب بإذن الله.. لقد قال هذا العالم الكبير إن مصر تمتلك ثروة هائلة أغلى من البترول.. ثروة تؤهلها للتقدم والوقوف جنباً إلى جنب مع الدول العظمى.. والثروة التى تحدث عنها د. مصطفى هى الثروة البشرية.
- نعم الإنسان المصرى ثروة.. وفى تاريخ الأمم تتفاوت الثروات بين الدول، فمنها من يملك ثروات طبيعية ومنها من يملك ثروات بشرية، ومنها من يملك الاثنين معاً. والتاريخ يؤكد على أن الثروة البشرية هى الدائمة، أما الثروات الطبيعية فهى متغيرة وقد تنضب. ونحن - والحمد لله - نملك الاثنين معاً، ولكن السؤال الذى كان مطروحاً طوال العقود الماضية، ماذا فعلنا بهما؟!.. هذا السؤال سوف يسأله الله عز وجل لكل من تولى أمرنا.. وكل من أوصلنا إلى هذا المنعطف الخطير الذى نحن فيه الآن!!..
كلمات د. مصطفى السيد جعلتنى أسترجع الماضى قليلاً وأتذكر السياسات الخاطئة للنظام السابق، والذى فشل فى استغلال الموارد البشرية الاستغلال الأمثل، بل جعل الزيادة السكانية هى الشماعة التى يعلق عليها تخلفنا وتدهور وتدنى حياتنا المعيشية، لدرجة أننا أصبحنا نعيش ونحيا على المنح والمعونات من دول العالم!!..
- ولكن بعد ثورة يناير، كل شىء تغير وتحول - وسبحان مُغير الأحوال . الآن فقط علينا أن ننظر إلى ثرواتنا البشرية بكل فخر وتقدير لأن الله عندما يهب دولة ثروات بشرية فهذه نعمة كبيرى.. إذا أحسنا صقلها وتوجيهها فى الاتجاه الصحيح. وكل الدول التى أحرزت تقدماً على مستوى العالم ركزت على ثرواتها البشرية مع ثرواتها الطبيعية. ومشكلة الدول النامية أنها تنظر إلى ثرواتها البشرية على أنها طاقة عاطلة لا أمل فى استغلالها، وبالتالى هى عبء ينبغى التخلص منه عند أول منحنى فى الطريق، وهذا ما كان يحدث فى الماضى، وعلى أيدى مبارك وحكوماته المتعاقبة طوال الثلاثة عقود الماضية.
فلقد كانت الزيادة السكانية المعلن عنها هى أننا نزيد 13 مليوناً كل عشر سنوات، وهذا معدل طبيعى إذا ما قورنت بباقى الدول النامية.. ولكن كان هناك إصرار من النظام السابق على استخدام النمو السكانى كفزاعة لنا، وكنوع من الإرهاب النفسى، وكأداة لخلق أزمات مجتمعية واهية نغُشّ ونغرق فيها.. ليس هذا فحسب، بل ليتم التعتيم على المليارات التى تهدر فى برامج فاشلة لمشروعى تحديد النسل وتنظيم الأسرة.
ولأننا أخذنا على عاتقنا ترك الماضى بكل ما فيه، علينا إن ننظر للحاضر والمستقبل فقط، وقراءة المستقبل تقول لنا إن ثروة مصر البشرية سوف تزداد لتصبح «160» مليوناً فى عام 2050 .. قد يكون الرقم مخيفاً.. ولكن من المفترض الآن ألا نخاف.. وألاَّ نرتعش من هذه الأرقام، لأن كل شىء تغير بداخلنا وأصبحنا أكثر تفاؤلاً. الآن فقط علينا أن نعى الدرس جيداً وننظر حولنا لكل من كان فى ظروف مماثلة لظروفنا.. ننظر إليهم ونتعلم من تجاربهم.
والأمثلة من حولنا كثيرة.. هناك الصين والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا.. وتركيا.. ولتكن الهند وتجربتها أمام أعيننا الآن.
الهند التى تعداد سكانها مليار ومائة مليون، استطاعت أن تغزو العالم فى مجال تكنولوجيا المعلومات بطاقاتها البشرية وهى طاقة لا تنضب، وبها أصبحت تدر أموالاً طائلة بالعملة الصعبة لخزينة الدولة.
لقد آن الآوان لأبناء مصر الشرفاء من العلماء والباحثين لكى يخططوا لمستقبل مصر القادم، المستقبل الذى يصنعه أبناء الوطن.. ثرة مصر الحقيقية.. عليهم أن يضعوا الخطط اللازمة لاستغلال كل هذه الثروة الاستغلال الأمثل، لأن فى مصر عقول ومواهب وسواعد وقدرات لا يوجد مثيل لها فى العالم.. كل ما تحتاجه نفض الغبار عنها وتوجيهها إلى الطريق الأمثل.
ساحة النقاش