مقعد تحت قبة البرلمان!
كتبت :نبيلة حافظ
أدهش المصريون شعوب العالم فى تجربتهم الانتخابية الأولى بعد ثورة 25 يناير.. وسبب اندهاش العالم بهم أن هذه التجربة لم يمارسها الشعب المصرى من قبل ذلك.. فهو لم يعاصر انتخابات حرة ونزيهة طوال العقود الماضية.. ولم يكن مسموحاً له بهذا القدر الكبير من الحرية والديمقراطية لكى يختار عن رضا وقناعة.. والمهم فى هذه التجربة أن الشعب المصرى خرج بكل حب وحماس ليمارس حقه الانتخابى.. خرج فى ظل تحديات كبيرة وتحذيرات انطلقت من الداخل والخارج لتفزعه وترهبه من المشاركة.. أصوات لغربان يريدون حرق هذا الوطن ولكن جاءت الانتخابات بفضل الله رائعة وجميلة لتخبت أعداء الوطن وتخيب آمالهم وتهزم أحلامهم.
وفى قراءة سريعة لهذه التجربة علينا أن نفرح.. ونحمد الله عز وجل على نعمته علينا بما حققناه فى هذه الانتخابات.. فلقد كانت الانتخابات رائعة وناجحة بكل المقاييس فى مراحلها الثلاث. مشاركة قوية من الشعب المصرى.. فهم ووعى وإدراك تام عند الاختيار.. فلم يعد ينطلى على هذا الشعب الاساليب العقيمة فى شراء الأصوات من جانب المرشحين.. ربما كانت الثورة هى السبب الرئيسى فى انتشار هذا الوعى الانتخابى.. ولكنها ليست السبب الوحيد.. فإحقاقاً للحق لعبت الفضائيات المصرية جميعها دوراً فعالاً فى توعية الناخبين، كل فضائية لعبت دورها بالشكل الذى تراه.. المهم أن النتائج كلها انصبت فى صالح العملية الانتخابية وجاءت النتائج المبهرة للعالم.. مشاركة قوية وواعية من المصريين.. وسلبيات قليلة وطبيعة لا تخلو منها أية انتخابات أخرى تجرى فى باقى دول العالم.
وباستقراء التجربة الانتخابية بعد انتهاء مراحلها الثلاث كان هناك عدد من المعطيات الملفتة للأنظار.. والتى تبدو غريبة علينا كمجتمع مصرى يحبو نحو الديمقراطية.
وربما كانت مشاركة عدد من ذوى الاحتياجات الخاصة فى الترشح لانتخابات مجلس الشعب مثار اهتمام الجميع وهى خير دليل على المناخ الذى نعيشه بعد ثورة يناير والذي يترجم مساواة جميع ابناء الشعب المصرى فى الحقوق والواجبات حتى وإن كانت هناك اعاقة بدنية.. فهذه الإعاقة لن تقلل من قدراتهم ولن تفقدهم حقوقهم فى المشاركة السياسية بالمجتمع.
وترشح أكثر من خمسة مرشحين لعضوية مجلس الشعب تعكس روح التحدى والثقة والقدرة على الانجاز والعطاء.. فمثلاً نورالدين حسين - طالب كلية الآداب بجامعة القاهرة.. فاقد البصر.. والذى يعتبر أصغر مرشح تقدم للانتخابات الماضية لم تمنعه إعاقته البصرية عن المشاركة ورسم أحلام المستقبل القادم.. فهو يجد إهمال وإقصاء له ولمن فى مثل ظروفه من المجتمع المحيط به.. لذلك قرر المشاركة وهو لديه يقين أنه لن ينجح.. ولكن بقيت المشاركة من وجهة نظره هى محاولة لجذب أنظار المجتمع بكل فئاته له وللملايين غيره من أصحاب الاعاقات.
كذلك كان مصطفى كمال - فاقد البصر - ففى مشاركته صدفة قوية ضد النظام السابق الذى تعمد أن يجعل أصحاب الاعاقات فئة مهمشة لا دور ولا حقوق لهم بالمجتمع.. وبنفس المنطق خاضت تغريد عبدالرحمن - مدرسة لغة انجليزية بمدرسة المكفوفين ببنى سويف - فاقدة للبصر - الانتخابات لتتبنى قضايا أصحاب الحالات الخاصة وتحاول إيجاد حلول لهم على أرض الواقع.
هذه بعض النماذج التى خاضت التجربة الانتخابية.. والتى لم تمنعها الاعاقة عن المشاركة.. ولكن للأسف لم تنجح التجربة.. ولم يجد واحد من هؤلاء مكاناً له تحت قبة مجلس الشعب فى دورته القادمة.. والسؤال الآن من يتبنى قضايا 8 ملايين معاق فى مصر؟!.
أليس من حقهم أن يكون لهم مقعد داخل مجلس الشعب لكى يتبنى قضاياهم ويدافع عن حقوقهم؟.. ألم يحن الوقت لكى نعطى هؤلاء ما يستحقونه من الرعاية والاهتمام؟!..
كل هذه الاسئلة مطروحة على المجتمع ولكن تبقى الإجابة الأهم مسئولية المجلس العسكرى.. الذى بيده الآن مقاليد الحكم فى البلاد.. وكل ما نرجوه الآن من السيد المشير طنطاوى حينما يشرع فى اختيار أعضاء مجلس الشعب المعينين أن يكون حريصاً على أن يكون من بين هؤلاء فرد أو أكثر من أصحاب الحالات الخاصة.. فهذا الاختيار واجب مقدس تجاههم!!..
ساحة النقاش