ماذا لو عاد بك الزمن..

هل تتزوج زوجتك؟

 

طتب :طاهر البهي

لم نطرح السؤال بغرض استعداء الأزواج ضد الزوجات، لكن قصدنا به فتح النوافذ علي أفكارهم وآرائهم، حتى نكشف عن خبايا وأخطاء زوجية تفسد الحياة الأسرية.. والأهم والأجمل هو ما الذى يجعل الرجل غير راض عن حياته الزوجية، وهو الذى طالما عاش الأيام والليالي يتمني أن يجمعه بزوجته، وقت أن كانت فتاة، أحلامه عش زوجية يظلهما بالحب والمودة والسكينة .. ولعلنا نكون نجحنا في فتح خزانة الأزواج بهدف إصلاح ما أفسده الدهر .. و"الملل الزوجي"!

تامر.. محامٍ مرموق منذ سبعة عشر عاماً - أثمر زواجه من السيدة التى أحبها، بل وأدمن حبها، كما يصرح لنا

عن شاب وجيه من أجمل وأروع ما يكون، وهما على أعتاب دخول الجامعة .. استمع إلى سؤالى بابتسامة رائعة كشفت عن أسنان بيضاء أنارت وجهه الأسمر، وكما فاجأه السؤال، فاجأنى هو بأن طلب منى الذهاب معه إلى المقهى المفضل لديه الذى اعتاد الجلوس عليه فى الحى الهادئ. وبحسب تعبيره إن إجابته على السؤال تتطلب "حجرين شيشة قص لمساعدته على الاسترخاء وتذكر أيام لا تنسى!

الحب الأول

وفى ركن قصى من أركان المقهى المتسع قليل الرواد، جلس الرجل يصنع دوائر من الدخان، ويحكى عن قصة حبه وزواجه من رفيقة دربه قائلاً:

إننى لو كنت سألته هذا السؤال قبل زواجه من السيدة زوجته لما فكر لحظة فى الإجابة؛ حيث إنه كان يرى أن فراقهما يعني بالضرورة فناءه، ولكن مع مرور السنوات تشتت الحب وخبا قليلاً مع ضغوط الحياة، ولم تعد النظرة الرومانسية هى المتحكمة فى الحياة اليومية، مع كبر الأبناء عاماً بعد آخر، اكتشف أنه أصبح يعيش من أجل أسرته وليس من أجل الاستمتاع بقرب الحبيب، وحدث خلال هذه الفترة أن فوجئ ذات يوم بسيدة تدخل عليه مكتبه المعروف، بعد أن حقق نجاحات وأصبحت الصحف تستعين بآرائه القانونية وتتناول قضاياه التي حقق فيها نجاحاً، ولم يكن صعباً أن يتعرف عليها من النظرة الأولى...

إنها زميلته السابقة في كلية الحقوق والتى كانت السبب فى القضاء على حلمه بالالتحاق بهيئة تدريس الجامعة، فقد خطفت منه المنصب بعد تحقيقها لمرتبة أعلى فى السنة النهائية للكلية ورغم وجود استلطاف وانجذاب بينهما، إلا أنها تعالت عليه حين ساعده والده المحامى المخضرم على تجاوز الأزمة واستطاع أن يثقله كمحام واعد ... أفاق من ذكرياته ومن جرحه الغائر وهو يرحب بها، ويقول فى صدمة إنه لا يعرف لماذا شعر بارتياح عندما لم يجد خاتم الزواج بين أصابعها، رغم أنه لا يفكر فى التخلى عن زوجته التى أحبها بصدق ووقفت إلى جواره فى رحلة الكفاح حتى صار واحداً من أنجح نجوم مهنته، يقول إن زميلته السابقة كانت ترتدى ثياباً غاية فى الرشاقة، وما لفت نظره أن ألوان هندامها كانت نفسها الألوان التى يفضلها!

كما كانت ترتدى غطاء للرأس بعد أن وضعت له رابطة غاية فى الرقة، ومع كل هذا كان أول ما قالته له: أنت لا تزال تتمتع بأناقة تحسدك عليها النساء، و«زغزغ» كلامها قلبه، حتى تراقص كعصفور يبحث عن لحظات الحرية.

وانطلقت تتكلم رابطة بين الماضى والحاضر، وكيف تتابع أخباره وتحسد زوجته عليه .. يصف وقع الكلمات بأنها كانت تدغدغ مشاعره، وتشعره بالتحليق فى عالم ساحر أجمل ما فيه أنه يشعره بقيمته .. بخصوصيته .. بأهميته .. بكوينونته .. إنه لا يزال رجلاً جاذباً للاهتمام...

أفكار شيطانية

يرتشف السحابة البيضاء من فنجان القهوة بصوت مسموع، وينظر إلى دائرة صغيرة تكونت فوق فوهة الفنجان .. ثم نظر إلى قائلاً:

دعني أعترف لك بأن ساعتها دارت فى رأسى أفكار شيطانية .. لم أفكر أبداً -حتى هذه اللحظة - فى الارتباط بها، أو الخوض فى مغامرة من تلك التى يطلقون عليها "أزمة منتصف العمر"، بل ما دار فى رأسى هو ما جئت تسألنى عنه: هل لو عاد الزمن كنت أغير مسار حياتى وأرتبط بهذه الإنسانة التى تهتم بمظهرها وأناقتها وأنوثتها، وتشعرنى كم أنا مهم ومفيد ومرغوب فيه، أم أتزوج الحالية التى حافظت على وعلى أسرتنا من عواصف كثيرة هددتنا بالانكسار وأتغاضى عن رائحة الثوم والبصل وساعات الصمت القاتلة؟!

وبنظرة تحد ومكر مشروع قال: اعذرنى لن أجيبك عن سؤالك لأننى بصراحة أهرب من التفكير فيه، وإن كنت حسمت أمرى بألا أستجيب للقرب من هذه السيدة ..

أما لو عاد الزمن .. لا أعرف ماذا كنت سأفعل يقيناً!

ربنا يخليها

«سالم» .. 48 سنة - طبيب - قبل الجلوس على كرسى الاعتراف: لو عاد بى الزمن كنت سأتزوج من زوجتى، لأنها ابنة عمى، ومنذ أن كان عمرى خمس سنوات أو ست سنوات كنت أسمع من الأهل أننا الأنفع والأنسب لبعضنا، وبصراحة أنا لا أتخيل نفسى بعيداً عنها، ففيها كل الصفات التى يبحث عنها الزوج: تخاف على، كما أنها مدبرة جيدة للأمور المنزلية، وجميلة .. ربنا يخليها..

«خالد» .. 51 سنة: أن سؤالك يخطر على بالى كثيراً، فكلما تشاجرت مع زوجتى أتذكر تلك الفتاة التى كنت مرتبطاً بها قبل تعرفى عليها، وكانت الفتاة - حبى الأول- تتمع بطيبة زائدة، ولكن مع كل خناقة بينى وبين زوجتى يلح هذا السؤال، وأتساءل هل كنت سأصبح أسعد حالاً لو كان والدها سمح لى بالزواج منها ولم يغال فى طلباته، ولكن أصارحك، هذا التفكير الشيطانى يختفى تماماً حينما تعود الابتسامة لزوجتى!

صلاح.س: كلما تحدثت عن عملى عما ألاقيه من متاعب، أفاجأ بزوجتى تتركنى وتذهب لأعمالها المنزلية، كما أننى كثيراً ما أشعر برغبتى فى الحديث فى السياسة أو الشئون العامة، لكن زوجتى تقول لى «إحنا هنتكلم سياسة؟!»

وهى أيضاً ترفض مشاركتى فى أية هوايات، وكثيراً ما يخطر على بالى هذا السؤال: هل أنا تزوجت من الزوجة المناسبة؟

انفصالنا حالياً شبه مستحيل، لأننى لا أريد تشريد أولادنا أو أن تصيبهم أمراض نفسية .. لكن آه لو عاد الزمن!

طول عمرى كنت أرى أننى أحسنت اختيار الزوجة، وأنه «مفيش أسعد من كدة»، وحتى تبدلت زوجتى، وأصبح لاهم لها سوى الحديث فى الهاتف «اتكلم براحتك»، و «قعدة النادى» وأهملتنى تماماً فى الوقت الذى أحتاج فيه لأحد يكلمنى .. يسمعنى .. ينصحنى، ولكن السيدة زوجتى أصبحت تشعر بأهميتها وتفوقها بعد أن تبوأت منصباً محترماً فى جهة رفيعة، وأصبحت تهرب من صحبتى معها فى الأماكن العامة، لأننى أصبحت دون المستوى .. لو عاد بى الزمن لتزوجت من سيدة منزل ترعاني وتفتخر بى.

تخونوه...

ويعلق الأستاذ الدكتور ممتاز عبد الوهاب أستاذ الطب النفسى المعروف:

الخيانة الزوجية من الموضوعات الحساسة والشائكة التى يجب على الطبيب النفسى أن يتعامل معها بحذر وحرص شديدين من أجل إنجاح العلاقة الزوجية بين طرفين، يحاول كل منهما إيجاد الحجج والأعذار وإلقاء المسئولية على الطرف الآخر واتهامه بأنه السبب فى تدهور العلاقة الزوجية، فهناك الخيانة بالحديث فى التليفون وقد تكون هناك بعض المقابلات الخارجية.

وقد تصل إلى درجة علاقة كاملة مع شخص واحد أو مع أشخاص عدة مختلفين.

وفى أحيان كثيرة يكون هناك زواج سرى أو علنى ولا شك أن الرجل يميل بطبعه للخيانة أكثر من المرأة، فالرجل متعدد المشاعر يميل إلى تعدد العلاقات، بينما المرأة أحادية المشاعر إذا أحبت فهى فى الأغلب مخلصة لحبها لأقصى درجة، وقد يجد الرجل متعته الجنسية مع أى امرأة، أى أن الجنس بالنسبة له شئ مادى، أما المرأة فالجنس عندها مرتبط بالعواطف.

الهروب من الزوجة

ويروى الأستاذ الدكتور ممتاز عبد الوهاب، بشكل آخر من أشكال هروب الأزواج من بيت الزوجية، فها هى قصة مدير عام بإحدى المصالح الحكومية ويبلغ من العمر السادسة والخمسين، متزوج وله ثلاثة أبناء، زوجته كما يقول شرسة الطباع حادة اللسان وهو رجل متدين وملتزم ويراعى الله فى عمله وفى أسرته وقد أفنى عمره فى الإخلاص لأبنائه وزوجته على الرغم من سوء معاملتها له، فهى مهملة فى مظهرها .. تفقد الحنان والحب واللمسات الجميلة حيث إنها نشأت فى أسرة مفككة فقدت الأب وهى صغيرة تزوجت أمها وتولت الجدة تربيتها التى كانت قاسية فى طباعها، فورثت عنها الجفاء والشدة فى المعاملة وعندما تزوجت تراها ترفض العلاقة الزوجية في كثير من الأحيان وتتعلل بأية حجة للهروب منها، كما أنها تسىء لزوجها مما أصابه بضعف الرغبة وأصبح يتفادى وجوده معها فى مكان قدر الإمكان هرباً من لسانها اللاذع.

له صديقة وزميلة فى العمل متزوجة وتبلغ من العمر خمسين عاماً ولكنها لا تزال محتفظة بجمالها وتحافظ على مظهرها وأنوثتها، فهى ترتدى البنطالونات والبوديهات، بدأت تتردد على مكتبه وتتكلم معه وبدأت تحكى له عن ظروفها وعن إهمال زوجها لها، وعدم اهتمامه بها وأنها تمتلك طاقة عاطفية كبيرة وهى محبطة فى زواجها، وبدأ التقارب بين الاثنين وبدأ يشعر بالحب يغزو قلبه وقد حاول طوال الوقت جاهداً أن يحافظ على العلاقة فى حدود الدين والأخلاق وألا يتورط معها فى علاقة آثمة خوفاً من الله وخوفاً من الفضيحة، وقد تردد على العيادة النفسية، حيث إنه يعانى من القلق بسبب هذه العلاقة، فهو أصبح يخرج كثيراً وفى كل مرة يبحث عن حجة جديدة، كما أنه دائماً ما يكون متوتراً وخائفاً وهو معها، خوفاً من أن يراه أحد يعرفه أو يعرفها مما يورطه فى مشاكل كثيرة، وهى تخطط للزواج منه وتقنعه بأن تطلب الطلاق من زوجها وهو يحاول التملص منها ولكنها لا تتركه فى حاله، فهى تلاحقه فى التليفون وفى العمل، وهو يميل لها يرغبها ولكنه يخشى من تبعات الزواج منها خصوصاً على الزوجة والأبناء.

وقد تم توجيه النصح لزوجته لاحتواء الزوج، وبالفعل ازدادا اقتراباً، وهو يحاول الآن إنهاء علاقته بالسيدة الأخرى عن طريق عدم الرد على تليفوناتها والهروب منها فى العمل ويحاول أن يفهمها أنه عاد إلى أسرته ومنزله وأن ما حدث بينهما كان مجرد نزوة.

المصدر: مجلة حواء - طاهر البهي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 668 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,697,009

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز